التوتر يعود لبحر الصين الجنوبي.. بدء تدريبات أمريكية واسعة

في رسالة تحد واضحة أرسلتها إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن للصين، أعلنت البحرية الأمريكية، أن حاملتي طائرات تابعتين للولايات المتحدة تجريان تدريبات في بحر الصين الجنوبي ضمن عملية واسعة النطاق لـ "حرية الملاحة".

وقال موقع " إن بي أر" الأمريكي، إن هذه الخطوة تأتي ضمن استعراض القوة بهدف الإشارة إلى تصميم الإدارة الجديدة على الوقوف بحزم ضد الزحف الصيني المستمر في الممر المائي الاستراتيجي.

ويأتي الإعلان أيضا وسط توتر تاريخي في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، حيث تكافح القوتان لحل عدد من القضايا الشائكة بدءا من التجارة وسرقة الملكية الفكرية إلى تعامل بكين مع جائحة فيروس كورونا.

وفقا لبيان الأسطول السابع، فإن "حاملتي الطائرات يو إس إس ثيودور روزفلت ويو إس إس نيميتز قامت بعمليات منسقة لإثبات قدرة البحرية الأمريكية على العمل في بيئات صعبة".

وكانت حاملة الطائرات الأمريكية يو.أس.أس. ثيودور روزفلت، دخلت في كانون الثاني/ يناير مياه بحر الصين الجنوبي لإجراء عمليات روتينية، وفق ما أعلنت القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

من جهته قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين، ردا على العمليات الأمريكية، الثلاثاء، إن "الصين ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية السيادة الوطنية والأمن بحزم" في بحر الصين الجنوبي.

وعلى الرغم من احتجاجات جيرانها البحريين وقرار دولي صدر عام 2016 يرفض مزاعمها، تؤكد بكين سيادتها على 90 في المئة من بحر الصين الجنوبي، الذي يعد ممرا هاما للتجارة الدولية. 

اقرأ أيضا : استراتيجية "جدار الرمل العظيم" الصينية.. هل تنجح؟ (شاهد)

في غضون ذلك، قالت فرنسا إن إحدى غواصاتها أكملت انتشارا مماثلا في المنطقة.

وغردت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، الإثنين، أن غواصة الهجوم النووي إميرود وسفينة الدعم البحري سين موجودتان في المنطقة منذ أيلول/ سبتمبر "لتأكيد أن القانون الدولي هو القاعدة الوحيدة الصالحة مهما كان البحر الذي نبحر فيه".

وكتبت بارلي: "هذه الدورية غير العادية أكملت للتو مرورها في بحر الصين الجنوبي. هذا دليل صارخ على قدرة أسطولنا البحري الفرنسي على الانتشار بعيدًا ولفترة طويلة، جنبا إلى جنب مع شركائنا الاستراتيجيين الأستراليين والأمريكيين واليابانيين".

وتعد هذه المرة الثانية التي تتواجد فيها الحاملة روزفلت في بحر الصين الجنوبي، إذ كانت هناك في مهمة مشابهة في 2015، حيث كان التوتر يتصاعد بين واشنطن وبكين في تلك المياه.

وتتواصل في جنوب شرق آسيا مخاوف من الانزلاق إلى حرب بين دول المنطقة والصين، جراء خلافات حادة على السيادة في بحر الصين الجنوبي، فيما تشكل "جزر بكين الاصطناعية"، وبشكل متزايد، محورها الأساسي.

وتفاقمت الأزمة بعد نشر الصين قدرات عسكرية على تلك الجزر عام 2018، خلافا لما تعهدت به سابقا، ثم تهديدها بالمزيد، دون وجود آفاق واضحة للتوصل إلى حل، خصوصا أن بكين تعتبر أنها عرضة لاستهداف أمريكي، وسط تساؤلات متجددة، استعرضتها عدة تقارير حديثة، عن طبيعة تلك الاستراتيجية، ومدى نجاعتها في حماية العملاق الآسيوي في حال اندلاع مواجهة عسكرية.
 
"جدار الرمل العظيم"

ظهرت في بحر الصين الجنوبي، بين 2013 و2016، سبع جزر جديدة، اعتبر الأدميرال هاري هارس، الذي كان قائدا لمنطقة المحيط الهادئ في البحرية الأمريكية، أن الصين أنشأتها في إطار استراتيجية دفاعية، أطلق عليها، في آذار/ مارس 2015، اسم "جدار الرمل العظيم".

وواصلت بكين، حتى عام 2017 إنكار أنها أنشأت جزرا اصطناعية في المنطقة، رغم أن قطعا حربية أمريكية وبريطانية رصدتها مرارا، فضلا عن صور لأقمار اصطناعية، وسط احتجاج من دول في جنوب شرق آسيا إزاء تعرض مياهها الإقليمية للانتهاك، بحسبها.

ونهاية ذلك العام، أعلنت الصين عن بناء سفينة عملاقة لتجريف الرمال، ونشرت وسائل إعلام رسمية، لاحقا، مشاهد لعملها في تجريف رمال بحر الصين الجنوبي لإنشاء جزر وطرق في عمق المياه، لكنها أكدت أن تلك المشاريع هي لأغراض مدنية وحسب.

ومنذ تبني الولايات المتحدة استراتيجية التحول شرقا (بشكل علني عام 2011)، لكبح جماح العملاق الآسيوي الصاعد، ومحاصرته في مياه الهادئ وجنوب شرق آسيا، سرعت الصين خطوات تقليص الهوة في توازن القدرات البحرية مع الجانب الأمريكي.

ومن بين تلك الخطوات إنشاء سفن حربية ورادارات ومنظومات دفاعية، فضلا عن أول حاملة طائرات محلية الصنع، ولكنها أيضا عملت على خلق حواجز بحرية تلعب أدوارا متعددة، بدءا بتقييد حرية المناورة لدى السفن المعادية، ورصد تحركاتها، وصولا إلى استهدافها وتشكيل قواعد لإطلاق هجمات مضادة.