هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد محللون أتراك، أن أنقرة وموسكو استفادتا كثيرا من توقيع الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان في قره باغ، لافتين إلى أن روسيا حافظت على ساحتها الخلفية وهي الرابح الأكبر.
وقال الكاتب التركي اتشيتينار اتشيتين، في مقال على صحيفة "خبر ترك"، وترجمته "عربي21"، إن أذربيجان حققت انتصارا تاريخيا، وإن ذلك يعد انتصارا لتركيا.
وأوضح، أنه بدون الأسلحة التركية، والمستشارين العسكريين الأتراك، لن تكون باكو قادرة على شن هجوم على أرمينيا، فقد كانت أذربيجان تنتظر القرارات التي ستخرج من مجموعة "مينسك" منذ 28 عاما، ولكن العالم شاهد هذه المرة قوة تركيا كحليف لها من خلال التكنولوجيا العسكرية والطائرات المسيرة والأسلحة الدقيقة.
واستدرك بالقول، إنه مع نهاية حرب قره باغ التي استمرت ستة أسابيع، فإن موسكو وليست أنقرة، المستفيد الأكبر من الصراع الجيوسياسي على جنوب القوقاز.
وأشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعد المسؤول الأول عن أرمينيا الآن، ونشر المزيد من جنوده في البلاد، كما أنه بالاتفاق زاد نفوذه على أذربيجان الغنية بالمواد الخام.
اقرأ أيضا: FT: ما تداعيات دعم تركيا لأذربيجان على نفوذ روسيا بالقوقاز؟
ولفت إلى أنه بالبداية، كان يعتقد أن موسكو فقدت نفوذها في جنوب القوقاز، وأن لاعبا جديدا (تركيا) جاء إلى المنطقة، وقد حققت أنقرة أداء قويا بالمنطقة، إلا أن روسيا أثبتت نفوذها بالمنطقة باستخدام الديناميات لصالحها.
وأضاف أنه على الرغم من الاتفاق، فإن موسكو تسعى جاهدة لاستبعاد أنقرة من قواعد اللعبة في المنطقة، والتساؤل الذي يطرح نفسه، هو: "ماذا سيحدث إذا لم تسحب روسيا قواتها من المنطقة بعد خمس سنوات؟".
واستدرك أن التساؤل، لا يغير حقيقة أن أنقرة اكتسبت ثقلا جيوسياسيا في المنطقة، لافتا إلى أنها تريد فرض نفسها كقوة إقليمية سياسيا وعسكريا واقتصاديا في منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبحر الأسود وجنوب القوقاز.
وأوضح أن "تركيا منذ البداية، وضعت إلى حد كبير أسسا جديدة في المنطقة، من خلال تقديمها الدعم لأذربيجان "الشقيقة" في قره باغ، في محاولة لأن تكون متساوية بالقوة مع موسكو بشأن مصير المنطقة، لكن موسكو تسعى لاستبعادها من مراقبة السلام الهش".
في سياق آخر، أشار الكاتب التركي، إلى أن الاتفاق الموقع، يحل مشكلة أخرى بالنسبة لباكو لكنه يعد مفيدا لأنقرة، وهي التسوية بشأن جمهورية ناختشيفان التابعة لأذربيجان.
ويحيط بجمهورية ناختشيفان المتمتعة بحكم ذاتي، من الشمال والشرق أرمينيا، ومن الجنوب والغرب إيران، ولها حدود قصيرة مع تركيا في الشمال الغربي، وينص الاتفاق على أن لأذربيجان الحق في عبور أرمينيا إلى هناك، وأنه سيتم نشر قوات روسية على طول الطريق لضمان سلامة الممر.
وتابع، بأنه بفضل الممر، فإن تركيا ستكون قادرة على توفير الوصول المباشر إلى أذربيجان، وهكذا يمكن إنشاء "ممر" يمتد من تركيا إلى بحر قزوين عبر جسر بري، مما يحسن الوضع الجيوسياسي لأنقرة.
بدوره قال الخبير التركي، سامي كوهين، في مقال على صحيفة "ملييت" وترجمته "عربي21"، إن أحد أهم نتائج حرب ناغورنو قره باغ التي استمرت 44 يوما، والتي أسفرت عن النصر اللامع لأذربيجان والهزيمة الثقيلة لأرمينيا، هي أن الوجود العسكري والسياسي التركي في القوقاز تم إبرازه أيضا أمام العالم.
وأضاف أن تركيا أظهرت أنها جهة فاعلة مهيمنة في هذه المنطقة، وتتولى أيضا دورا بارزا، فنجاح أذربيجان في "حرب الاستقلال" في قره باغ نجاح مهم لها.
اقرأ أيضا: نصر أذري وغليان في أرمينيا.. هذه تفاصيل اتفاق قره باغ (شاهد)
وأشار إلى أن التحركات التركية في جنوب القوقاز، جزء من استراتيجية لها لتصبح قوة إقليمية وعالمية، ففي الآونة الأخيرة كان لأنقرة تأثير واضح على جغرافية واسعة النطاق عبر مبادراتها الخاصة في هذا الاتجاه، ولها دور فعال في منطقة الشرق الأوسط لا سيما في سوريا والعراق، وفي قطر والصومال والمنطقة الممتدة من الخليج إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي.
وأضاف أن مكاسب تركيا من حرب قره باغ كانت نتيجة للسياسة التي اتبعتها في المنطقة، والتي ترتكز على ركيزتين هامتين، أولها الدعم العسكري لأذربيجان ودوره في تحقيق الانتصار، لا سيما من خلال الأسلحة الحديثة.
ولفت إلى أن الطائرات المسيرة التركية محلية الصنع أصبحت حديث العالم وانتقلت إلى الأدب العسكري العالمي.
أما الركيزة الثانية، فتتمحور حول الدبلوماسية التي انتهجتها أنقرة في شراكتها مع موسكو في المراحل الأخيرة من الحرب.
وأضاف الخبير التركي، أن في روسيا جهات غير مرتاحة من الظهور المفاجئ لتركيا كمنافس قوي في القوقاز.
وأكد أن روسيا بالوقت ذاته، التي أدت دورا دبلوماسيا وسيطا، هي الجهة الفاعلة الأكثر ربحا، وأظهرت أن القوقاز ساحتها الخلفية، وليس لديها رغبة بأي وجود غربي بالمنطقة.
وأضاف أن الموقف التركي، خدم روسيا في تأكيد موقفها، فالمنطقة أصبحت بين جهتين فاعلتين هما أنقرة وموسكو، فيما استبعد كل من الولايات المتحدة وفرنسا من المعادلة، ما خلق توازنا جديدا.