تواصل الصحافة العبرية الاهتمام بالمصير الذي
ستؤول إليه الانتخابات الأمريكية التي ستجرى في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر
القادم.
ومع توالي تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن
على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قدم الكثير من الهدايا للاحتلال
الإسرائيلي، في استطلاعات الرأي، فإن السؤال في تل أبيب بات ملحا جدا حول ماذا
سيكون موقف بايدن من مجمل التطورات في القضية الفلسطينية، خصوصا أن علاقة متشابكة
وشبه غرامية جمعت بين ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يكون
من الصعب تكرارها مع بايدن.
وعليه فإن المحاضر والخبير
في الشؤون الأمريكية إيتان غلبوع يتساءل: كيف سيتعاطى بايدن وإدارته مع إسرائيل؟ وكيف
ينبغي لإسرائيل أن تتعاطى معه؟
يتوقع غلبوع
في مقال له في صحيفة "معاريف" استمرارية ما في السياسة التي ميزت إدارة أوباما
حال فوز بايدن الذي كان نائبا له طيلة ثمانية أعوام. لكنه يتوقع أيضا أن بايدن سيحاول
أن يترك أثرا خاصا، وعليه فإنه سيحاول التحرك في مسار خاص به. في سنة ولايته الأولى
وربما بعدها، سيتركز اهتمامه على الشؤون الداخلية والتصدي لأزمات كورونا الصحية والاقتصادية
والعلاقات العرقية. وسيعنى فقط في الشؤون الخارجية التي ستكون اضطرارية لأمن ورفاه
الولايات المتحدة.
وحول سياسته
تجاه الاحتلال الإسرائيلي يقول الباحث في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية
في جامعة بار إيلان، إن تلك السياسية ستتأثر بعاملين رئيسيين: تركيبة الكونغرس ومواقف الجناح
اليساري في الحزب الديمقراطي. يعتقد غلبوع أن الديمقراطيين سيواصلون التحكم بمجلس النواب،
وثمة احتمال لأن يتحكموا بمجلس الشيوخ أيضا. وسيسمح التحكم التام للديمقراطيين في البيت
الأبيض وفي الكونغرس لبايدن لأن يدير السياسة كما يشاء دون معارضة من جانب المشرعين.
وفي ما يتعلق بالعامل الداخلي للحزب الديمقراطي يرى غلبوع أن الجناح اليساري فيه برئاسة
بارني ساندرز وإليزابيت وورن معاد لإسرائيل. وحفظا لوحدة الحزب فإنه سيتعين على بايدن
أن يخصص لهم بضعة تعيينات رفيعة المستوى، ولكن ليس واضحا ما إذا كانوا سيندرجون في مناصب
في شؤون الخارجية والأمن.
وفي ما يتعلق
بقرارات ترامب حول القدس يعتقد غلبوع أن بايدن لن يعيد السفارة الأمريكية من القدس
إلى تل أبيب، ولكنه سيعيد فتح القنصلية للفلسطينيين في شرق القدس وكذا مكتب م.ت.ف
في واشنطن، الذي أغلقه ترامب. كما أنه لن يستخدم المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل
كي يفرض عليها خطوات تجاه الفلسطينيين، كما يطالب الجناح اليساري في حزبه، ولكنه سيستأنف
المساعدة
الاقتصادية الأمريكية للسلطة الفلسطينية ولوكالة غوث الفلسطينيين التابعة
للأمم المتحدة.
ويتوقع غلبوع
أن يتجاهل بايدن خطة السلام لترامب وسيعارض بكل حزم ضم مناطق في الضفة والبناء في المستوطنات.
لكنه يستدرك بالقول إن "اتفاقات التطبيع مع الإمارات والبحرين دحضت افتراضات إدارة
أوباما وأسلافها، التي كانت تعتقد أن المواجهة مع الفلسطينيين هي المصدر الأساسي لعدم
الاستقرار في المنطقة وأن السلام الإسرائيلي – العربي لن يتحقق إلا بعد أن يتحقق السلام
الإسرائيلي – الفلسطيني".
وفي ما يتعلق
بالاتفاق النووي مع إيران يقول غلبوع إن بايدن شجب إلغاء ترامب للاتفاق الذي كان شريكا
في تحقيقه. ويعتقد أن بايدن سيجري مفاوضات مع إيران على اتفاق جديد يقدم جوابا للتطورات
التي وقعت منذ التوقيع على الاتفاق الملغي. ويشترط الإيرانيون للدخول في مفاوضات رفع
العقوبات القاسية التي فرضها ترامب عليهم، ويحتمل أن يوافق بايدن على هذا الشرط المسبق.
وفي الختام يطالب غلبوع نتنياهو بإحداث
تغييرات هامة في سلوكه وسياسته لضمان أن لا يكرر بايدن سياسة سلفه أوباما تجاه
الاحتلال الإسرائيلي.