هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إعلان السلطة الفلسطينية عودة الاتصالات مع الاحتلال الإسرائيلي ردود فعل فلسطينية واسعة، واعتبر محللون سياسيون أن هذا القرار الذي جاء بشكل منفرد سيؤثر بلا شك على جهود المصالحة، وأن السبب الرئيسي لهذا الإعلان كان خسارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترمب في الانتخابات.
وقال المحلل السياسي سامر عنبتاوي
لـ"عربي21" إن القرار بالعودة كان منفردا، ولم يشارك فيه الكل
الفلسطيني، رغم أنه كان هناك اتفاق شامل بوقف كافة الاتفاقيات مع الاحتلال.
وأوضح عنبتاوي أن "هذه القرارات
مرتبطة كليا بالطواقم الإسرائيلية والإدارة الأمريكية"، معتقدا أنه "تم
التراجع عن هذا الموقف الفلسطيني لأسباب عدة، أولها اعتقاد السلطة أن تغير الرئاسة
الأمريكية سيكون جيدا للقضية الفلسطينية، خاصة أن المشكلة كانت في صفقة
القرن".
وتابع: "هناك تصريحات تتحدث
عنها السلطة، تنبئ بعودة المواقف الأمريكية لسابق عهدها بعد فوز المرشح الديمقراطي
جو بايدن"، مضيفا أن "السبب الثاني هو الأزمة الاقتصادية التي تعيشها
السلطة منذ أشهر عدة، وعملية الضغط في موضوع أموال المقاصة".
ورأى عنبتاوي أنه "كان يجب فصل
المقاصة عن أي ملف آخر سياسي، لأنها استحقاقات فلسطينية ومطالب بها
الاحتلال"، مشيرا إلى أنه كانت هناك رزمة اتفاقيات باستلام أموال المقاصة
مقابل عودة الاتصالات بين الجانبين.
وذكر أن السبب الثالث في شعور السلطة
بتراجع الدعم المعنوي والمادي عربيا، خاصة بعد اتفاقيات التطبيع التي وقعتها عدد
من الدول العربية مؤخرا؛ فكل ذلك أدى إلى عودة السلطة إلى مربع الاتصالات مع
الإسرائيليين.
اقرأ أيضا: هكذا قرأت صحف الاحتلال عودة التنسيق الأمني مع السلطة
وحول أثر هذا القرار، أكد عنبتاوي
أنه سيكون بالغا؛ حيث إنه كان قرارا منفردا بامتياز لم تتم فيه مشاورة الشعب أو قيادات
الفصائل الفلسطينية؛ لأنه عندما اتخذ قرار وقف الاتصالات كان عليه إجماع وطني
فلسطيني من الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني في الداخل والخارج؛ وحصل قرار شامل من
الأمناء العامين للفصائل؛ ولكن الآن لم تتم مشاورة أحد وهناك رفض كبير من الغالبية
العظمى للفلسطينيين.
وأردف: "هذا سيؤثر على ملف
المصالحة، لأنه يعتمد على إجراء انتخابات وشراكة سياسية كاملة وبرنامج وطني موحد؛
ويؤكد ذلك أن ما خدع الشعب هي السياسة الأمريكية التي تحالفت مع الاحتلال؛ ولكن
بتحالفها أعطت المجال للاحتلال بالعودة تدريجيا للمربع الأول".
وشدد على أن "الولايات المتحدة
لم تكن داعمة للشعب الفلسطيني، بل على العكس كانت حليفا كاملا للاحتلال، ومن يقول
إن صفقة القرن سقطت معظم بنودها فهو مخطئ، لأنها طبقت على أرض الواقع من تغول
الاستيطان ونقل السفارة الأمريكية؛ ومخطط الضم تم تأجيله فقط".
صراع داخلي
بدوره، رأى المحلل السياسي هشام
الشرباتي أن العودة للاتصالات بين الجانبين كانت متوقعة؛ وأن من كان غير متوقع أن
السلطة ستعود لذلك فحساباته السياسية خاطئة.
وقال الشرباتي لـ"عربي21"
إن السلطة مرتبطة باتفاقيات مع الاحتلال هي سبب وجودها؛ فإذا تخلت عنها فإن وجود
السلطة مهدد بالانهيار، مبينا أن قرار وقف الاتصالات والتعامل مع الاحتلال كان
إعلاميا فقط، ولكن كانت هناك تحت الطاولة اتصالات سرية كما جاء في تقارير
إسرائيلية.
وأوضح أن الاتصالات لم تنقطع لأنه لا
يمكن أن تتخلى السلطة عن الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، أما أسباب ذلك فهو أن
السلطة كانت اتخذت تقدير موقف لما بعد انتخاب بايدن؛ فهي تعتقد أنه عند مجيئه
سيغير السياسة الخارجية مع الفلسطينيين ويجمد جميع الإجراءات التي اتخذها ترامب،
وبعد فوزه فإن من الممكن الذهاب باتجاه عودة العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية لما كانت
سابقا.
ولفت إلى أن هذا يدل على أن السلطة لا
يمكن أن تتخذ قرارا استراتيجيا مع الاحتلال؛ ويدل كذلك على أن السلطة كل خطاباتها
إعلامية فقط ولا تمت للواقع بصلة.
ويستكمل بقوله: "التنسيق الأمني
لا يمكن أن يتوقف لأن هذه الاتفاقيات وجودية؛ أما كيف يتعاملون مع الملف القادم
فهو شائك لأن توقعاتهم أن بايدن قد يقوم بإعادة كل شيء لما قبل عهد ترامب، ولكن هذا
امتحان له، فهل سينجح بإعادة ذلك وهل سيعيد التفاوض وفقا لقرارات الأمم المتحدة؟
كل ذلك بحاجة لبحث ودراسة وتمحيص، ولكن تاريخيا فالاحتلال لا يمكن أن يعطي السلطة
دولة؛ لا نتنياهو ولا غيره سيقوم بذلك وبالتالي فإنها ستؤول كل هذه الآمال إلى الخيبة؛
والأيام ستثبت ذلك".
ورأى الشرباتي أن هذا القرار سيؤثر
سلبا على مجرى المصالحة الفلسطينية الداخلية؛ حيث ظهر عبر الصحافة العبرية تسريب
لمنسق الإدارة المدنية الإسرائيلي صرح فيه بأن التسريب من قبل بعض قيادات السلطة
حول الاتصالات هو آخر ورقة منهم لعودة العلاقات؛ وهذا جاء لتخريب مباحثات المصالحة
التي يقودها جبريل الرجوب، وكأنها ناتجة عن صراع داخلي في السلطة بعد ساعات من
الإعلان عن تقدم في المصالحة ونية عقد جلسة جديدة للأمناء العامين للفصائل.
اقرأ أيضا: عودة السلطة للتنسيق الأمني تشعل تويتر.. "طعنة بالظهر"
وتوقع أن يتسبب التسريب في تأثير
سلبي على المصالحة، التي قد تكون في أشد تعقيداتها وضغوطاتها، بالذات أن فريقا
داخل السلطة غير معني بالذهاب لانتخابات؛ حيث لا يريد أن تأخذ حماس أي شرعية
سياسية أو دولية سواء بفوزها أو بدخولها في قوائم مشتركة.
وتابع: "الذهاب لنقطة أن تكون
حماس شريكا بالسياسة هو مهلكة قاتلة لفتح؛ خاصة في ظل صراع داخلي بين أقطاب فتح
حول خلافة محمود عباس"، مبينا أنه إن كان التسريب حقيقيا فهذا جناح داخل
السلطة أراد أن يسرب المعلومة للتخريب على جهود الرجوب في تحقيق تقدم بالمصالحة مع
حماس.
عودة المفاوضات
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية
والإعلام كمال علاونة أن عودة الاتصالات الفلسطينية-الإسرائيلية هي مقدمة لعودة
المفاوضات بين الجانبين برعاية أمريكية.
وبيّن علاونة خلال حديث لـ"عربي21"
أنه كانت هناك قطيعة بعد الإعلان عن مبادرة صفقة القرن؛ ولكن بعد هزيمة الرئيس
الأمريكي الحالي دونالد ترامب في الانتخابات أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن، أصبح
هناك انفراج في العلاقات الأمريكية الفلسطينية وبالتالي انفراج في العلاقة
الإسرائيلية الفلسطينية اقتصاديا وأمنيا وسياسيا".
وفي ما يتعلق بالرؤية الإسرائيلية
لعودة المفاوضات والتنسيق الأمني، قال علاونة إن وزير جيش الاحتلال سيجتمع مع قادة
الجيش، لترتيب إعادة التنسيق الأمني، وعودة العلاقات الأمنية مع الفلسطينيين، والتي
توقفت في أيار/ مايو الماضي، حينما أوشك نتنياهو على تنفيذ خطة الضم بالضفة
الغربية المحتلة.
وأشار إلى أنه بعد هزيمة ترامب وقرب
استلام بايدن للحكم، فستكون هناك إعادة للعلاقات والاتصالات بين القيادتين
الفلسطينية والأمريكية المنتخبة؛ وأن الاحتلال يراهن الآن على عودة العلاقات مع
الفلسطينيين برعاية أمريكية أو من دونها.
وأوضح أن من نتائج ذلك أيضا إعادة
أموال المقاصة التي تقدر بأكثر من 600 مليون شيكل (171 مليون دولار) والتي تشكل
ثلاثة أرباع الميزانية للسلطة؛ والاحتلال الإسرائيلي يتقاضى منها ما نسبته 3%،
ولكن ليس له أن يتدخل في عمليات صرفها سواء كانت لأسر الشهداء أو الأسرى أو
الجرحى، ولكنه رغم ذلك يتدخل ويصدر الأوامر والتعليمات.
ورأى علاونة أن السلطة تتهرب أحيانا
من هذه الأوامر، ولكنها ترضخ في أحيان أخرى لابتزاز الاحتلال؛ رغم أن مسألة المقاصة
مهمة للشعب الفلسطيني، وهي أموال فلسطينية بحتة وليس للاحتلال أن يتدخل في صرفها.
وفي ما يتعلق بملف المفاوضات، أعرب
علاونة عن اعتقاده بأنها ستعود قريبا فور أن تحدد القيادة الفلسطينية الشخصية
الجديدة التي ستخلف مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الراحل صائب
عريقات.