ملفات وتقارير

إدلب في 2020: تقدم للنظام ودور عسكري تركي أكثر وضوحا

حدث خلل واضح في ميزان القوى لصالح النظام، وتحديدا في سلاح الجو الروسي- جيتي
حدث خلل واضح في ميزان القوى لصالح النظام، وتحديدا في سلاح الجو الروسي- جيتي

خسرت فصائل المعارضة خلال العام 2020 مناطق استراتيجية في إدلب وأرياف حماة وحلب المتصلة بها شمال غرب سوريا لصالح قوات النظام المدعومة روسيا وإيرانيا، في حين لا يزال شبح التصعيد مخيما على المنطقة.

ومع بداية العام 2020، بدأت مؤشرات التصعيد تلوح بالأفق، مع مواصلة الطائرات الروسية والتابعة للنظام قصفها للمراكز الصحية والخدمية بمحيط إدلب، وذلك رغم التهدئة التي تم التوافق عليها بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، في 8 كانون الثاني/ يناير في إسطنبول.

وفي الـتاسع من الشهر ذاته، أعلنت موسكو عن وقف إطلاق النار، لكنها مقاتلاتها واصلت عمليات القصف الجوي لمناطق سيطرة المعارضة، توازيا مع استقدام التعزيزات العسكرية، بهدف السيطرة على طريق حلب-دمشق (M5).

 

سقوط معرة النعمان وسراقب

ولم تدم الهدنة سوى أيام، حتى بدأت قوات النظام بمهاجمة مناطق ريف إدلب الجنوبي الشرقي، مقتربة من مدينتي معرة النعمان وسراقب الواقعتين على الطريق الدولي، بالتوازي مع تحركات مماثلة من جانب قوات النظام في ريف حلب الغربي، حتى سيطرت في أواخر ذلك الشهر على مدينة معرة النعمان الاستراتيجية.

وأخذت المعارك طابع الكر والفر، واستطاعت الفصائل بدعم تركي واضح وقف تقدم قوات النظام، وشهدت بعض المناطق تبدلاً في السيطرة نتيجة الهجمات المضادة التي شنتها الفصائل، بمحيط مدينة سراقب، لكن سياسة الأرض المحروقة والتمهيد الناري الكثيف، أجبرا الفصائل على الانسحاب من سراقب في 6 شباط/ فبراير.

 

تصعيد غير مسبوق بين تركيا والنظام

وبعدها بأيام فشلت الوفود التركية والروسية في التوصل إلى اتفاق على مقاربة جديدة لإدلب، وفي 10 شباط أعلنت وزارة الدفاع التركية عن إيقاعها أكثر من 100 قتيل في صفوف قوات النظام، رداً على مقتل خمسة جنود أتراك في قصف مدفعي استهدف قاعدة تفتناز العسكرية، من جانب النظام السوري.

واستمرت القوات التركية بدفع التعزيزات العسكرية إلى الجبهات، ومثلت حادثة مقتل عشرات الجنود الأتراك في 27 شباط بهجوم من النظام على رتل للجيش التركي في قرية بليون بجبل الزاوية نقطة تحول، لتبدأ بعدها الطائرات المسيرة التركية، باستهداف قوات النظام، بشكل غير مسبوق.

"درع الربيع"

في مطلع آذار/ مارس، وإثر فشل التفاهمات الروسية التركية، أسقطت تركيا طائرتين حربيتين للنظام في محيط سراقب، وذلك بعد إعلان وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، أن بلاده بدأت عملية "درع الربيع" في إدلب، رداً على تعرض الجيش التركي لهجمات من النظام.

واستمرت قوات النظام في التقدم إلى أن سيطرت على كامل مقاطع الطريق الدولي "M5"، الذي يمر شرق إدلب وفي ريف حلب الغربي.

في 6 آذار، دخل وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الرئيسان التركي والروسي حيز التنفيذ، ويشمل الاتفاق إنشاء ممر آمن عرضه 6 كيلومترات شمال الطريق الدولي "M4" و6 كيلومترات جنوبه، وتسيير دوريات تركية وروسية مشتركة اعتبارا من منتصف الشهر.

 

اقرأ أيضا: رئيس الائتلاف السوري: النظام وحلفاؤه يصرون على مهاجمة إدلب 


دوريات مشتركة وتعزيز عسكري تركي

واصلت تركيا دفع التعزيزات العسكرية الضخمة إلى إدلب، وسيّرت أكثر من دورية مشتركة مع الشرطة العسكرية الروسية على الطريق الدولي "M4"، وما زالت حتى اللحظة تعزز من انتشارها العسكري تحسبا لكل الاحتمالات.

وما زالت القوات التركية تواصل إخلاء نقاط المراقبة التي باتت في عمق مناطق سيطرة النظام، وتعزز من وجودها على الجبهات، لمنع انزلاق إدلب في مواجهة جديدة، إلى جانب دعم الفصائل، لتعزيز موقفها الدفاعي.

ومع أن وقف إطلاق النار لا يزال ساريا في إدلب، إلا أن قوات النظام تجدد من حين لآخر محاولات التسلل وسط عمليات قصف جوي، من روسيا، بذريعة محاربة "الإرهاب".

جدار صد تركي

ويعزو الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد عبد الله الأسعد، خسارة الفصائل لمناطق واسعة من سيطرتها لحساب النظام إلى عوامل عدة، في مقدمتها غياب القيادة الموحدة، وعدم الانتهاء من الحالة الفصائلية، وكذلك عدم التوازن في ميزان القوى.

وقال لـ"عربي21": "لا يعني ما سبق أن الفصائل ضعيفة، لكن هناك خلل واضح في ميزان القوى لصالح النظام، وتحديدا في سلاح الجو الروسي".

وأضاف الأسعد، أن روسيا زجت بكامل ثقلها العسكري لدعم النظام جوا، واستخدمت في سبيل ذلك كل أسلحتها الفتاكة والمتطورة.

وسياسيا، اعتمدت روسيا على المراوغة والتذرع بوجود الإرهاب في إدلب، للتملص من التفاهمات مع تركيا، وفق الأسعد، الذي أضاف أنه "يبدو أن تركيا قد تداركت كل ما سبق، من خلال إنشاء جدار صد من قواتها في وجه أي محاولة تقدم جديدة".

ومثل الأسعد، اعتبر الباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام" النقيب رشيد حوراني، أنه على الرغم من الخسائر العسكرية التي لحقت بالفصائل، إلا أن العام 2020، شهد مشاركة من جانب تركيا للفصائل، وهذا ما يعطي انطباعا بأن المركزية في العمل العسكري باتت واضحة.

وأضاف لـ"عربي21" أنه بعد إعلان تركيا عملية "درع الربيع" نجحت تركيا في تشكيل كيان عسكري ضمن إطار مفهوم (الجيش الوطني)، وهذا ما تجلى من خلال الجاهزية القتالية التي تبديها الفصائل، حيث لا يكاد يمر أسبوع إلا وتتمكن الفصائل من صد محاولات تسلل من جانب قوات النظام.

وبناء على ذلك، جزم حوراني، بأن الموقف العسكري للفصائل بدأ يتجه للأفضل، وخصوصا مع نمو الدور التركي في شمال سوريا عموما، وفي إدلب على وجه الخصوص.

التعليقات (0)