مع كل انتخابات، سواء كانت بلدية أو تشريعية أو حتى لجانا عاملين كما في جامعة الأزهر، يظهر الخلاف الفتحاوي الفتحاوي.
هذا الخلاف عادة لا يكون على مبدأ أو لإعادة بوصلة هذا التنظيم، بل الخلاف والاختلاف على النصيب في قسمة الكعكة.
ففي الانتخابات البلدية التي جرت في الضفة الغربية قبل عدة سنوات، فاز المنشقون عن التنظيم ضمن قائمة التنظيم الرسمية التي شاركت في الانتخابات، وهذا مؤشر سخط لسوء الأداء الذي تعاني منه سلطة
فتح.
إن الانقسام الفتحاوي- الفتحاوي يتجذر ويتعمق يوما بعد يوم، وما خروج ناصر القدوة اليوم وتشكيله ائتلافا وطنيا خارج تنظيم فتح، إلا مؤشر على هذا الخلاف.
حتى داخل جماعة عباس، هناك خلاف بين شمال الضفة ووسطها وجنوبها. وهناك ثلاث شخصيات تتصدر الخلاف، هي: محمود العالول الذي يقود التيار في شمال الضفة ومركزه نابلس. حسين الشيخ وماجد فرج، يقودان تيار وسط الضفة ومركزه رام الله، وجبريل الرجوب يقود تيار جنوب الضفة ومركزه الخليل.
وقبل عدة أيام، صرح الطيراوي، وهو من المغضوب عليهم من قبل عباس في الوقت الحالي، بأنه يحتمي بمئات من قطع السلاح التي تقف خلفه.
إن الذي يحافظ على هشاشة هذا الجسم هو محمود عباس؛ نظرا لحاجة الجميع إليه، ويوم أن يغيب محمود عباس عن الساحة، سيكون الوضع صعبا جدا وقد يصل الأمر إلى الاقتتال.
وفي جانب آخر، فإن
مروان البرغوثي وما أعلنه عن نيته للترشح ليس تكتيكا، بل هي صفعة يوجهها لعباس مقابل خذلانه له في معركته في الإضراب عن الطعام التي خاضها قبل عدة سنوات، والتي وصل الأمر بعباس وجماعته إلى خذلان هذه الدعوة، بل والتحريض على إفشالها.
ويدرك البرغوثي أن ترشحه سيعطيه بصيص أمل في الخروج من السجن، خاصة في ظل تجاهل رسمي
فلسطيني لطلب خروجه من السجن، وكذلك عدم وجود صفقة تبادل في الوقت القريب تدرج اسمه ضمن هذه الصفقة.
ومن ثم، فإن عملية الترشح سواء للتشريعي أو الرئاسة، ستكون استراتيجية للبرغوثي في المرحلة القادمة وليست تكتيكا.
أما عن الخلاف بين تيار دحلان وجماعة عباس، فسيبقى طالما بقي الرجلان في المشهد السياسي الفلسطيني؛ لأن الخلاف بين الاثنين ليس خلافا على البرامج، بقدر ما هو خلاف شخصي لن يزول إلا بزوال أحدهما.
فالخلاف الفتحاوي- الفتحاوي حقيقي، وسيزداد حدة كلما اقتربنا من الانتخابات، وسيزداد حدة حينما يتم استبعاد بعض الطامعين في مقاعد التشريعي، الذين سيتم اسبعادهم من قائمة عباس للانتخابات، الأمر الذي قد يؤثر على فرص فتح- عباس في المنافسة، وقد يدفع عباس إلى تأجيل الانتخابات.
من مصلحة
حماس إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية ولمنظمة التحرير، ومن ثم، فمصلحتها أن تكون فتح موحدة، وقد تكون أقوى من مصلحة بعض الفتحاويين أنفسهم.
مخطئ من يظن أن هذا الخلاف هو من مصلحة حماس، بل إنه سيزيد الساحة انقساما أكثر من الانقسام الموجود، وسيدفع عباس للهروب إلى الأمام عن طريق افتعال أحداث معينة للهروب من الاستحقاق الانتخابي، وهذا ما لا يتمناه الجميع باستثناء عباس.
الأيام القادم حبلى بكثير من المفاجأت على الساحة الفلسطينية، وسننتظر ونرى.