هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا اعتبرت فيه أن التطبيع الخليجي مع الاحتلال يؤذن ببدء مرحلة جديدة، تملأ فيها "إسرائيل" مكان الانسحاب الأمريكي، فيما تواصل دول المنطقة دفع الأموال، ولكن للسيد الجديد.
وبدأت الصحيفة تقريرها بالحديث عن سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الاستفادة من تطبيع كل من الإمارات والبحرين مع الاحتلال الإسرائيلي في الانتخابات الرئاسية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه قبل 50 يوما من الانتخابات التي قد تؤدي إلى إعادة انتخاب دونالد ترامب، شهد الرئيس الأمريكي، يوم الثلاثاء، في البيت الأبيض على توقيع اتفاقية بين الاحتلال والبلدين الخليجيين.
ودون ذكر أسمائها، أكد ترامب أن "خمس أو ست دول أخرى" ستقيم قريبا علاقات دبلوماسية مشابهة مع الاحتلال، وكان ترامب "صانع السلام" يهدف إلى تحقيق "انتصار عظيم" قبل انتخابات الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر وقد أعلن عن "فجر جديد" في المنطقة.
وبينت الصحيفة أن ترامب أكد خلال لقاء ثنائي جمعه برئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل وقت قصير من المشاركة في التوقيع على ما يسمى "باتفاقيات إبراهيم": "هناك دول عديدة أبدت استعدادها للسير على خطى الإمارات والبحرين وتطبيع العلاقات مع إسرائيل".
وفي هذه الاتفاقية مثّل نتنياهو الاحتلال الإسرائيلي في حين مثل وزيرا الخارجية، الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، والبحريني خالد بن أحمد آل خليفة بلديهما.
حسابات انتخابية
كما أعلن ترامب قائلا: "لقد غيرنا مجرى التاريخ"، مشيرا إلى أن الإنجاز الذي وقع التوصل إليه سيكون في خطر في حال فاز "جو النائم"، كما يشير باستخفاف لخصمه الديمقراطي، جو بايدن، مضيفا أن الأخير سيعيد الاتصالات الدبلوماسية مع إيران، التي كانت من أهم إنجازات إدارة باراك أوباما.
وأوضحت الصحيفة أنه سواء انضمت دول أخرى إلى هذا الاتفاق في الأسابيع المقبلة أم لا، فقد حقق ترامب بالفعل نصرا انتخابيا مهما من خلال إدارته لانقسام الأصوات اليهودية، التي لطالما كانت ديمقراطية.
وأبرزت الصحيفة أن الاتفاق لا يشكل "السلام" الذي أعلن عنه ترامب، "لأنه لا ينهي الصراع الحالي في المنطقة، وأيضا بين إسرائيل وتلك الدول، لأنه لم تكن هناك حرب مفتوحة بينهما".
من المؤكد أن نتنياهو وزعماء البحرين والإمارات قد خلقوا أجواء مناسبة للحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري، وفق الصحيفة، التي نسبت لجاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره وخاصة في الشرق الأوسط، أن "الحوار لم يكن ضروريا للغاية" لتحقيق تلك الصفقات.
وقال كوشنر: "ما فعلناه هو بناء الثقة بين الأطراف المختلفة؛ نحن أمام بداية نهاية الصراع العربي الإسرائيلي".
ملء للفراغ الأمريكي
وأضافت الصحيفة أن الاحتلال بدأ في ملء الفراغ الذي خلفه الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من الشرق الأوسط، فقد عزز التهديد المشترك الذي تمثله إيران في المنطقة التقارب بين القوة العسكرية والتكنولوجية لإسرائيل والقوة الاقتصادية لدول الخليج.
وبالتالي، فإن الحفل التاريخي الذي أقيم يوم الثلاثاء في البيت الأبيض يشبه عقد مصلحة مشتركة أكثر من كونه تشكيل كيان جيوستراتيجي، وفق الصحيفة.
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: تفاصيل اتفاقيتي التطبيع مع إسرائيل غامضة
وفي الواقع، بينما تعتمد أبوظبي صيغة المعاهدة، عقب الإعلان عن فتح السفارات في البلدين قبل شهر، يقتصر نظام المنامة على التوقيع على إعلان عام لإقامة علاقات في المستقبل.
هل نشهد بالتالي ولادة شرق أوسط جديد؟ يبدو أن توقع كوشنر يتماشى مع استراتيجية الحملة الانتخابية لإعادة انتخاب الرئيس الجمهوري أكثر مما يتوافق مع التحول السريع في المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن هذه العملية ترتبط بعلاقات إقليمية كانت ترتسم منذ أكثر من عقدين، عندما فتح الاحتلال الإسرائيلي شركات تجارية في الخليج بعد اتفاقات أوسلو (1993) مع الفلسطينيين.
وفي هذا السياق، أشار مدير الأمن القومي السابق في حكومة الاحتلال، يعقوب ناجل، الثلاثاء، في الإذاعة الإسرائيلية، بقوله: "ينبغي عدم المبالغة في إيلاء أهمية للاتفاقات أو إهمالها؛ فهي عملية تخلق محورا مضادا لإيران (...) ومن الواضح أن الإمارات والبحرين ستتلقيان في المقابل دعما عسكريا من إسرائيل والولايات المتحدة".
ووفق الصحيفة، فقد حرص نتنياهو على عدم الكشف عن تفاصيل الاتفاق قبل التوقيع واكتفى بالإشادة بأهميته التاريخية.
وأضافت: "وفي الوقت الذي يستعد فيه الإسرائيليون للبقاء في الحجر الصحي اعتبارا من نهاية هذا الأسبوع ولمدة ثلاثة أسابيع من أعياد رأس السنة اليهودية الجديدة، لم يُحدث الإنجاز الدبلوماسي لرئيس الوزراء التأثير المنتظر في إسرائيل وسط الأخبار السيئة اليومية حول الأزمة الصحية والاقتصادية".
وتابعت الصحيفة بأنه حتى الآن، كان لإسرائيل تفوق تكنولوجي عسكري ضمنته واشنطن طيلة ستة عقود. كما لمح نتنياهو إلى أنه سيطالب بتعويضات من ترامب للحفاظ على ميزة استراتيجية في سماء الشرق الأوسط.
ومن جهتهم، توقع الإماراتيون بالفعل أن تطبيع العلاقات سيؤدي إلى تعليق المشروع الإسرائيلي المتعلق بالضم الجزئي للضفة الغربية، والذي قُدم تحت غطاء ما يسمى "بصفقة القرن"، وهي خطة السلام في الشرق الأوسط للبيت الأبيض التي طُرحت في كانون الثاني/يناير ورفضها الفلسطينيون بشكل قاطع.
وصرحت وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، ريم الهاشمي، على شبكة "سي أن أن" قائلة: "إن تعليق الضم عنصر مهم في الاتفاقية (...) دفاعا عن حق الفلسطينيين في دولة وحياة كريمة".
وتخفي رسالة "السلام مقابل السلام" التي حملها نتنياهو إلى واشنطن في مواجهة الإجماع الدولي المفترض التخلي عنه بشأن "السلام مقابل الأراضي" تحولا عمليا واضحا نحو "السلام مقابل المصالح"، وفق الصحيفة.
وتابعت "البايس" بالإشارة إلى أن قرار الإمارات، الحليف الوثيق للسعودية، فضلا عن البحرين، يعتبر "خيانة" بالنسبة للفلسطينيين، الذين لم يتمكنوا من إدانة قرار بعض الدول الخليجية، التي تمول على وجه التحديد العديد من دول المنتدى الإقليمي، أي جامعة الدول العربية.
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أنه بعد فشل المفاوضات مع كوريا الشمالية، يسعى ترامب إلى أن يقدم في حملته صورة شخصية لرجل دولة دولي يحل النزاعات ويختمها بدلا من استفزازها.