هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد القاضي عماد بوخريص رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس في حديث لـ "عربي21" "أن مؤسسته تقف على نفس المسافة" من كل الأطراف المعنية بالأزمة السياسية والحكومية غير المسبوقة التي تمر بها البلاد منذ مطلع العام الجاري، بما في ذلك رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان.
ونفى بوخريص ما روجته بعض المواقع الإعلامية في تونس حول تقديم هيئته تقارير متضاربة إلى الرئيسين قيس سعيد وهشام المشيشي حول شبهات تضارب المصالح والفساد الموجهة إلى عدد من الوزراء في الحكومة التي صادق عليها البرلمان في موفى كانون الثاني (يناير) الماضي.
وقد رفض قيس سعيد أن يؤدي كل الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمامه بسبب شبهات موجهة إلى 5 منهم.
وأوضح رئيس هيئة مكافحة الفساد في حديث لـ"عربي21" أن القانون يجبر الهيئة ورئيسها على التحفظ وعدم الكشف عن فحوى الاتهامات والشبهات التي تهم كل المواطنين "احتراما لسرية المعطيات الشخصية"، لكنه يطالبها بتمكين رئيسي الجمهورية والحكومة بتلك المعطيات السرية في سياق مهماتهما ومسؤولياتهما على رأس الدولة، بما في ذلك التثبت من شبهات تضارب المصالح والفساد الموجهة إلى كبار الشخصيات السياسية المرشحة مثل رئيس الحكومة والوزير والوالي والقاضي وعضو البرلمان.
كما تحيل الهيئة تقارير حول السياسيين المشتبه في تورطهم في الفساد إلى القضاء، بعد استكمال إجراءات التحري والتحقيق والتمييز بين "الوشايات" و"التبليغات غير الجدية" والملفات التي تحتاج متابعة فضائية.
وقد ساهمت تقارير الهيئة العام الماضي في إسقاط حكومة إلياس الفخفاخ، لأن الدستور التونسي منحها منذ تأسيسها بعد ثورة 2011 صلاحيات واسعة بما في ذلك مراقبة ثروات رئيس الحكومة والوزراء والولاة والمديرين العامين وإحالة ملفاتهم على القضاء، في صورة وجود شبهات خطيرة.
في المقابل قلل مخاطبنا، الذي تولى خطة مدعي عام في محكمة التعقيب قبل تعيينه على رأس هذه الهيئة العليا، من المخاطر التي يتحدث عنها البعض بسبب ملفات الفساد. وأورد في حديثه لـ "عربي21" أنه وقع تضخيم عدد ملفات الفساد وشبهات تضارب المصالح التي أحيلت على الهيئة خلال الأعوام العشرة الماضية، وقيل إن عددها تجاوز الأربعين ألفا لكنها أقل من 20 ألفا.
وفسر التضخيم الذي وقع بعوامل كثيرة من بينها تبليغ بعض المواطنين عن نفس الملف أكثر من مرة بصيغ مختلفة من التقارير الكتابية الورقية إلى الكتابة إلى العنوان الإلكتروني للهيئة وصولا إلى استخدام "الرقم الهاتفي الأخضر".
وكشف بوخريص أن عدد الملفات التي أحالتها مؤسسته على القضاء خلال الأعوام الماضية ناهز الـ 1300. وأورد أن "طول إجراءات التقاضي" قد يتقلص في المدة القادمة بفضل الإصلاحات التي تجري منذ مدة بالتنسيق بين الهيئة ورئاسة الحكومة ومختلف الوزارات في مجال تعميم "قاعدة المعطيات الإلكترونية" التي تهم بيانات كل المواطنين من وثائق حالتهم المدنية في البلديات إلى معطياتهم المالية ولدى مصالح الضرائب والجمارك وإدارة الملكية العقارية... الخ.
وكشف عماد بوخريص أن "أولوية الأولويات بالنسبة للمؤسسة منذ مباشرته لمهامه على رأسها قبل نصف عام تطوير المنظومة الإلكترونية لهيئة مكافحة الفساد وتشبيكها مع المنظومات الوطنية بما سوف يسهل عمل التثبت في شبهات الفساد وتضارب المصالح بالنسبة لمئات آلاف الموظفين والعاملين في القطاع الخاص ولـ 300 ألف من بين المعنيين بقرار إجبارية التصريح بممتلكاتهم لدى الهيئة من رؤساء الدولة والحكومة والهيئات الرسمية والوزراء إلى النواب والقضاة والصحفيين والمشرفين على الأحزاب والجمعيات...
وقد قام 150 ألفا من هؤلاء بواجب التصريح بثرواتهم وممتلكاتهم وسيطالب البقية بتسوية وضعيتهم قبل موفى تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
كما كشف عماد بوخريص أن مئات وثائق التصريح تضمنت معلومات خاطئة، بما في ذلك عن تاريخ الولادة وبطاقة الهوية و"المعرف الوحيد" والزواج والعزوبية والطلاق. وستدعو الهيئة المعنيين بتصحيح الغلط قبل تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، ثم ستفرض عقوبات على من لم يبادر بالتصحيح بصفة تلقائية.
وتوقع رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن يساهم إدراج المنظومات الإعلامية بالنسبة لقاعدة المعطيات الشخصية ومعطيات الأملاك والثروات في إصلاح شامل للأوضاع في البلاد والموارد المالية للدولة وتجسيم مبدأ الحوكمة الرشيدة "بما سيؤكد أن تونس لن تسقط ولن تنهار ماليا ولن تخضع لوصاية مالية ودولية شبيهة بما وقع في "الكوميسيون المالي" الذي مهد لفرض الوصاية المالية ثم احتلال البلاد في 1881.
وسجل بوخريص أن الهيئة الوطنية التي يرأسها تهدف إلى المساهمة في "أخلقة الحياة السياسية" وتحقيق "الحوكمة الرشيدة" وتكريس قواعد النزاهة والشفافية والمساءلة التي وردت في كل المراسيم والقوانين وفي الدستور وفي قانون النفاذ للمعلومة وقانون حماية المبلغين والتصريح بالمكاسب والمصالح..".
وتوقع بوخريص أن تنتصر الروح الوطنية وجهود الوطنيين في كل المجالات بدءا من إنجاح مسار الانتقال إلى الشفافية المالية والإدارية والقضائية عبر تعميم قاعدة البيانات الوطنية التي تمتلكها كل الوزارات والمؤسسات العمومية والخاصة في شبكة إلكترونية وطنية موحدة ستربح منها المجموعة الوطنية الكثير وستساهم في تحسين مناخ الأعمال والإنتاج وفرص التنمية الشاملة.