هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في سابقة هي الأولى من نوعها، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الاثنين، عن القبض على "عصابة الموت" التي قتلت ناشطين عراقيين في محافظة البصرة، وذلك بعد أكثر من عام على حراك "تشرين" الذي رافقته اغتيالات استهدفت قادة ومنظمي الاحتجاجات.
خطوة إعلان القبض على قتلة الناشطين، أثارت تساؤلات حول مدى إسهامها في وضع حد للاغتيالات في العراق، وهل يأتي حديث الكاظمي عن محاكمة علنية لقطع الطريق على أي ضغوطات قد تدفع باتجاه التراجع عن اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم تمهيدا للإفراج عنهم؟
تسويف وارد
من جهته، قال الخبير الأمني والسياسي العراقي، أحمد الشريفي لـ"عربي21" إن "هناك حراكا قد يكون خاضعا لنوع من التسوية الإقليمية والمحلية وعلى أساسها تنكشف بعض الخيوط، لكن الإجراء الذي يتخذ الآن هو كشف خلايا التنفيذ دون الحديث عن المُشغل".
وأضاف الشريفي، قائلا: "لكن الحل إذا أردنا الكشف عن الحقائق في الجريمة المنظمة، فلا بد من كشف المُشغل لأن أدوات التنفيذ قابلة للتعويض، وأن مسألة كشفها وإخضاعها للقانون لا تعني كشفا كاملا لملابسات القضايا، لأن هذه الشخصيات تمارس جريمة جنائية بدوافع سياسية".
وتابع: "هم (العصابة) ممكن أن يتهموا بقضايا جنائية (القتل) لكن لماذا القتل؟ فهذه الإجابات نجدها عند المُشغّل وليس المنفذين، لذلك لا يكفي أن نتحدث عن اعتقال مجموعة وحتى محاكمتها، لأنه قد يتحدث المتهم أمام المحكمة بأنه دفعت له أموال من أجل قتل فلان وفلان".
وبخصوص إمكانية التراجع عن محاكمة المتهمين، قال الشرفي: "في كثير من الأحيان يصار إلى تسطيح القضية أو تذويبها، فبعد أن تجري عملية الاعتقال تُسكت هذه الخلية أو تلك دون البحث عن الجذور".
اقرأ أيضا: الكاظمي يعلن اعتقال عصابة "أرعبت البصرة وقتلت ناشطين"
وزاد قائلا: "لذلك فإن التسويف وارد جدا، حتى لو اعترفوا أنهم هم من قاموا بالعمل الجنائي، فتذهب القضية كأنها قضية جنائية، ولكنها بالحقيقة هي قضية سياسية لأن ما هي مصلحة طالب قانون (أحد المتهمين) في أن ينفذ الاغتيال؟ لأن هناك دافعا سياسيا، وأن هناك من دفع هذا الشخص".
ورأى الشريفي أن "الحكومة الحالية بأدواتها في إدارة الأزمة -وحتى بالجهد الأمني والعسكري- غير قادرة على اقتحام محاذير السياسة لأن هناك هيمنة للأحزاب على الحكومة، على أقل تقدير بالتلويح بسحب الثقة من الحكومة بذرائع شتى".
ونوه إلى أن "الضاغط الحزبي، هو مكمم لأفواه المؤسسات، لأن صانع القرار السياسي يتحرك في فضاء المؤسسات التنفيذية الحرة القوية الجريئة والقضاء القوي والجريء، فعندما يكون هو بالأساس مقيدا مع مؤسساته لا نصل إلى عمق الحقيقة".
وأكد الشريفي أن "المشكلة في العراق هي أن الأحزاب أقوى من المؤسسات، وبالتالي فإن أي جهد يوجه من الأخيرة تجاه الأحزاب يجري إجهاضه عبر هيمنتها على البرلمان أو سيطرتها على المؤسسات بسبب المحاصصة".
بعد قانوني
وعلى صعيد الجدل بخصوص وصف الكاظمي للمتهمين بأنهم "عصابة موت" وليسوا إرهابيين أو مليشيات، قال الخبير القانوني علي التميمي لـ"عربي21" إن "الوصف القانوني للجريمة من اختصاص محكمة التحقيق".
وأوضح التميمي أن "الأشخاص الذين يلقى القبض عليهم يجري التحقيق معهم من محكمة التحقيق المختصة وفق الاختصاص المكاني، وبالتالي فإن المحكمة هي التي تضع المادة القانونية سواء كانت المادة (4 إرهاب) أو القتل العمد، وذلك حسب الإفادات والأدلة المتوفرة والشهود والمدعين بالحق الشخصي والاعترافات".
وأشار إلى أن "الوصف السياسي الذي استخدمه رئيس الوزراء هو تعبير مجازي، لأن تعريف (العصابة) بالقانون أنها كل مجموعة تتكون من أكثر من 5 أشخاص.. والتحقيق هو ما يثبت الاتهامات".
وأكد خبير القانون أنه "إذا كان المتهمون قد اعترفوا بارتكاب الجرائم التي ذكرها رئيس الوزراء، قتل إعلاميين وناشطين وسياسيين، فإنهم يدانون وفق المادة (4) من قانون مكافحة الإرهاب".
وحول أسباب حديث رئيس الوزراء عن المحاكمة العلنية، قال التميمي إن "المبدأ العام في الدستور هو أن تجرى المحاكمات بشكل علني، إلا إذا أرادت المحكمة جعله سريا، وكذلك التحقيق".
اقرأ أيضا: تصفية ناشطة عراقية بالبصرة بكاتم صوت.. واتهامات لطهران
وأردف: "لكن رئيس الوزراء ربما أراد أن يبعد التأثيرات عن القضاء، وأنا أعتقد أنه لا تأثيرات على القضاء، لأن لدينا التدرج في المحاكمة، فبعد محكمة التحقيق تأتي الجنايات ثم التمييز، إضافة إلى الادعاء العام، فالتأثير على المحاكمة غير ممكن فمن عليه أدلة يُحكم، لأن الأدلة هي التي تتكلم في الدعوى".
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، قد أعلن أن "عصابة الموت التي أرعبت أهلنا في البصرة ونشرت الموت في شوارعها الحبيبة وأزهقت أرواحا زكية، سقطت في قبضة أبطال قواتنا الأمنية تمهيدا لمحاكمة عادلة علنية.
وأضاف الكاظمي في تغريدة على "تويتر" الاثنين: "قتلة جنان ماذي (ناشطة) وأحمد عبد الصمد (إعلامي) اليوم، وغدا القصاص من قاتلي ريهام والهاشمي وكل المغدورين. العدالة لن تنام".
ضغوطات إيرانية
وقبل يوم واحد من إعلان الكاظمي القبض على "عصابة الموت"، صرح شقيق محافظ البصرة الأسبق إسماعيل مصبح الوائلي، بالقبض على "فرقة الموت" التي قامت باغتيال أخيه محمد مصبح الوائلي عام 2012.
ونقلت شبكة "رووداو" العراقية عن الوائلي، قوله إن "فرقة الموت هذه يتزعمها أحمد عبدالكريم الركابي المعروف بـ(أحمد طويسة) أو (أحمد نجاة)، نسبة لأمه، وهو شقيق (علي طويسة) الذي اغتال رئيس هيئة علماء المسلمين في البصرة وإمام جامع البصرة الكبير يوسف الحسان، أواسط 2006".
وأوضح أن "استخبارات البصرة ألقت القبض على حمزة الحلفي وحيدر فاضل العيداني، فيما هرب أحمد طويسة وعباس هاشم والمدعو (السيد نائل) شقيق رائد وسيد علاء المنتمين لكتائب حزب الله ضمن فرقة الموت هذه، وأن الهاربين قد لجأوا إلى مقر هيئة الحشد الشعبي في البصرة، وآواهم (عمار أبو ياسر) مسؤول الحشد الشعبي في المحافظة".
الوائلي، أكد وجود "ضغوط تمارس الآن من كتائب حزب الله، والحرس الثوري لتغيير مجريات التحقيق"، لافتا إلى أنه ينتظر من وزارة الداخلية إعلان الخبر وبيان حقيقة انتساب "فرقة الموت" التي قامت بعملية الاغتيال.