هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة
"الغارديان" البريطانية مقالا للأكاديمي بجامعة لندن، ستيف سانغ قال فيه
إن الصين ستعاقب بريطانيا على تحديها لإرادتها.
وأضاف أنه يجب أن تؤخذ تهديدات الانتقام الصينية
لمساعدة بريطانيا هونغ كونغ ورفضها تقنية الجيل الخامس الصينية على محمل الجد.
ويقول الكاتب إن
المملكة المتحدة وجمهورية الصين الشعبية يشكلان زوجين غريبين. ففي العصر الذهبي
للعلاقات الثنائية والذي بشر به رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون،
رحبت المملكة المتحدة بالشركات الصينية للاستثمار في البنية التحتية الحيوية مثل
بنية الجيل الخامس للاتصالات ومحطات الطاقة النووية. لكن السفير الصيني هدد
بريطانيا بعواقب وخيمة إذا تصرفت الحكومة بناء على أفكارها الأخيرة.
ويردف الكاتب أنه
يجب أخذ التهديدات الصينية على محمل الجد. فعندما أثار الأستراليون قضايا تتعلق
بالتدخل الصيني بسياستهم، استجابت الصين بتقييد الواردات من أستراليا. وعندما سمحت
كندا لمحاكمها بالتعامل مع طلب أمريكي لتسليم ابنة مؤسس شركة هواوي في جريمة
جنائية، احتجزت الصين مواطنين كنديين كرهائن.
ويتساءل
الكاتب إن كانت هذه التهديدات تستخدم فقط ضد دول أخرى وليس ضد المملكة المتحدة؟
ويضيف أن التاريخ يقدم تحذيرا واضحا بهذا الخصوص. فكانت بريطانيا أول ديموقراطية
غربية كبرى تعترف بالجمهورية الشعبية الصينية في كانون الثاني/يناير 1950، أي بعد
ثلاثة أشهر من تأسيسها.
لكن هذه النية
الحسنة لم تقابل بالمثل، فعومل القائم بالأعمال البريطاني كـ"ممثل للتفاوض
لتأسيس العلاقات الديبلوماسية". وأقامت بكين علاقات ديبلوماسية كاملة مع
المملكة المتحدة في مارس-آذار 1972 أي بعد زيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون
للصين.
اقرأ أيضا: صحيفة: "لوبي قوي" لتغيير استراتيجية بريطانيا مع الصين
إن استعداد
الحزب الشيوعي للعمل بقوة ضد المملكة المتحدة قد سبق الرئيس شي جينبينغ، ففي أوائل
الخمسينات من القرن الماضي، تمت مصادرة الاستثمارات البريطانية في الصين، والتي
تعتبر قيمتها أكبر من الاستثمارات في هونغ كونغ، كما أجبرت الصين الشركات
البريطانية التي تعمل فيها على تحويل مبالغ كبيرة إضافية لضمان عودة آمنة للعمال
البريطانيين العاملين هناك. وفي عام 1967، عندما انغمس الحزب الشيوعي في الثورة
الثقافية، تعرض ديبلوماسيون بريطانيون لاعتداء جسدي كما تم احتجاز الصحفي أنتوني
جاراي من رويترز في بكين لأكثر من عامين.
ويقول الكاتب إنه
من بين القوى العظمى الغربية، كانت المملكة المتحدة أول من تشارك بشكل إيجابي مع
الحكومة الصينية تحت حكم الحزب الشيوعي. ومع ذلك، تبين أنها عوملت بشكل قاس قبل أن
يعرض دنغ شياو بينغ سياسة "الإصلاح والانفتاح" في نهاية السبعينات.
ويضيف أن
استعداد الحزب الشيوعي للعمل بقوة ضد المملكة المتحدة قد سبق الرئيس شي جين بينغ.
ويتساءل الكاتب عن الكيفية التي يجب أن تفهم فيها رسالة تحذير السفير الصيني ليو
شياو مينغ بشأن العرض البريطاني لمسار المواطنة للمواطنين البريطانيين خارج
بريطانيا (BNO) في هونغ
كونغ.
ويشير الكاتب إلى أن
الـ (BNO) هم الأشخاص
الذين ولدوا في المستعمرة الملكية هونغ كونغ قبل 1-يولو-1997. وهم مواطنون
بريطانيون بالولادة، لكنهم لا يملكون حق الإقامة في المملكة المتحدة. ويضيف أن
مواليد هونغ كونغ بعد أن أصبحت منطقة إدارية صينية خاصة لا يحق لهم الحصول على
حالة الـ (BNO). وبالتالي
لا ينطبق العرض البريطاني على مواليد هونغ كونغ بعد عام 1997. ويحق، لحملة الـ (BNO) الذين يختارون العيش والعمل في المملكة
المتحدة لمدة خمس سنوات دون تحميلهم تكاليف المحفظة العامة، أن يتقدموا للجنسية
البريطانية.
بحسب ليو،
العرض البريطاني هو تدخل في الشؤون الصينية، وسيواجه عواقب.
ويتساءل
الكاتب عن السبب الذي يدفع الصين للانتقام من العرض البريطاني لإنهاء المعاملة
لمجموعة من الرعايا البريطانيين الأقل استفادة؟ ويضيف هل يمكن الدفاع عن المملكة
المتحدة حال هددت الصين، إذا أعلنت بكين عن سياسة لمنح أقلية الأويغور نفس حقوق
المواطنة مثل غالبية سكان هان؟
وبخصوص
الكيفية التي يجب أن يفهم فيها عرض ليو للصداقة مع المملكة المتحدة، يقول الكاتب إنه
يجب أن يدرك العرض على ما هو عليه. فعرض الصداقة يجب أن يتضمن الشروط التي وضعتها
بكين، وهو ما ربطه الكاتب بمعاملة الصين للمبادرة البريطانية لإقامة العلاقات
الديبلوماسية في الخمسينيات من القرن الماضي. ما يعني أنه يجب على بريطانيا السماح
لشركة هواوي ببناء نسبة 35% من البنية التحتية للجيل الخامس ولا يسمح لبريطانيا أن
تغير رأيها حسب الكاتب. لكن، لن يكون هنالك تكافؤ بين الشركات والمؤسسات والأفراد
الذين يعملون في أقاليم نظرائهم. ففي الحين الذي تصر فيه الصين على السماح لشركة
هواوي ببناء البنية التحتية البريطانية الحيوية، لن يسمح لأي شركة بريطانية بفعل
أي شيء مماثل في الصين.
بالمثل،
سيتعين على بريطانيا أن تستضيف معاهد كونفوشيوس في حرم الجامعات البريطانية، الذي
يخضع تحت قسم الدعاية للصين، وبنفس الوقت على بريطانيا القبول أنه لن يسمح
لجامعاتها التي تملك فروعا في الصين بتدريس الديموقراطية الدستورية والقيم
العالمية، والمجتمع المدني أو حتى الصحافة الحرة أو المستقلة.
ويقول الكاتب إنه بالتالي يجب تجاهل القانون البريطاني، الذي بموجبه تلتزم المملكة المتحدة لشعب
هونغ كونغ بموجب الإعلان الصيني البريطاني المشترك – وهي معاهدة دولية مسجلة في
الأمم المتحدة وصالحة حتى العام 2047 – لمجرد أن بكين قررت أن ذلك الأمر بقايا من
التاريخ.
لا يمكن لأي
قدر من التجارة أو الاستثمار أن يبرر التخلي عن قيمنا الأساسية، ويقول الكاتب إنه
من الخطأ تخلي المملكة المتحدة عن المشاركة الإيجابية مع الصين. فبريطانيا لم
تتعامل مع شعب الجمهورية كأعداء ولا يجب أن تفعل ذلك الآن. كما لا ينبغي التخلي عن
القيم الأساسية أثناء مشاركة الصين. فلا يمكن لأي قدر من التجارة أو الاستثمار أن
يبرر التخلي عن التزامنا بحقوق وكرامة الفرد وسيادة القانون والمبادئ
الديموقراطية.
وفي الواقع،
سيؤدي التمسك بقيم المملكة المتحدة إلى معاقبة المملكة المتحدة من قبل الصين، التي
تهدف سياستها الخارجية إلى جعل العالم آمنا للسلطوية - عالم لا يمكن فيه تحدي قبضة
الحزب الشيوعي على السلطة في الصين. ويردف الكاتب أنه لمواجهة هذا الواقع، يجب أن
نعمل مع حلفائنا الديمقراطيين لتشكيل جبهة موحدة، بحيث تصبح التهديدات الصينية
لإلحاق الضرر الاقتصادي بديمقراطية فردية إذا تمسكنا جميعا بنفس الخط ولم نسمح
لبكين بالتقسيم والحكم.