هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ألمحت السعودية، ووسائل إعلام أجنبية مرارا بأن تكون دولة أخرى غير اليمن، مصدرا للصواريخ والطائرات المسيرة التي تستهدف مواقع نفطية في المملكة، وتتبناها جماعة "الحوثي"، وهو ما أثار تساؤلات عديدة.
قال الحوثيون خلال الأسبوع الماضي؛ إنهم قصفوا مواقع لشركة "أرامكو" في ميناء رأس تنورة، والظهران، وهي التي تبعد عن أقرب نقطة للحدود اليمنية نحو ألف كيلو.
صحيفة وول ستريت جورنال، نقلت عن مصدر مسؤول في الديوان الملكي السعودي، قوله؛ إن الهجوم ربما يكون مصدره إيران، أو العراق، وليس اليمن.
وفي اتهام شبه مباشر لإيران، قالت وزارة الطاقة السعودية؛ إن الطائرات دون طيار التي استهدفت رأس تنورة قدمت من البحر؛ إذ أن البحر هو الفاصل بين السعودية وإيران.
ولا تبعد رأس تنورة عن بندر بوشهر (أقرب نقطة في إيران إلى الخليج العربي) سوى 250 كيلو مترا مربعا.
الإرباك هو السبب
الخبير العسكري اللبناني، العميد ركن متقاعد أمين حطيط، استبعد الروايات التي تقول إن الصواريخ التي استهدفت الرياض قادمة من دولة غير اليمن.
وقال حطيط في حديث لـ"عربي21"؛ إن الولايات المتحدة لديها نظام مراقبة عبر الأقمار الصناعية متطور للغاية، وبإمكانه تحديد موقع انطلاق الصواريخ بشكل دقيق.
وتابع أن الولايات المتحدة لو لاحظت أن الصواريخ الحوثية تنطلق من إيران، أو غيرها، فلن تصمت، وهو ما يعزز رواية الحوثيين بأنهم من أطلق هذه الطائرات والصواريخ.
وعن سبب تلميحات السعودية المتكررة بأن العراق، أو إيران، ربما تكون مصدرا لإطلاق هذه الصواريخ، قال حطيط: "الرياض تلجأ إلى هذه الروايات حتى تخفف وهج القوة اليمنية الصاعدة".
وكرر بأن الولايات المتحدة بإمكانها التحقق من مصدر إطلاق هذه الصواريخ بمسافة لا تزيد عن عشرة أمتار.
ولفت حطيط إلى أن "السعودية اليوم في وضع مربك"، مضيفا أنها تعتبر اليوم الذي ستعترف فيه أمام شعبها بأن اليمن باتت لديه قوة بالستية، هو "انتحار أمام شعبها".
اقرأ أيضا: الرياض: استهداف "الحوثي" لـ"أرامكو" يهدد عمال 80 دولة
رواية منطقية
ذكرت وكالة "أسوشييتد برس"، أن مسؤولا أمريكيا وآخر يتبع لجماعة عراقية موالية لإيران، أكدا أن الهجوم الذي استهدف قصرا ملكيا في الرياض في 23 كانون ثاني/ يناير الماضي، نفذته طائرات مسيرة أطلقت من العراق، وليس من اليمن.
هذه الرواية باتت تتكرر بين الحين والآخر منذ نحو أربعة أعوام، ويتبناها الخبير العسكري الأردني، عميد ركن متقاعد صبحي ناظم توفيق.
وبحسب توفيق، فإن المسافة التي تفصل صنعاء عن الرياض تقترب من 1100 كيلو متر، ومن ثم، فإن الحوثيين، حتى لو امتلكوا أحدث الصواريخ والطائرات المسيرة، فلا يمكن أن يطلقوها عبر كل هذه المسافة.
وأضاف في تصريحات، أن الحوثيين في حال استهدفوا السعودية بصواريخ كروز بدلا من الطائرات المسيرة، فإن هذه الصواريخ يمكن السيطرة عليها لمسافة 200 كم، طارحا احتمال أن يكون الحوثي لديه طائرة تحلق في الأجواء وتطلق من خلالها الصواريخ، مثل طائرة (AEW&C).
وعن سبب عدم قدرة السعودية على السيطرة بشكل تام على ردع صواريخ الحوثي، قال توفيق؛ إن المملكة تمتلك منظومة باتريوت الدفاعية (سحبها دونالد ترامب في أيار/ مايو 2020)، ولكن بسبب كبر مساحتها فإن الرياض لا يمكنها نشر منصات الباتريوت في عموم البلاد.
هجمات بقيق وخريص
في الرابع عشر من أيلول/ سبتمبر 2019، شنّ الحوثيون أكبر هجوم لهم على السعودية، باستهدافهم منشآت شركة "أرامكو" في منطقتي بقيق وخريص، شرقي المملكة.
وذكرت الرياض في بيانها أن التحقيقات أظهرت استهداف بقيق وخريص بـ25 طائرة مسيرة، قادمة من الشمال، في إشارة غير مباشرة إلى العراق، أو إيران.
الجزم السعودي النادر بأن هذه الهجمات لم تكن اليمن مصدرها، رغم تبني الحوثي لذلك، أكده معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ومؤسسات بحثية غربية أخرى.
وذكر المعهد أن الهجمات التي تبناها الحوثي في أيار/ مايو 2019، باستهداف أنابيب النفط الخام التي تربط بين شرق السعودية وغربها، كان مصدرها العراق أيضا، وليس اليمن.
وكانت الهجمات المقصودة أدّت إلى تعطل خطوط إنتاج النفط مؤقتا. وتقع هذه الخطوط بين مدينتي عفيف والدوادمي، قرب العاصمة الرياض.
فيما ذكر المختص في شؤون الاستخبارات والأمن، فابيان هينز، أن "الحوثيين لا يمكنهم تنفيذ مثل هذه الهجمة المنسقة والواسعة بهذا القدر من النجاح".
وأضاف لموقع "NPR" الأمريكي، أنه "حتى لو كانت اتجاهات الصواريخ تظهر أنها قادمة من اليمن، فإن صواريخ كروز والطائرات المسيرة يمكنها سلك طرق ملتوية، وأنا أرجح أن قصف بقيق وخريص جاء من الشمال وليس من الجنوب".
اقرأ أيضا: مسؤول أممي: اليمن يتجه نحو أكبر مجاعة بالتاريخ الحديث
تحصين بعد فشل باتريوت
اتخذت السعودية منذ الشهور القليلة الماضية استراتيجية تقوم على إبراز قوّة منظومتها الدفاعية، عبر الإعلان اليومي عن صد عشرات الصواريخ التي يطلقها الحوثيون.
مدير عام مركز الأمير سلطان للدراسات والبحوث الدفاعية، سامي الحميدي، كشف بتصريحات في أيلول/ سبتمبر الماضي، عن برنامج جديد أطلق عليه "درع الوطن".
وقال الحميدي في تصريحات؛ إن من أهداف هذا المشروع الجديد الكشف المبكر عن صواريخ الحوثي فور إطلاقها.
وتابع: "يوجد رادارات وأنظمة إنذار مبكر، كما يوجد أنظمة التتبع والتوجيه وأنظمة خاصة للتعامل مع الأهداف المعادية بالأساليب المناسبة للهدف. والعديد من هذه الأنظمة لا يمكن الكشف عنها في الوقت الحاضر".
الاستراتيجيات السعودية الجديدة، تأتي نظرا لفشل المنظومات الدفاعية الموجودة، إذ نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في آذار/ مارس 2018، تقريرا قالت فيه؛ إن بطاريات باتريوت التي باعتها واشنطن للرياض سابقا، أثبتت فشلها في مواجهة صواريخ الحوثي.
وقالت؛ إن نظام باتريوت Capability-2 أو PAC-2 الموجود لدى السعودية، غير مصمم لاعتراض صواريخ "بركان 2"، التي يطلقها الحوثيون على الرياض عن بعد 600 ميل.
وبعد سحب ترامب لبطاريات باتريوت العام الماضي، أعلن وزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس، أن بلاده ستوقع اتفاقية مع السعودية لتسليمها أنظمة باتريوت دفاعية.
وتأمل السعودية في أن تكون هذه المنصات أكثر تطورا من تلك التي سحبها ترامب العام الماضي.
اقرأ أيضا: WSJ: أمريكا تسحب بطاريات باتريوت وجنودا من السعودية