أثارت مطالبة اللواء الليبي المتقاعد، خليفة
حفتر لمؤيديه بالنزول للشوارع، من أجل تفويض قواته بإدارة البلاد، وإسقاط الاتفاق
السياسي الليبي ردود فعل متباينة محليا ودوليا، وتساؤلات عن أهداف الجنرال من هذه
الخطوة، وما إذا كانت تؤكد فشله عسكريا في حسم المعركة والسيطرة.
وطالب "حفتر" في بيان متلفز، من
وصفهم بـ"الشعب الليبي" بالنزول إلى الشارع من أجل إسقاط المجلس الرئاسي
وحكومة الوفاق، وتفويض الجهة التي يرونها مناسبة لإمساك زمام السلطة في البلاد، في
إشارة إلى قواته وشخصه، بالتزامن مع إطلاق مؤيديه وسما بعنوان "نعم لتفويض
المشير حفتر"، والنزول في عدة مدن للهتاف ورفع صوره متحدين حالة الحظر في البلاد،
بسبب تفشي فيروس كورونا.
سخرية
وصدام
في المقابل، لم يصدر تعليق رسمي من قبل الحكومة
أو مجلس الدولة، لكن نشطاء، أطلقوا حملة ساخرة من حفتر تحت وسم "لا لتفويض
مجرم حرب"، معتبرين الحملة تأكيدا على فشل "حفتر" عسكريا في حسم
معركة طرابلس وتأكيد هزائمه المتتالية هناك مع تقدم قوات "الوفاق".
وفي مدينة "سرت" حدث صدام بين مؤيدي
"حفتر" المتظاهرين وبين فلول نظام "
القذافي" الذين رفضوا
بدورهم رفع أي صور للجنرال العسكري أو الهتاف له أو طلب تفويضه، معتبرين المدينة
لاتزال معقلا لأتباع القذافي فقط.
وبحسب شهود عيان فإن التظاهرات في أغلب المدن،
لم تتجاوز العشرات وكان أغلبها يتم تنظيمه من قبل شيوخ قبائل معروفين بولائهم
لحفتر، وهو ما يدل على تراجع شعبية الأخير لدى الشارع حتى في مناطق سيطرته.
سيناريو
مهزوم
من جهته، أكد نائب الحاكم العسكري في الشرق
الليبي سابقا، العقيد سعيد الفارسي أن "هذه التظاهرات هي سيناريو من قبل
"حفتر" شخصيا حتي يهيئ الشارع في شرق البلاد لتقبل هزيمته العسكرية في
المنطقة الغربية، ويكون جاهزا لقبول فكرة استقلال "برقة" ولو حتى عبر
"الفيدراليين في أقل تقدير".
وفي تصريحات لـ"عربي21" أشار إلى أن
"تحدي هؤلاء الفوضويين للحظر وقرارات ما تسمى بلجنة كورونا يؤكد أن رئيس هذه
اللجنة الناظوري لا يملك من أمره شيئ سوى
تنفيذ تعليمات حفتر بصمت، لكن كانت المفاجأة التي لايتوقعها حفتر نفسه هو خروج
أنصار النظام السابق ليطالبوا بتفويض سيف القذافي بعد أن تأكدوا من فشل مشروع حفتر
ومشروعهم معه، وسيستمر الصدام بينهما طويلا"، وفق قوله.
تفويض سيف القذافي
لكن عضو البرلمان الليبي المنعقد في شرق
البلاد، جبريل اوحيدة أكد أن "تظاهرات التفويض التي خرجت في العديد من المدن
والمناطق الليبية كانت "عفوية" مع وجود تساهل من الأجهزة الأمنية
وبالتالي تم خرق قرار الحظر غير المجدي أصلا بسبب الازدحام طيلة ساعات
النهار".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21":
"أتفهم الشعور السائد لدى المواطن سيما في الشرق بثقته في الجيش وقائده حفتر وبالمقابل
امتعاضه من مؤسستي البرلمان المنقسم والحكومات الفاشلة وذلك لن يكون إلا بقيادة
حازمة يرونها في قيادة الجيش بعد فشل السياسيين في إيجاد حل سياسي أصبح أبعد ما
يكون الآن".
وتابع: "لكن مالا أتفهمه هو خروج بقايا
أنصار النظام الهالك بتفويضات موازية لنجل القذافي الذي لا يعرف له مكان حتى الآن
وربما تكون وراءه قوة معادية لتوجه حفتر وأقرب لسلطة الأمر الواقع أو أن هذه
القوة هي جناح ثان لبعض مستشاري القيادة العامة من أتباع النظام السابق في إطار
توجه مشترك بينهم وهو سياسة الركض إلى الأمام دون اهتمام بالعواقب لأن الأمر عندهم
سيان"، كما صرح.
مسرحية
مكشوفة
في حين وصفت أمين عام حزب الجبهة الوطنية
الليبي، فيروز النعاس ما حدث في مدن الشرق الليبي من تظاهرات لتفويض حفتر بأنها "مجرد
مسرحية على غرار مسرحيات القذافي سابقا، حيث أنه وفي ظل نظام عسكري ذي قبضة أمنية
لا يمكن أن تتخيل أن يجرؤ أحد على الخروج في مظاهرة أيا كان الهدف منها ويتحدى
السلطات الأمنية هناك إلا لو معه الضوء الأخضر".
وأكدت في تصريحاتها لـ"عربي21" ان
"حفتر يسعى حاليا بكل الطرق لحفظ مكان لنفسه بعد أن عجز عسكريا، وهو يعتقد أن
مسرحية التفويض قد تضمن له الاستمرار في المشهد".
أما
بخصوص من خرجوا في سرت بحسب النعاس "فقد فهموا الأمر على أنه من حقهم تفويض
من يرونه مناسب لقيادة المرحلة والمضحك المبكي أنهم يعلمون جيدا ما المقصود ولكنهم
قرروا أن يستغلوا الفرصة ويفوضوا من يريدون، وما حدث من صدام يؤكد أن حفتر وعصابته
لن يسمحوا إلا لمن يريد تفويضه هو فقط"، كما عبرت.