هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يكن خبر "محاولة تسميم" رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد عبر مواد سامة أرسلت في "طرد بريدي" بالأمر العادي، فسرعان ما انتشر الخبر داخليا وخارجيا وبات حديث الجميع.
وعلى الرغم من غياب أي تصريح رسمي يؤكد أو ينفي الحادثة وتاريخ وقوعها، فإن الجميع اعتمد على المصادر الموثوقة التي أكدت الخبر.
وأثار صمت الرئاسة استغرابا واسعا، حيث لم يخرج عنها إلى اللحظة أي تعليق لوضع حد لحالة الفزع التي يعيش على وقعها الشارع التونسي باعتبار رئيس الجمهورية رمز وحدة البلاد.
حادثة "الطرد المشبوه" تعد مسا بالأمن القومي لتونس في ظرف سياسي متأزم، ومحاولة بث الفوضى والفتنة في البلاد من بعض الجهات بالداخل والخارج، لتخرج دعوات رسمية من أحزاب وشخصيات وازنة تطالب بكشف الحقيقة للرأي العام وتحميل كل طرف مسؤوليته.
تحقيق وتضامن
وأوردت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر مسؤول (دون تسميته)، الخميس، أن رئيس الحكومة هشام المشيشي اعتبر أن "أي استهداف لشخص الرئيس إن تأكد يمثل استهدافا لتونس وشعبها"، مؤكدا في اتصال هاتفي بالرئيس "الوقوف إلى جانبه أمام أي محاولة استهداف".
ويتواصل البحث للتأكد من حقيقة حادثة "الطرد المشبوه"، وفي تصريح له قال نائب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس محسن الدالي الخميس إنه "إلى حد اللحظة علميا لم تقدم نتائج بعد تتحدث عن وجود مادة سامة أو غير سامة" في الظرف المشبوه الخاص بالرئاسة مشددا على أنه "إن وجد الظرف لأنه لم يتم حجزه بعد".
اقرأ أيضا: توقيف مؤيد لسعيد والنيابة تؤكد خلو الظرف من مواد سامة
وأكد الدالي أنه تم الاستماع إلى عدة أطراف "شاهد أو مخبر" منذ ورود الحادثة للحصول على معطيات أكثر.
ملف "الطرد المشبوه" ومحاولة "تسميم" رئيس الجمهورية ملف لا يحتمل الغموض والمزايدات بل يتطلب توضيحا رسميا ينهي الجدل، وذلك ما طالبت به شخصيات سياسية وإعلامية في تونس.
وفي تصريح لـ"عربي21" قال الوزير السابق والقيادي بحركة النهضة عبد اللطيف المكي إنه "مؤسف ما يحصل في البلاد، فالخبر كان يجب أن يتناول بطريقة أخرى من مصالح الأمن الرئاسي، والقضاء، والخبراء نظرا للاختصاص"، مشددا على أن الخبر "جاء عن طريق جهات سياسية ضعيفة وعن طريق إعلامي معروفة ارتباطاته".
واعتبر المكي أن "الخبر أحدث قلقا كبيرا بالبلاد وفي وضع سياسي دقيق، وشوه سمعة البلاد في الخارج، نحن بين الخوف على رئيس الجمهورية والبلاد". حسب قوله.
وطالب عبد اللطيف المكي "المصالح المختصة بالحديث عن المعطيات العلمية الدقيقة وتحميل كل جهة المسؤولية، لا يجب أن يمر الخبر دون تحميل للمسؤولية في حال كان الخبر صحيحا أو لا، هذا لعب بالأمن القومي التونسي".
بدوره قال النائب عن "قلب تونس" فؤاد ثامر في تصريح لـ"عربي21" تعليقا على حادثة "الطرد المشبوه" إنه "لا بد من التحري لأن الموضوع يتعلق بالأمن القومي للبلاد"، معبرا عن إدانته للعملية، مضيفا: "في حال تأكدت وهو أمر خطير جدا ولكن علينا انتظار التحقيقات وكان على رئاسة الجمهورية التوضيح، هي فقط مصادر تتحدث عن الموضوع ولا وقائع رسمية".
اقرأ أيضا: مصدر بالرئاسة لعربي21: سعيد بصحة جيدة بعد "الظرف المشبوه"
وقال فؤاد ثامر: "هذه قضية أمن قومي لا بد من المعاقبة إن كانت الحادثة إشاعة، ونرفض المس بالمؤسسات لا بد من حماية مسار البلاد ولا بد من تقديم الحقيقة كاملة للشعب التونسي".
تشكيك
وفي ظل غياب معلومة رسمية تؤكد أو تدحض حقيقة محاولة تسميم رئيس الجمهورية قيس سعيد صدرت مواقف تشكك في الحادثة وتعتبرها "مسرحية"، من ذلك تغريدة الأكاديمي والباحث محمد هنيد الذي اعتبر أن قصة تسميم رئيس الجمهورية "مسرحية".
— محمد هنيد (@MohamedHnid) January 27, 2021
بدوره اعتبر النائب المستقل الصحبي سمارة أن خبر تسميم رئيس الجمهورية "كذب بلغ حد العبث"، في حين كشف الملحق السابق برئاسة الجمهورية المكلف بالتخطيط الاتصالي معز الحريزي كيفية التعامل مع الرسائل التي تصل إلى الرئاسة مؤكدا أنه "لا يمكن أن يصل إلى قصر قرطاج طرد بريدي مجهول المصدر".
وعلق رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف ساخرا على حادثة "الطرد المشبوه" وكتب:
صدى خارجي
حادثة محاولة "تسميم" رئيس الجمهورية وإن لم تشر إليها الرئاسة التونسية في تصريح رسمي فإنها تأكدت عبر بيانات رسمية من الجزائر وليبيا.
وقد صدر بيان رسمي على صفحة الرئاسة الجزائرية يقول إن الرئيس عبد المجيد تبون أجرى مكالمة هاتفية مع قيس سعيد "للاطمئنان على وضعه بعد نبأ محاولة تسميمه".
كما أوردت الخارجية الليبية أن اتصالا هاتفيا جمع بين وزيري خارجية البلدين واستفسر وزير الخارجية الليبي محمد الطاهر سيالة عن صحة سعيد بعد نجاته من محاولة تسميم.