هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عقدت القوى السياسية الشيعية في العراق، اجتماعا موسعا مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لمناقشة تداعيات الأحداث الأخيرة في المحافظات الجنوبية، لا سيما في البصرة والناصرية، وما حصل من هدم وتجريف للمقار الأحزاب والفصائل المسلحة.
الاجتماع الذي عقد، أمس الأربعاء، بمنزل زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، حضره الكاظمي وأغلب قادة القوى والفصائل الشيعية، وخرج بتعهدات قطعها الجانبان لمنع خروج الأوضاع عن السيطرة وذهابها إلى خيارات "لا يحمد عقباها".
غضب شيعي
وفي حديث لـ"عربي21"، كشف النائب عن تحالف "الفتح" حسين اليساري أن "محور اللقاء تركز حول التوترات بالمحافظات الشيعية في وسط وجنوب العراق، لأن الضغط كان على هذه الأحزاب والكتل التي حرقت وهدمت مقارها، إضافة إلى الإساءة إلى قياداتها".
وأكد اليساري أن "القيادات الشيعية أبدت امتعاضها الشديد من أن كل ذلك جرى أمام الأجهزة الأمنية، لكنها لم تحرك ساكنا، فلماذا هذا التهاون من رئاسة الحكومة بحق من يسعى إلى التخريب وضرب هذه الأحزاب تحت لافتة الاحتجاجات؟".
ولفت إلى أن "الاجتماع كان صريحا بين القادة الشيعة ورئيس الحكومة، حيث قيل له إننا نحن من أوصلناك إلى دفة الحكم، ومن واجبك الدستوري أن تحافظ على المجتمع، ولا نرضى بالتصعيد الذي جرى في محافظات الجنوب مؤخرا".
وتابع بأن "القوى الشيعية طلبت من الكاظمي الحفاظ على مقراتهم وكياناتهم ووجودهم في الشارع العراقي، كذلك تلبية الاستحقاقات الحقة للمواطنين المتظاهرين".
ونوه إلى أن الاجتماع وضع النقاط على الحروف، وقيل للكاظمي نحن الشيعة وجودنا في الوسط والجنوب، وأما نكون أو لا نكون، وهناك من الشيعة مسيئون، ونحن لا نمانع من اتخاذ الإجراءات بحقهم".
اقرأ أيضا: الكاظمي: الحكومة تصدت لمحاولات إضعاف الجيش العراقي
رسالة تحذيرية
وأفاد اليساري بأن خلاصة الاجتماع أن القادة الشيعة قالوا للكاظمي: "ما تريده منا نحن جاهزون لتلبيته، وما شخصته من سلبيات حتى لو كان على الكيانات فنحن معك، وبالتالي إذا لم تكن لديك إجراءات فنحن لا نترك العراق يحترق، ونريد نتائج واضحة وسريعة تظهر نتائجها خلال الأيام القليلة المقبلة".
والرسالة التي أوصلتها هذه القوى للكيانات كانت "أننا لسنا مستعدين أن نحرق أو نسحل في الشارع لأن حاليا مقراتنا الحزبية وبعدها ربما تصل إلى نوابنا ومقراتنا الرئيسة، وبالتالي إذا لم يكن لديك إجراءات فنحن لن نقف مكتوفي الأيدي وسنحمي نفسنا إما الحياة أو الموت"، بحسب النائب العراقي.
وكان متظاهرون غاضبون قد أقدموا، السبت الماضي، على هدم معظم مقرات الأحزاب والمليشيات الشيعية في محافظة ذي قار جنوب العراق، وذلك بعد ليلة مضطربة، شهدت فيها محافظة البصرة اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، انتهت بإحراق مكتب البرلمان بالمدينة.
مطالب الكاظمي
وفي المقابل، أكد النائب أن الكاظمي "طلب منهم التعهد بدعمه في ضبط الأوضاع بالجنوب، ووعدهم أن يتخذ قرارات حقيقة خلال المرحلة القريبة المقبلة، وألا يكون الدعم بوضوح أمام الإعلام وليس من تحت الغطاء تجاه القرارات التي سيتخذها لفرض هيبة الدولة وتقوية الأجهزة الأمنية".
وبحسب اليساري، فإن الكاظمي أخبر قادة الشيعة بأنه "شخّص الخلل خلال زيارته إلى البصرة، وبالتالي تحتاج الأمور إلى معالجات وتدخل قوي لفرض هيبة الدولة، لذلك عليم سحب عناصرهم من الساحات حتى يتمكن الجهد الأمني من فرز المسيئين عن أصحاب المطالب الحقة من المتظاهرين".
ورأى النائب أن "مطالب الكاظمي هذه من قادة الأحزاب الشيعية أراد من خلالها إخلاء مسؤوليته إذا طال أي أحد من الأحزاب الإجراءات الأمنية المرتقبة، على اعتبار أنه نبه إلى ذلك مسبقا".
من جهته، قال المتحدث السابق باسم الحشد الشعبي، كريم النوري، إنه "لا يمكن لهذه القوى تحميل الكاظمي أخطاءهم منذ احتجاجات تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فهم بدلا من الإصغاء للجماهير قرروا القضاء عليهم، ولذلك هم يتحملون كل ما جرى من تداعيات غير صحيحة، بسبب الغطرسة والعناد".
ورأى النوري في حديث لـ"عربي21" أنهم "يحاولون الخروج من الأزمة، التي هم كانوا سببها وكانت نتيجة لمخرجاتهم، لذلك عندما خرجت الجماهير لم تكن في زمن حكومة الكاظمي، وإنما في عهد سلفه عادل عبد المهدي الذي أوكل الأمر إليهم وبدأت الكوارث والجرائم".
اقرأ أيضا: يديعوت أحرونوت: الكاظمي يرسل إشارات إيجابية باتجاه إسرائيل
محاولة للتبرؤ
وأفاد النوري بأن القوى السياسية تحاول خلط الأوراق وذر الرماد في العيون، لأنهم هم من يتحمل مسؤولية ما حصل وما قد يحصل في المستقبل، وبالتالي فإن اللقاء مع الكاظمي والحديث معه بهذه الطريقة محاولة للتبرؤ مما جرى من تداعيات".
وأعرب عن اعتقاده بأن "اللقاء محاولة للتخلص من آثام هذه القوى ضد الجماهير، لذلك فإن أي محاولة لضربهم وإنهاء المطالب دون الاستماع إلى المشروعة منها، هي محاولة لجر البلاد إلى الفتنة، وضرب العملية السياسية، وإدخال البلد في أزمات وفتن لا يحمد عقباها".
وأشار النوري إلى أن "الجماهير لم تخرج عبثا وللنزهة، وإنما خرجت بعد أداء مترد، وفشل تنفيذي طيلة هذه السنوات، لذلك لا يمكن تحميل الكاظمي والجماهير مسؤولية ما حصل واتهام مستشاري الكاظمي بأنهم يوجهون الجماهير، فهذا كلام مغرض وغير صحيح".
ودعا المتحدث السابق باسم الحشد الشعبي، القوى السياسية إلى "العودة للصواب، ووضع علاجات حقيقية، فنحن بحاجة إلى موقف حقيقي لمراجعة موقفهم إزاء احتجاجات تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وإلا فإن أي تصرف عكس ذلك فسيؤدي إلى نتائج وخيمة".
وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، قد عقد السبت الماضي سلسلة اجتماعات مع القيادات الأمنية في محافظة البصرة؛ للوقوف على الخروقات التي حصلت، لا سيما الاغتيالات، مطالبا إياها بوضع حد للجماعات الخارجة على القانون التي تحاول منذ فترة ترهيب أهل البصرة.