هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يسابق البرلمان المصري الزمن لإقرار 6 قوانين متعلقة بالإفتاء والأوقاف وصناديق الأموال والتبرعات، وذلك قبل انتهاء دور الانعقاد الخامس الحالي والأخير.
وتعد هذه أول مشروعات قوانين
تقدمها لجنة الشئون الدينية والأوقاف، منذ انعقاد مجلس النواب في كانون الثاني/ يناير
2016.
وفي الجلسات الأخيرة، أقر البرلمان 3 مشروعات قوانين، تنتظر الموافقة النهائية، وهي "تنظيم دار الإفتاء"، و"بيت
الزكاة والصدقات"، و"إنشاء هيئتي أوقاف الكنيسة الكاثوليكية والطائفة الإنجيلية"،
ومن المقرر حسم 3 مشروعات قوانين أخرى، هي "إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية"،
و"تنظيم الفتوى العامة"، و"إنشاء صندوق الوقف الخيري".
وأكد مراقبون ومتابعون
لـ"عربي21" أن لكل قانون قصته الخاصة، وأهدافه، ومخاطره، وأدواته، التي
يسيطر بها النظام العسكري الحاكم على مفاصل المؤسسات والهيئات الدينية، بداية من الأزهر
والأوقاف ودار الإفتاء والمؤسسات المالية التابعة لهم.
وحسب حديث صحفي لعضو لجنة الشؤون
الدينية النائب عمر حمروش، فإن مشروع قانون "صندوق الوقف الخيري" يهدف لمعاونة
الدولة بإقامة مشروعات خدمية وتنموية، التي تدعم الدولة اجتماعيا واقتصاديا، وتطوير
مشروعات البنية التحتية، والعشوائيات.
اقرأ أيضا: لماذا استبعد السيسي الخيار العسكري بملف "سد النهضة"؟
وينظم مشروع قانون "إعادة
تنظيم هيئة الأوقاف" إدارة واستثمار أموال الأوقاف على أسس اقتصادية، وحصر وتقييم
أموال الأوقاف، والحالات التي يجوز فيها استبدال وبيع الأوقاف.
ويحدد مشروع قانون "تنظيم
الفتوى العامة" ضوابط وشروط إصدار الفتاوى بوسائل الإعلام، والجهات المنوط بها
التصاريح، ويتصدى لغير المتخصصين.
أما مشروع قانون "تنظيم
دار الإفتاء المصرية"، فقد رفضه الأزهر، وخاطب رئيس البرلمان، بأن "مواد هذا
المشروع تخالف الدستور، وتمس باستقلالية الأزهر والهيئات التابعة له، كهيئة كبار العلماء،
وجامعة الأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية".
"يخالفون دستورهم"
وفي تعليقه، يرى الأكاديمي المصري،
الدكتور محمد شرف، أن "أخطر القوانين الستة والمستهدف أساسا هو قانون (تنظيم دار
الإفتاء)، فهو يتحدث بما فيه الكفاية عن باقي القوانين".
وأضاف شرف لـ"عربي21":
"مع أنه جرى العرف العالمي ألا تقر قوانين جديدة بأواخر دورات الانعقاد للبرلمان
أو الرئاسة إلا الأمور العاجلة، كي لا تكون ملزمة لمن سيتولى المسؤولية لاحقا، بينما
نجدهم يسابقون الزمن بآخر أيامهم".
ويعتقد شرف، أنه "يجرى
إنشاء كيان جديد مواز للأزهر، ويتم تفريغ المؤسسة وتهميشها من سلطاتها المادية والمعنوية، استكمالا لتبعية المؤسسة الدينية (ودون مواربة) لسلطة السيسي".
وأوضح أنه "طبقا للمادة
7 من الدستور، فإن (الأزهر هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة
شؤونه، وهو المرجع الأساس في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة،
ونشر علوم الدين، واللغة العربية بمصر والعالم".
اقرأ أيضا: أحزاب إسلامية تعتزم خوض انتخابات مجلس النواب بمصر
وتساءل الأكاديمي المصري:
"إذا كان الأزهر -بنص الدستور- المرجعية الأساسية بشتى الأمور، والتي يتصدرها الإفتاء،
والبتّ بكافة الأمور الشرعية، وإجراء الأبحاث الشرعية المتعلقة بالفتوى، والرد على
الشبهات المثارة؛ فكيف يتم منح تلك الاختصاصات لهيئة تابعة لوزارة العدل، ولا تتبع
الأزهر؟".
وانتقد شرف "إنشاء مركز
إعداد المفتين برئاسة المفتي، بدار الإفتاء، لإعداد الكوادر العلمية للإفتاء، وإصدار
شهادة دبلوم يعادلها المجلس الأعلى للجامعات".
واعتبر أن "هذا افتئات
على جامعة الأزهر، التي تختص بإصدار الشهادات العلمية بالعلوم الإسلامية، وتعد على
اختصاص هيئة كبار العلماء بالأزهر التي ترشح مفتي الجمهورية، وسلب اختصاص هيئة كبار
العلماء، وأصبحت الفتوى تابعة لأحد موظفي الحكومة، وهذا مناقض لاستقلال الأزهر وهيئاته
طبقا للدستور".
وأوضح الأكاديمي المصري أن
"العلاقة المتوترة مع شيخ الأزهر تدخل بخلفية الصراع وما يجري من محاولات لتقليص
وتهميش الأزهر، والدليل على ذلك الهجمات الشرسة المتكررة لإعلام السلطة على شيخ الأزهر".
وجزم بأن "الأمر يتعلق
بإحكام سيطرة العسكر التامة على المؤسسات الدينية، والأهم المؤسسات المالية التابعة
لها، كمشروع قانون (صندوق الوقف الخيري)، فالمستهدف هنا أموال الأوقاف والتبرعات على
غرار صندوق (تحيا مصر)؛ وإلا لماذا كل هذه القوانين في عجلة غير مبررة؟".
"عدوان على
الأزهر"
وفي رؤيته لإصرار النظام على
تمرير هذا الكم من القوانين التي تخص الهيئات الدينية بوقت قصير، قال الباحث والمحلل
السياسي عزت النمر: "مصر تعيش منذ الانقلاب فترة حالكة السواد، ويبدو أن سوداوية
اللحظة باتت تحوي كل شيء بمصر المكلومة".
النمر، أضاف لـ"عربي21":
"هذا الكيان المسخ المسمى زورا مجلس نواب مصر، أحد علامات السوء بمشهدنا الكئيب،
فمعروف من أين ولأي مهمة أتى، وبأي أقبية قذرة صُنع، وطبيعي أن تكون هذه السوءات مخرجاته".
وتابع: "أما ما يسمى اللجنة
الدينية، فيكفي للنظر لمفرداتها وهم ما بين عسكر أو أحذية للعسكر، وقد اختيروا بعناية
ليكونوا عصا كل عدوان على الأزهر والمؤسسات الدينية، والعبث بالثوابت والقيم والمقدسات".
وأكد الباحث المهتم بهذا الملف،
أننا "نعيش واقعا يظهر فيه العبث بمقدرات مصر، بدءا من مؤسساتها، وربما الأكثر عبثا
تحريشا وربما انتقاما هي مؤسسة الأزهر الشريف، ويقيني أن الحرب والكراهية أبعد من الأزهر ذاته أو رموزه، بل المقصود رسالته ورمزيته، بل إن الحرب موجهة لثوابت الأمة ومقدساتها
وأغلى ما تملك".
ولفت إلى أن النظام "لم يحترم
بهذا الباب دستوره الذي صنعه فلم يسلم هو الآخر من العبث والتجاوز، ومن لا يحترم الأزهر
ولا مقدسات الإسلام والوطن لا يحترم دستورا أو قانونا".
وقال النمر: "نشهد بكاء
وأنينا من الأزهر ورموزه وهيئته العليا، ونحن نتضامن معهم ضد إجرام السيسي وجنرالاته،
واستبقاء لحرمة الرسالة والمقدسات، لكن لا يفوتنا أن نذكّر علماءنا الأجلاء بأن الذي
تغضبون منه اليوم هو الذي شاركتم بصنعه قبل سبع سنوات، أو ربما سكتم عنه يومئذ ولم
تنكروه، ومع ذلك نقف خلف الأزهر، ودعما لرسالته، وحفاظا على استقلاليته".