هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انطلقت
في العراق دعوات للخروج في احتجاجات حاشدة، الاثنين، رفضا لقرارات الحكومة تعويم الدينار
العراقي، إضافة إلى تخفيض رواتب الموظفين في موازنة 2021.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وسمي "#دعوة_للتظاهر"، و"#تعويم_الحكومة_والفاسدين"؛ لحث العراقيين على التظاهر في ساحة التحرير ببغداد وغيرها من ساحات الاحتجاج في المحافظات، مساء الاثنين، لمطالبة الحكومة بالتراجع عن قراراتها.
وفي
ظل حالة الغليان الشعبي جراء قرارات حكومة مصطفى الكاظمي، برزت تساؤلات حول إمكانية
تفجر الاحتجاجات في عموم البلاد، على غرار ما شهدته في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وهل
يدفع ذلك الحكومة للتراجع عن خطواتها هذه؟
نقمة
شعبية
من جهته،
قال الخبير السياسي العراقي، أحمد الشريفي، في حديث لـ"عربي21"، إن
"المعطيات ذاهبة باتجاه رفع منسوب النقمة الجماهيرية، حيث تتعلق المسألة باحتياجات المواطنين المباشرة".
ويرى
الشريفي أن تعويما بهذا الشكل هو "تعويم للسيادة الوطن، وجعل البلد الطرف الأضعف في التوازنات الإقليمية والدولية، خصوصا أنها تزامنت
مع أزمة إقليمية، بعد رفع الولايات المتحدة منسوب العقوبات على سوريا، وفرض عقوبات جديدة
على تركيا".
وأضاف
أن "جعل الأزمات الإقليمية تتزامن مع ما يدور في الداخل العراقي له أبعاد أكبر
بكثير من سوء الإدارة والفساد، وربما ترتقي إلى مستوى المؤامرة، لأنه لا أحد يسعى إلى
إضعاف دولته بهذه الكيفية، ويصنع نقمة جماهيرية قد تدخل البلد في دوامة الفوضى، ويبرر
أن هناك سوء إدارة".
اقرأ أيضا: احتجاج برلماني ضد وزير مالية العراق بعد تخفيض سعر الدينار
الشريفي، أشار أيضا إلى أن "الحكومة بقراراتها الأخيرة أرسلت رسالة إلى الرأي العام العراقي، مفادها أن الأحزاب التي تسرق حقوقك وتبتزك هي بمنأى عن المحاسبة والمتابعة الحكومية،
وأن الطرف الأضعف هو المواطن، وقد بات هدفا للحكومة".
وتابع:
"كان الأجدر بالحكومة أن تحقق رغبة الشارع في إنهاء هيمنة الأحزاب وتحكمها في
الموارد المادية والبشرية، فالمال والوظائف ومصير الناس بيدهم، بمعنى أن التعيين بيد
الحزب، وكذلك المال، وكان الأجدر بالحكومة تفكيك هذه المعادلة".
الإطاحة
بالحكومة
وبحسب
الشريفي، فإن "هذه الحكومة غير صالحة،
وسيكون الهدف الاستراتيجي للشعب العراقي هو الإطاحة بها، لأن إمكانية التراجع عن قراراتها
الأخيرة بخصوص الرواتب وتعويم الدينار لم يعد متاحا".
وتساءل:
"هل النقمة الجماهيرية وحالة التظاهرات ستؤدي إلى حالة الفوضى وانفلات؟ أرى
أنه نعم، لأن الحكومة هي التي فشلت في فرض إرادتها على المؤسسات".
وأكد
الشريفي أن "العراق أمام تحد خطير جدا، يستلزم سرعة الرد والمعالجة، لأن هذه الحكومة
لا تستطيع فعل ذلك".
من جهته،
قال الخبير الاقتصادي العراقي، عامر الجواهري، في حديثه لـ"عربي21"، إن
"الفساد دمر البلد وأصبح مؤسسيا، لذلك نلاحظ الشوارع مدمرة، ولا يوجد من يحاسب
المقاول والمشرف والشركة التي استلمت هذا العمل".
وحول
إمكانية تراجع الحكومة عن القرار إذا انفجر الشارع العراقي، قال الجواهري إن
"الحكومة يفترض أساسا أن تتنبأ وتتوقع ردات الشارع سلبا وإيجابا قبل طرح
الحلول المقدمة".
ولفت
إلى أن "المعالجات الحكومية للوضع الاقتصادي تعني أن الشعب العراقي سيتحمل قساوة الحلول
لفترة قادمة، لكن على الحكومة تخفيف ذلك من خلال تطمينه، واتخاذ إجراءات على التوازي؛ لتقليل الضرر الذي سيحصل".
وشدد
الجواهري على أن "من واجب الحكومة إعادة النظر؛ لمعرفة ماهية المعالجات الأساسية، فهناك
بعض اللمسات التي تعتبر شبه سحرية، ومنها كيفية جلب رؤوس أموال استثمارية أجنبية على
وجه السرعة لإدخال بضع مليارات إلى العراق".
اقرأ أيضا: "كورونا" يجبر العراق على خفض قيمة الدينار أمام الدولار
وأشار
الخبير الاقتصادي إلى أنه "لا بد أن تتنبأ الحكومة لما سيترتب
على القرارات الأخيرة، لأن الشارع يشهد غليانا حقيقيا".
"آثار
كارثية"
وفي
السياق ذاته، وصف رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، على "تويتر"، آثار إقدام البنك المركزي العراقي على تخفيض قيمة الدينار العراقي بأنها "كارثية"،
ودعا الحكومة إلى التدخل المباشر لتلافي تلك الآثار.
— Nouri Al-Maliki (@nourialmalikiiq) December 20, 2020
وعلى
نحو مماثل، دعا زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، عبر تغريدة في "تويتر"،
العراقيين إلى التعبير عن رفضهم لما يجري الآن ضدهم، واصفا ما يجري بأنه أكبر عملية
سرقة في وضح النهار، متوقعا أن "تصل الأمور إلى ما يحمد عقباه".
— قيس الخزعلي (@Qais_alkhazali) December 20, 2020
وكان
وزير المالية العراقي، علي علاوي، قد أكد أن تعديل سعر الصرف "قرار سياسي"
مدعوم من القوى السياسية، مشيرا إلى أن الاقتصاد العراقي سوف "يزداد فاعلية مع
دخول الإصلاحات الاقتصادية حيز التنفيذ".
وعن
التوجه نحو تخفيض رواتب الموظفين، قال الوزير في مقابلة تلفزيونية مع عدد من القنوات
العراقية، السبت، إن "مخصصات الموظفين ستخفض، لكنها لن تمس أو تؤثر على جميع
الموظفين، والرواتب لم تمس"، مشيرا إلى أن "هناك مخصصات مبالغ بها لبعض فئات
الموظفين".
ونبه
علاوي إلى أن "120 بالمئة من الموازنة تذهب لرواتب الموظفين، وأن كلفة التقاعد
ستزيد بنسبة 40 بالمئة في موازنة 2021".
وكان
البنك المركزي أعلن، السبت، أن قرار تعديل سعر صرف العملة الأجنبية سيكون 1450
دينارا لكل دولار كسعر شراء العملة الأجنبية من وزارة المالية، و1460 دينارا لكل دولار
كسعر بيع العملة الأجنبية للمصارف، و1470 دينارا
لكل دولار سعرا بيع العملة الأجنبية للجمهور.
ويواجه
العراق أزمة مالية؛ بسبب جائحة كورونا، وتدهور أسعار النفط، وتراجع الإيرادات، ما أدى إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة، واضطرار وزارة المالية إلى الاقتراض مرتين
من المصارف؛ لغرض دفع الرواتب، وتلبية الاحتياجات الإنفاقية الأخرى المتعلقة بالخدمات
المقدمة للمواطنين.