هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد ست سنوات من حكم رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي ووعوده المتكررة في أكثر من مناسبة، بأن تكون مصر "أمة ذات شأن"؛ أصبحت قرارات الدولة وثرواتها وأمنها القومي والمائي مرهونة بالخارج.
يقول سياسيون ومختصون لـ"عربي21"؛ إن سياسة
مصر الخارجية والداخلية خلال تلك السنوات، اتسمت بالتبعية لدول مثل السعودية والإمارات
وإسرائيل وأمريكا وروسيا، وإن السيسي بذل الغالي والنفيس من أرض وثروات وحقوق المصريين
ثمنا لبقائه.
تيران وصنافير
وفي عهده، جرى التنازل لأول مرة عن جزء من أرض مصر؛ بتخليه
عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين للسعودية، وتقع جزيرة تيران على بُعد ستة كيلومترات
من الساحل المصري على البحر الأحمر فقط.
وعقب تنازل السيسي وقع على أكثر من 25 اتفاقية تعاون
اقتصادي واستثماري، تُقدر بنحو 25 مليار دولار بحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن
عبد العزيز، لتزويد مصر بالبترول.
سلاح مقابل الشرعية
وفي أقل من ست سنوات، عقدت مصر صفقات أسلحة ضخمة، جعلتها
على قائمة أكبر الدول المستوردة للسلاح في المنطقة والعالم، وتجاوزت قيمتها عشرات مليارات
الدولارات مع دول مثل روسيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وفق تقرير معهد ستوكهولم الدولي
لأبحاث السلام.
اقرأ أيضا: سنوات السيسي.. الاقتصاد من وعود بالانتعاش إلى "الإنعاش"
كان آخرها صفقة مرتقبة بين مصر وإيطاليا، تتضمن مقاتلات
يوروفايتر تايفون، وفرقاطات بحرية ولانشات صواريخ، بالإضافة إلى 24 طائرة إيرماكي إم-346
للقتال الخفيف والتدريب المتقدم، وقمرا للاستطلاع والتصوير الراداري، تقدر قيمتها بتسعة
مليارات دولار، بحسب جريدة "لاريبوبليكا " الإيطالية.
الاعتراف بسد النهضة
وفي آذار/ مارس 2015؛ أقر السيسي بحق إثيوبيا في بناء
سد النهضة المثير للجدل؛ حيث وقعت مصر والسودان وإثيوبيا، بالعاصمة السودانية الخرطوم
وثيقة مبادئ سد النهضة، لم تضمن أي التزامات أو تعهدات لضمان حصص وحقوق مصر المائية
التاريخية.
وأقر وقتها وزير الري المصري سابقا، نادر نور الدين، أن
التوقيع على الوثيقة يعني الموافقة لإثيوبيا على بناء سد النهضة رسميا، وعودة التمويل
الأجنبي الذي كان قد توقف بعد نجاح الدبلوماسية المصرية في حث الدول المشاركة على وقفه.
الخاسر الأكبر
يقول السياسي المصري رئيس مركز الحوار المصري الأمريكي،
عبد الموجود الدرديري، إن "الخاسر الأكبر في رهن القرار المصري للخارج هو الشعب
المصري المقهور، وهكذا يمكن أن تُقسم الأنظمة إلى نوعين رئيسيين: الخادمة لشعبها وقرارها
رهن إرادة شعبها، وأخرى قرارها مرهون بالخارج ولمصلحة النظام".
ويتابع الدرديري لـ"عربي21": "يتم رهن
القرار للخارج من خلال فئة في المجتمع المصري ربطت مصيرها بالمصالح الغربية، وهذه هي
الفئة التي ترفض الديمقراطية، وهي في معظمها من العسكريين ورجال الأعمال والقضاة والشرطة".
اقرأ أيضا: حكم "كارثي" يقنن فصل عمال مصر ويصم احتجاجاتهم بـ"الخيانة"
وأوضح أن "تلك المجموعة تؤثر بها ثلاث دوائر، الأولى،
السعودية والإمارات وإسرائيل ومن مصالحهم أن لا يقر الشعب المصري مصيره، الثانية، هي
الدائرة الأوروبية وهي التي ترغب في الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية المبنية على نتائج
الاستعمار، الدائرة الأخيرة، هي الدائرة الأمريكية التي للأسف قد تم اختطاف قرار سياستها
الخارجية من الدوائر المحيطة والمؤثرة بمصر (الإمارات والسعودية وإسرائيل)".
لمن رهن السيسي مصر
أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، محمد
سودان، قال إن "السيسي جاء للحكم بمؤامرة قادها الكيان الصهيوني وتم دعمها من
الخليج وأمريكا والغرب، من الواضح بعد استيلاء المجلس العسكري على السلطة من حسني
مبارك في شباط/ فبراير 2011 أنهم لن يتركوا السلطة لأحد غيرهم"، مشيرا إلى أن
"السيسي كان خيارهم الأفضل، وهو متعطش للسلطة ومستعد للقتل".
وأكد سودان لـ"عربي21" أن "السيسي تورط
بشراء أسلحة بعضها لا قيمة لها، والبعض الآخر لا حاجة لمصر بها من هنا وهناك، إنما لإرضاء الدول
الداعمة له بمبالغ ضخمة، ثم بدأ مسلسل التنازلات عن حقوق مصر المائية، والتنازل عن
تيران وصنافير، وترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط ليمنح إسرائيل حقول غاز مصرية،
وتهريب ذهب مصر (منجم السكري) للخارج".
وشدد على أن "دخول البلاد في مشروعات عملاقة لا
طائل من ورائها، هو رهن إرادة مصر للخارج وللدائنين، وستكون على شفا الإفلاس بسبب تلك
الممارسات الحمقاء، والمستفيد من كل ما يحدث في مصر، هو الكيان الصهيوني أولا، ثم حفنة
العسكر الذين استولوا على السلطة".