تقارير

"أوكاموتو الياباني".. مقاتل من أجل فلسطين

تقول تجربة أوكاموتو، إنك ببساطة لا تستطيع أن تهزم الشخص الذي لا يستسلم  (أنترنت)
تقول تجربة أوكاموتو، إنك ببساطة لا تستطيع أن تهزم الشخص الذي لا يستسلم (أنترنت)

لا يزال مطلوبا للحكومة اليابانية رغم بلوغه 73 عاما من العمر، وتتضارب الأنباء والروايات حول مكان مكوثه في لبنان.

 

من الجيش الأحمر إلى فلسطين

وجد طالب علم النبات الياباني، كوزو أوكاموتو، أو "أحمد الياباني" المولود عام 1947 لعائلة من الطبقة المتوسطة، نفسه مجندا في "الجيش الأحمر" الياباني وله من العمر 24 عاما. 

تلك "المنظمة الثورية" المتفرعة من "الحزب الشيوعي" الياباني التي أخذت على عاتقها مهمة مساندة كل الشعوب المضطهدة في الأرض وإشعال ثورة عالمية ضد الظلم والقهر الذي تمارسه القوى الاستعمارية والإمبريالية في هذا العالم.
 
وقد حازت قضية فلسطين على اهتمام وانتباه هذه المنظمة، فتوجه عام 1971، ثلاثة يابانيين إلى بيروت للقاء "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" من أجل إقناع قيادتها بالتحاق مجندين يابانيين للقتال في صفوفها، في لحظة حولت بعض التنظيمات الفلسطينية إلى تنظيمات أممية.

 

عندما سُئل في المحكمة اللبنانية، عن سبب وجوده في لبنان بشكل غير رسمي وعن سبب استعماله لجواز سفر مزور، أجاب: "بعد قيامي بعملية اللد ظننت أنني أصبحت مواطنا عربيا لي حق الإقامة في أي قطر عربي. أما اعتمادي لجواز السفر المزور فسببه ملاحقة الشرطة اليابانية والأنتربول الدولي لي بسبب هذه العملية" .

 



أقام أوكاموتو الذي يتحدث العديد من اللغات مثل اليابانية والإنكليزية والعبرية والعربية والصينية والروسية بطلاقة، في بيروت برفقة زميليه.

وستتوجه مع بداية عام 1972 مجموعة من "الجيش الأحمر" إلى بيروت، للتدريب على تنفيذ عملية في مطار اللد قرب تل أبيب والتي تهدف إلى اغتيال العالم الإسرائيلي أهارون كاتزير المتخصص بالسلاح البيولوجي، والانتقام لتدمير الكوماندوز الإسرائيلي طائرات شركة طيران الشرق الأوسط ببيروت.
 
وسيصل أوكاموتو برفقة ياسويوكي ياسودا (صلاح)، وأوكودايرا تسويوشي (باسم) إلى مطار اللد قادمين من روما. 

وبعد النزول من الطائرة سيذهب الثلاثة إلى منطقة الأمتعة لأخذ أمتعتهم التي كانت تحتوي على أسلحة رشاشة كانت مخبأة داخل حقائب السفر، وعندما وصلت الحقائب لأيادي المسافرين أخرج الثلاثة أسلحتهم من حقائبهم وباشروا بإطلاق النار.

وألقت المجموعة خمس قنابل يدوية، ثلاث منها على الطائرات في المطار، وواحدة على قسم الجمارك، والخامسة على السيارات، وأسفرت العملية عن مقتل 21 إسرائيليا وآخرين.

قامت المجموعة بعد الانتهاء من إلقاء القنابل بالانسحاب من المطار واشتبكت في طريقها مع دورية للاحتلال حيث أسفر الاشتباك عن مقتل 5 أفراد من الدورية ليرتفع عدد القتلى الإسرائيليين إلى 26 من بينهم العالم البيولوجي الإسرائيلي المستهدف وجرح 71 آخرين.
 
وقتل ياسودا في الهجوم عندما نفدت ذخيرته. أما أوكودايرا فقد انتحر بقنبلة يدوية على أن يقع في الأسر. وأصيب أوكاموتو بجروح وحاول تفجير نفسه إلا أن قنبلته لم تنفجر وألقي القبض عليه مباشرة.

 

من سجون الاحتلال إلى بيروت

حوكم أوكاموتو بموجب أنظمة طوارئ الدفاع التي أنشأتها سلطات الانتداب البريطاني عام 1945 وطبقتها على المقاتلين اليهود والعرب. وفوض أوكاموتو محاميا مختصا بقضايا أنظمة الطوارئ البريطانية لتخليصه من حكم الإعدام، وفي نهاية جلسات المحكمة حكم عليه بالسجن مدى الحياة.

وفيما بعد قامت "الجبهة الشعبية" وعناصر "الجيش الأحمر الياباني" بخطف طائرة يابانية وطالبوا بالإفراج عن أوكاموتو مقابل الإفراج عن الرهائن على متن الطائرة. وأطلق سراح أوكاموتو عام 1985 بعد 13 عاما قضاها في زنزانة انفرادية ضمن عملية تبادل واسعة عرفت باسم عملية "الجليل"، التي نفذتها "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" (القيادة العامة).

لم يكن أوكاموتو الذي خرج من السجن الإسرائيلي هو أوكاموتو الذي دخله قبل 13 عاما، لقد خرج محطما تماما ويعاني من إعاقات جسدية وعقلية، لقد دمروه بدنيا ونفسيا وذهنيا.
 
بعد خروجه من السجن انتقل أوكاموتو إلى ليبيا ثم سوريا وأخيرا إلى لبنان، وبعد أن كان يعيش بهدوء وتواضع مع وصفات الأطباء والأدوية والعناية الفائقة التي خضع لها من قبل "الجبهة الشعبية" منذ إطلاق سراحه برفقة مجموعة من رفاقه اليابانيين القدامى، قامت الحكومة اللبنانية عام 1997 بمداهمة منزله في البقاع اللبناني واعتقاله هو ورفاقه بتهمة الإقامة غير الشرعية.

 

لم يكن أوكاموتو الذي خرج من السجن الإسرائيلي هو أوكاموتو الذي دخله قبل 13 عاما، لقد خرج محطما تماما ويعاني من إعاقات جسدية وعقلية، لقد دمروه بدنيا ونفسيا وذهنيا.

 



ونفذت عملية الاعتقال بضغط من الحكومة اليابانية، وحين حاولت بيروت تسليمه لليابان نظمت مجموعة كبيرة من المحامين والمثقفين وأعضاء الأحزاب اليسارية والقوى الوطنية اللبنانية حملة للدفاع عنه وتظاهروا وأثاروا الرأي العام حتى نجحوا في منع الحكومة من ترحيله، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهمة مخالفة القانون اللبناني.

وبعد خروجه من السجن عام 2000 اضطرت الحكومة اللبنانية إلى الموافقة على منحه حق اللجوء السياسي والسماح له بالإقامة في لبنان بسبب الضغوط الداخلية مرة أخرى، ولكن تحت شرط عدم القيام بأي نشاط سياسي أو علني وعدم إجراء أي مقابلات صحافية أو إعلامية.

ومنذ ذلك الوقت يعيش أوكاموتو في شقة بسيطة في بيروت، بحسب بعض المصادر، برعاية أعضاء من "الجبهة الشعبية" الذين يساعدونه في متطلبات حياته اليومية البسيطة. 

عندما سُئل في المحكمة اللبنانية، عن سبب وجوده في لبنان بشكل غير رسمي وعن سبب استعماله لجواز سفر مزور، أجاب: "بعد قيامي بعملية اللد ظننت أنني أصبحت مواطنا عربيا لي حق الإقامة في أي قطر عربي. أما اعتمادي لجواز السفر المزور فسببه ملاحقة الشرطة اليابانية والأنتربول الدولي لي بسبب هذه العملية".

بقي أوكاموتو في لبنان، ورحل المعتقلون الأربعة إلى الأردن ومن هناك إلى اليابان. 

 

لا يزال أوكاموتو صامدا ويشارك في مناسبات قليلة تقام لتكريمه من حين إلى آخر، فيما تشع من بين ركام الإنسان البسيط المنهك جسديا ابتسامة عذبة تقول بأن الإنسان يمكن أن يتحطم ولكن لا يمكن أن يُهزم.

 



ليس هناك من تفاصيل مؤكدة تقدم رواية شاملة حول قدوم عشرات المقاتلين من طوكيو لتأسيس "الجيش الأحمر" في لبنان للعمل مع فصائل المقاومة الفلسطينية خلال سبعينيات القرن الماضي. لكن يبدو أن ثمة خيطا واضحا يربط بين فلسطين والفكرة الأممية والإنسانية في النضال ضد الظلم والاستعمار والاحتلال. 

لا يزال أوكاموتو صامدا ويشارك في مناسبات قليلة تقام لتكريمه من حين إلى آخر، فيما تشع من بين ركام الإنسان البسيط المنهك جسديا ابتسامة عذبة تقول بأن الإنسان يمكن أن يتحطم ولكن لا يمكن أن يُهزم. وبوضوح شديد تقول تجربة أوكاموتو، إنك ببساطة لا تستطيع أن تهزم الشخص الذي لا يستسلم.

التعليقات (1)
من روسيا
الخميس، 23-04-2020 03:41 م
تحية احترام و تقدير وفخر لهؤلاء الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم و مستقبلهم و جاؤوا من أقصى الارض من بلادهم فى سبيل الدفاع عن فلسطين الحبيبة ، هؤلاء الأبطال الشرفاء لن تنساهم ابدا فلسطين و شعب فلسطين وسيظلوا دائما فى قلوبنا و ذاكرتنا للأبد . و هنا أضيف كلمة أخرى : هؤلاء الشرفاء الأبطال أثبتوا بحبهم و تضحياتهم دفاعا عن الحق و العدل فى سبيل تحرير فلسطين فعلوا مالم يفعله الآلاف من العرب الذين يتشدقون بالوطنية و الدين وغيرها من الشعارات الكاذبة الفارغة و التى سمعناها و لانزال نسمعها عشرات السنين ، بل و بالعكس هم فى الأساس خونة و عملاء لليهود و ساهموا فى قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ، و أخص بالذكر أهل الخليج العربي ... البدو الحفاة رعاع الشاة ...الذين اعماهم و احرفهم النفط و الأموال عن تذكار اصلهم و دينهم و مبادئهم التى نسوها منذ أمد بعيد و يظنوا أنهم متحضرين و لحقوا بركب الغرب ، و لكن فى الحقيقة تغثوا الأنفس حتى من رؤيتهم و النظر إليهم . شتان بين من يحياو يموت من أجل المبادىء التى يؤمن بها ، وبين هؤلاء الذين تغيرت مبادئهم و نفوسهم بعد ظهور النفط اللعين .