هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بحث الرئيس التونسي قيس سعيد، أمس الخميس، مع رئيس البرلمان راشد الغنوشي، مستجدات تشكيل الحكومة الجديدة، والوضع في الجارة ليبيا.
وأفاد بيان صادر عن الرئاسة التونسية، أن "سعيد استقبل الغنوشي في قصر قرطاج بالعاصمة تونس الخميس".
وأضاف أن "سعيد ذكر أن مسار تكوين الحكومة انطلق منذ 15 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، دون التوصل للاستقرار المنشود".
وأكد الرئيس أنه "حريص على احترام الدستور، بقدر حرصه على خروج تونس من التردي الذي آلت إليه الأوضاع"، بحسب البيان ذاته.
بدوره، وصف الغنوشي، الذي يرأس حركة "النهضة" اللقاء مع سعيد بـ"المثمر"، معتبرا أن "من شأنه أن يساهم في تطوير العلاقة بين مؤسسات الدولة بما يخدم استقرار البلاد".
وقال: "تم الحديث أيضا عن الأوضاع الدستورية وضرورة توسيع المشاورات، خاصة في ما يتعلق بتطوير القانون الانتخابي وتركيز المحكمة الدستورية".
وتابع: "فضلا عن التطرق لعدد من المسائل الأخرى المرتبطة بعمل مجلس نواب الشعب، والوضعين الاقتصادي والصحي المتعلق بفيروس كورونا".
اقرأ أيضا: مهمة صعبة للمشيشي للعبور بالثقة من بوابة البرلمان بتونس
والاثنين، أعلن رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي، تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تضم 25 وزيرا و3 كتاب دولة، وسيعقد مجلس نواب الشعب (البرلمان)، الثلاثاء المقبل، جلسة لمنح الثقة لحكومة المشيشي المقترحة.
وفي كلمة للغنوشي بثتها لاحقا رئاسة الجمهورية عبر "فيسبوك" عقب لقائه بالرئيس سعيّد، قال إنهما "بحثا خلال اللقاء العلاقات التونسية الليبية، وأهمية أن تقوم تونس بمبادرات في هذا الشأن تساعد الأشقاء الليبيين على إطفاء الحريق، وتطوير التعاون بين البلدين".
وسبق لتونس أن قدمت في السنوات الماضية مبادرات تدفع نحو وقف الاقتتال في ليبيا، وجمع الفرقاء حول طاولة الحوار.
"تدخلات الرئيس"
ويثير تدخل الرئيس سعيد في حكومة المشيشي لا سيما استقباله الخميس وليد الزيدي، الذي اعتذر عن تولي وزارة الثقافة، في قصر قرطاج، جدلا وغضبا من سياسيين في تونس.
وجدد سعيد الثقة في الزيدي الذي شدد على أنه لا يريد الحقيبة الوزارية، ولكنه طلب منه القبول والاستمرار.
ودفع الأمر برئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق، بأن ينتقد ما اعتبره تدخل رئيس الجمهورية قيس سعيد في تشكيل الحكومة، معتبرا أنه تجاوز صلاحياته الدستورية.
اقرأ أيضا: سعيّد يعيد الزيدي لتشكيلة الحكومة بعد تخلي المشيشي عنه
وقال مرزوق، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، إن الحكومة المقترحة لهشام المشيشي قد تفقد استقلاليتها بسبب تدخلات رئيس الجمهورية، مؤكدا أن "رئيس الدولة ليس من مشمولاته أن يعين ويقترح وزراء، بل القرار للمكلف بتشكيل الحكومة".
وأضاف: "تزكية وزير تخلى عنه المكلف بتشكيل الحكومة، أمر مناف للدستور وللذوق، ومناقض لنواميس الدولة".
وتابع بأن "دور رئيس الجمهورية يقف عند اقتراح شخصية المكلف بتشكيل الحكومة.
وأكد رئيس حركة مشروع تونس أن على "المشيشي أن يتحمّل مسؤوليته كاملة بما يرضي الدستور وضميره، وأن يكون رئيس حكومة لا موظفا عند أيّ كان"، محذرا من أن تفقد حكومته الحدّ الأدنى من المصداقية قبل الذهاب للبرلمان، وفق تقديره.
ووصف محسن مرزوق هذا الوضع بـ"العبث"، داعيا من وصفهم بـ"أحرار البلاد" إلى التجمع "فالوضع دقيق وخطير"، حسب تعبيره.
رأي قانوني
من جهتها، اعتبرت أستاذة القانون الدستوري في تونس، منى كريّم، أن رئيس الحكومة المكلّف هشام المشيشي "استوفى الآجال الدستورية، ولم يعد بإمكانه إدخال تحويرات على قائمة أعضاء الحكومة المقترحة".
وأضافت لمواقع محلية، أنه لا يحق له إجراء أي تحويرات على حكومته المرتقبة لانتهاء الآجال الدستورية، مشيرة إلى أن "إدخال أي تحويرات في الوقت الحالي، يُعتبر خارج سياق الآجال الدستورية".
وأوضحت كريّم أن ما هو متاح لهشام المشيشي حاليا، هو مراسلة رئاسة مجلس نواب الشعب لتصحيح خطأ مادّي في اسم أحد أعضاء الحكومة المرتقبة أو لقبه، مبينة أن المشيشي بإمكانه إجراء تحوير على حكومته بعد نيل الثقة من مجلس نواب الشعب، وأداء اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية.
اقرأ أيضا: "تحيا تونس" تقرر دعم حكومة المشيشي.. ومبادرة لحل الأزمة
في المقابل، اعتبرت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي، أن المشيشي كان "مضطرّا" لاتخاذ قرار التخلّي عن وليد الزيدي المرشح لحقيبة وزارة الشؤون الثقافية، بعد أن عبّر الأخير عن "تعففه عن تحمل هذه المسؤولية".
وأشارت إلى أن رئيس الحكومة المكلف "بات في وضع الضرورة، وهو ملزم على التصرّف في اقتراح شخصية أخرى"، وفق تقديرها.
وأضافت أن رئيس الجمهورية معني فقط باقتراح حقيبتيْ الدفاع والشؤون الخارجية، بحسب قولها.
وكان المشيشي قرر، الخميس، التخلي عن وليد الزيدي من تشكيلة الحكومة المقترحة في حقيبة وزارة الشؤون الثقافية، إلا أن سعيد عبر لدى استقباله الزيدي، عن تثمينه ودعمه ترشيحه للمنصب الوزاري.
اجتماع حكومة المشيشي
واجتمعت الخميس، حكومة المشيشي، لأول مرة، في قصر قرطاج، في حين قال رئيس الحكومة المكلف عند بدء الاجتماع؛ إنه سيقوم بكل ما في وسعه لتنال حكومته ثقة مجلس النواب.
وأكد المشيشي، في ندوة صحفية إثر لقائه بأعضاء حكومته المقترحة، أنه سيواصل لقاءاته بممثلي الأحزاب إلى غاية يوم جلسة التصويت على منح الثقة لحكومته بالبرلمان، مجددا تأكيد التزامه بالعمل مع الأحزاب ومكونات الطيف السياسي والكتل النيابية كافة، وحتى النواب بصفة فردية، وفق تعبيره.
وبخصوص اللقاء الذي جمعه اليوم بأعضاء حكومته المقترحة، أشار المشيشي إلى أنه تطرق إلى أولويات الحكومة القادمة وآليات عملها، مشددا على أنها ستكون حكومة إنجاز بالأساس.
ورحب المشيشي بالمبادرات السياسية كافة التي تتضمن حلولا للصعوبات التي تعيشها البلاد، مؤكدا أنه سينظر في مثل هذه المقترحات، وسيتفاعل معها إيجابيا.
ويكون موعد امتحان المشيشي في البرلمان في 1 أيلول/ سبتمبر المقبل في جلسة عامة، وفق ما أكده النائب في البرلمان التونسي عبد اللطيف علوي في وقت سابق اليوم الثلاثاء، لـ"عربي21".
وقالت أستاذة القانون الدستوري وعضو المكتب التنفيذي لجمعية القانون الدستوري هناء بن عبدة في حديث سابق لـ"عربي21"؛ إنه بحسب الدستور التونسي، فإنه: "في حال الفشل يتم حل البرلمان من رئيس الدولة بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 89"، وتتم الدعوة لانتخابات مبكرة في أجل أدناه 45 يوما، وأقصاه 90 يوما.
والمشيشي بحاجة إلى 109 أصوات على الأقل ليعبر من بوابة البرلمان المنقسم بشكل كبير.