هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مرت المعارضة المصرية بالعديد من المحطات والاختبارات على مدار العام 2020، أفضت جميعا إلى حالة فشل كبيرة في تحقيق الوحدة وتوحيد الجهود لإسقاط نظام الانقلاب في مصر.
وعلى مدار العام، صدرت مبادرات ودعوات للتوافق بين أطياف المعارضة من الخارج والداخل، إلا أنها لم تحقق أي خطوات عملية على الأرض.
وفي 14 آب/ أغسطس 2020، دعا المرشح الرئاسي الأسبق، أيمن نور، لتوحيد الجماعة الوطنية، واستعادة وترميم جسد هذه الجماعة، التي قال إنها تشتت بين الداخل والخارج.
وفي اليوم التالي، قال نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، إبراهيم منير، لـ"عربي21"، إن الإخوان تدعم دعوات توحيد الكيانات السياسية المعارضة بالخارج.
اقرأ أيضا: ماذا يحمل العام 2021 للعالم العربي معه من أزمات 2020؟
وعلى جانب الدعوات للتظاهر والثورة على النظام العسكري الحاكم، تبنت شخصيات وجهات معارضة عديدة تلك الدعوات، التي كان أهمها في ذكرى ثورة 25 يناير، وفي 20 أيلول/ سبتمبر 2020، حيث حققت الأخيرة حراكا شعبيا لعدة أيام سرعان ما خبا بفعل بطش النظام.
معارضة الداخل فشلت هي الأخرى في التوافق على المشاركة من عدمها في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ التي جرت في النصف الثاني من العام.
وخرجت الجبهة المعارضة، التي قررت المشاركة في الانتخابات، خالية الوفاض دون مكسب لمقعد واحد من نحو 900 هي مقاعد المجلسين، فيما خسر تكتل (25- 30) المعارض 7 مقاعد له من البرلمان السابق، ولم يفز إلا بمقعدين فقط.
"كشف الحساب"
وعن كشف حساب المعارضة المصرية عن العام 2020، قسم رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"، الباحث مصطفى خضري، المعارضة المصرية المناوئة للسيسي إلى ثلاثة أقسام، أولها، بعض الجهات السيادية بمنظومة الدولة المصرية، التي ترى أن السيسي اختراق صهيوني للعقيدة القطرية للدولة المصرية".
وحول هذا القسم، قال في حديثه لـ"عربي21"، إن هؤلاء يرون أن السيسي فرط بحقوق مصر في غاز المتوسط، وماء النيل، وجزيرتي تيران وصنافير، وقد كان لتلك الجهات أذرعا متعددة في الداخل والخارج، وكانت -حسب ظني- المحرك الرئيس لأحداث سبتمبر 2020".
وأكد أن "القسم الثاني: المعارضة الشعبية الساخطة على الجنرال وسياساته والمكونة من أفراد غير منظمين، ويرى البعض أنها فشلت بـ2020، ولكن أظن ذلك غير صحيح، فبالرغم من أن المعارضة الشعبية غير قادرة على تحمل تكلفة الصدام مع القوة العسكرية الداعمة للجنرال، إلا أنها قامت بتعريته من كل أسباب بقائه المنطقية بخلاف قوة السلاح".
الخبير بالتحليل المعلوماتي وقياس الرأي العام، قال إن "المعارضة وقفت للسيسي بالمرصاد في كل قرار اتخذه، وكل سياسة انتهجها، بل إن المعارضة الشعبية -التي لم تجد وسيلة فعالة غير المواقع الاجتماعية للتعبير عن رأيها- قد قضت مضاجع الجنرال، وجعلته يشتكي ليل نهار من دورها المثبط لأحلامه وطموحاته".
اقرأ أيضا: منظمة ترصد الانتهاكات بمصر في 2020 وتطالب بلجنة تقص دولية
ويرى أن "المعارضة الشعبية مثلت الشكل الوحيد للمعارضة بالداخل، فليس هناك أي كيان تنظيمي حقيقي، وحتى جماعة الإخوان جمدت قواعدها للوقت المناسب، فكل من له نشاط تنظيمي ظاهر تم اعتقاله أو تصفيته، ومن تبقى من الفاعلين أفراد متناثرين من صحفيين وحقوقيين وباحثين ليس لهم تواجد تنظيمي، ودورهم يقتصر على بث الوعي".
ويعتقد خضري أن "ما يقال عن نواب (25- 30) وأنهم معارضون لنظام السيسي محض هراء، فهل الجنرال الذي لم يتورع عن قتل وسجن آلاف المصريين سيقبل معارضة أحد بالمجالس النيابية التي صنعها على عينه؟ وهؤلاء معارضة كرتونية تم وضعها كديكور سياسي، على غرار المعارضة البكرية -الصحفي مصطفى بكري- لمبارك".
وحسب رئيس "تكامل مصر"، فإن "القسم الثالث للمعارضة هم التنظيمات السياسية، التي تقتصر حسب رأيه على جماعة الإخوان والتيارات السلفية التي تصطف معها في الخارج بعد خروج اصطفاف الأحزاب والتيارات التنظيمية الليبرالية واليسارية -بخلاف مجموعات متناثرة لا تمثل تنظيم حقيقي- مع السيسي".
وقال إن "الجماعة باتت تتعامل باستراتيجية محددة، تتلخص في عدم خوضها لمعركة مفتوحة مع نظام السيسي إلا بعد اتفاق مضمون مع الجهات السيادية، لكنها تنظر لأي تحرك من الجهات السيادية المناوئة للسيسي بقدر من الريبة، حيث تظن أنها تريد استخدامها للإطاحة بالسيسي، ثم التخلص منها، وذلك أحد أسباب فشل حراك سبتمبر "2020.
وأكد خضري، أنه "ومع ذلك لا يمكن إغفال الظروف التي أحاطت بمصر في 2020، مثل وباء كورونا، والصراع في ليبيا والسودان، والانتخابات الأمريكية، وما سيترتب عليها، خاصة أن السيسي كان أهم حلفاء ترامب، وساعده ذلك على الخروج من أزمات سابقة كادت تودي به وبنظامه".
ويظن الباحث المصري أن "عام 2021 لن يكون لصالح الجنرال، حيث فقد كل أسباب بقائه مرة واحدة، خاصة أنه سعى متعمدا لتقزيم دور مصر بكافة الملفات الإقليمية، ما أفقده أي قيمة تبرر تكلفة بقائه عند من ساندوه سابقا".
"معارضة الداخل معذورة"
وفي رؤيته قال البرلماني المصري السابق ممدوح إسماعيل، إن "معارضة الخارج مختلفة اختلافات جذرية، وكل المحاولات للتجميع كانت بطريقة إعلامية أو مجاملات سياسية أو لمصلحة شخصية وقتية؛ ولم تكن على أساس واضح ورؤيا سليمة لذلك لم تحقق أي واقع قوي".
أما معارضة الداخل، فيعتقد السياسي المصري، في حديثه لـ"عربي21"، أنها "بخلاف أنها مختلفة؛ لكن الشق الأكبر الإسلامي مضطهد، وغيره متنافر، لكن على العموم من دون تفصيلات، فهي ضعيفة ومعذورة؛ بسبب القهر والظلم والاستبدال. أما معارضة الخارج، فلا عذر لها".
وفيما يتعلق بالحراك الثوري في 2020، فيرى إسماعيل أن "مظاهرات ٢٠ سبتمبر كانت حماسية وقتية من دون دراسة ولا رؤية استراتيجية، وإذا كان بطش النظام أوقفها سريعا، لكن حتى لو تركها لم تكن تؤدى إلى نتائج قوية؛ لأنها تفتقد القيادة والقاعدة والرؤية".
اقرأ أيضا: حقوقيون مصريون ينتقدون استمرار تردي الأوضاع في عام 2020
وأكد أن "المشاركة بانتخابات البرلمان هو القرار الوحيد الصائب الذى اتخذته المعارضة المصرية، إنها انتخابات تعدت وتوقفت على الهزل؛ بسبب سيطرة الأجهزة الأمنية بما لديها من خبرة في التزوير المتقن على إعدادها وترتيبها، وإخراجها بالشكل الذي يخدم الانقلاب".
"قهرها البطش"
ويرى سياسي مصري وقيادي حزبي، رفض ذكر اسمه في حديثه لـ"عربي21"، خوفا من البطش الأمني، أن "المعارضة تتواءم مع النظام، وإذا أعطى المناخ حقا ممارسة ديمقراطية تزدهر المعارضة، وهذا رأيناه بعهد الرئيس الراحل محمد مرسي".
وأضاف: "عندها صالت المعارضة وجالت، وتشكلت جبهة (الإنقاذ)، وحركة (تمرد)، وغيرها، وهذا ما كان على استحياء في عصر حسني مبارك، وخرجت حركة (كفاية)، وحملة (مصر كبيرة عليك) و(لا للتوريث)، وحركة (عيون) لمراقبة انتخابات 2010 المزورة".
وأكد القيادي الحزبي، أن "المعارضة جزء من النظام، إذا كان مستبدا فلا وجود لها، والمناخ في مصر يمحو المعارضة، والنظام لا يقبل معارضة أحد، أو يكون له صوت مسموع؛ على خلاف الدستور وبنود الحقوق والحريات، التي أصبحت غير ذات قيمة الآن".
وأعلن رفضه الأصوات المنتقدة للمعارضة، قائلا: "المعارضة مكممة، وغالبيتها في السجون أو قانعين وخاضعين للسلطة المستبدة، وبالتالي ليس هناك وجه للمعارضة، ونحكم عليها لو وجد مناخ متاح لها، ورأينا كيف أن البرلمان المصري بغرفتيه خرج بصفر معارضة".
ولفت السياسي المصري إلى وجود "ما يشبه الوعي للشعب، لكن رأس النظام يريد له تغييب تام، ورؤية مظلمة، يريد أن يكون هو فقط في الصورة".
ويعتقد أن "انتخابات الشيوخ والنواب أعطت صورة للعالم أنه لا توجد ديمقراطية ولا حقوق سياسية"، متسائلا: "فماذا تفعل المعارضة؟"، مؤكدا أننا "ننتظر مشيئة السماء بالتغيير، ولن تأتي المعارضة بدور، وتم سجن واستئناس بعضها، وصدرت تعليمات ببقاء الآخرين ببيوتهم صامتين".