هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعت منظمة "سام" للحقوق والحريات الدول العربية المساهمة في عاصفة الحزم، إلى الانسحاب الفوري من اليمن واحترام سيادته ووحدة أراضيه.
وشددت المنظمة في بيان لها اليوم في الذكرى السادسة لانطلاق عاصفة الحزم في اليمن، أرسلت نسخة منه لـ "عربي21"، على التأثير الخطير والمقلق لعملية "عاصفة الحزم" على المدنيين اليمنيين ومدى تمتعهم بحقوقهم الأساسية، ودعت المجتمع الدولي إلى ضرورة تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وفي مقدمتها حماية حقوق المدنيين اليمنيين وحياتهم من الانتهاكات التي تتم عبر الأطراف المتعددة، والعمل على إيجاد حل أممي توافقي، يضمن وقف إطلاق النار وحظر نشاط أي دولة للتدخل في الشؤون الداخلية لليمن.
كما دعت المنظمة إلى تشكيل لجنة أممية للتحقيق في آثار الانتهاكات المرتكبة على يد القوات المختلفة؛ تمهيدا لتقديمها للمحاكمة العادلة نظيرا للجرائم المرتكبة بحق اليمنيين، مؤكدة أن أي حل سياسي لليمن يجب أن يمر عبر الطرق القانونية، من خلال تطبيق قواعد القانون الدولي في كل الانتهاكات التي وقعت، مع مراعاة تقديم كل طرف ساهم في تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد للمحاكمة.
وقال بيان منظمة "سام"؛ إن مستوى تمتع الأفراد بحقوقهم الأساسية في اليمن يشهد تراجعا مستمرا؛ بسبب التعديات الخطيرة وغير القانونية التي تنفذها جميع الأطراف المشاركة في الصراع الدائر في اليمن منذ ست سنوات".
وأكدت أن مشاركة بعض الدول في الصراع الدائر في اليمن، عمّق من آثار الانتهاكات التي يعانيها اليمنيون، مؤكدة أن تدخل تلك الدول لم يراع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان في الحرب، كما أن ممارسة بعض تلك الدول شكل انتهاكا لسيادة اليمن ووحدة أراضيه وسلامة مواطنيه.
وبينت "سام" أن السنوات الست الماضية تطرح تساؤلات حقيقية عن دور المجتمع الدولي أمام الجرائم المرتكبة في اليمن منذ سنوات، دون أي تحرك فعال أو حتى الوقوف على آثار تنفيذ عملية "عاصفة الحزم"، التي كان لها تأثير سلبي على المستوى الحقوقي والإنساني والسياسي، بالتزامن مع مجموعة المعلومات التي وثقتها "سام" حول ارتكاب تلك القوات عمليات قتل واختطاف وتعذيب ترقى لوصف "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية".
وذكرت "سام" في بيانها، أن فريق الرصد التابع لها وثق أرقاما مقلقة لانتهاكات طالت المستويات الحقوقية كافة خلال "عملية الحزم"؛ من اعتداء على الحق في الحياة والسلامة الجسدية، والحق في الحرية الشخصية والتنقل، والحماية المكفولة للمرأة والطفل.
وأبرزت "سام" بأن معدلات بعض الانتهاكات ارتفعت بعد تدخل دول التحالف العربي عبر عملية "عاصفة الحزم"، حيث كان لممارسات تلك الدول الدور الأبرز في الإمعان بانتهاك حقوق المدنيين، وفي مقدمتها السجون السرية في اليمن التي تدار وتُمول من قبل القوات الإماراتية، حيث تعمد تلك ـ القوات ـ إلى إخفاء آلاف اليمنيين من معارضين سياسيين وأصحاب رأي، بل وحتى مدنيين دون توجيه أي تهمة أو عرض على السلطات القضائية.
وأكدت "سام" أنه لا توجد أرقام دقيقة حول أعداد تلك السجون؛ نظرا لانتشارها الواسع وصعوبة تحديد أماكنها، لكنها وثقت عدد 25 سجنا سريّا، موزعين على مناطق عدة مثل: المهرة، وسيئون والمكلا بحضرموت، وعزان في شبوة، وسجون أبين، ولحج، وفي الساحل الغربي، والمخا والخوخة.
يضاف للجرائم سابقة الذكر، انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي ـ المدعوم إماراتيا ـ على الحكومة الشرعية في عدن، ودعم مليشيا مسلحة لا تتبع الحكومة، حتى تحولت إلى خنجر في خاصرة الدولة اليمنية للسيطرة على الموانئ الاستراتيجية والسواحل اليمنية من المهرة إلى الحديدة، ومنع الحكومة من إدارتها، وكذلك ممارسة بعض أعمال الدولة السيادية وإنشاء القواعد العسكرية على بعض الجزر؛ مثل حنيش وميون وسقطرى، دون تنسيق مع الحكومة اليمنية.
وذكرت "سام" في هذا الصدد قيام قوات التحالف بعرقلة حركة الموانئ اليمنية، إضافة لوضعها شروطا تعجيزية لرسو السفن وتفريغ الحاويات؛ إذ يشترط التحالف ذهاب السفن إلى جدة للتفتيش أولا، ومن ثم الاتجاه إلى ميناء عدن للتفريغ، مما يتسبب في رفع تكاليف الشحن وزيادة المدة التي تستغرقها السفن للسفر إلى جدة والعودة.
وتضيف "سام" أن قوات التحالف تعتمد سياسة الحصار والتضيق نفسها مع المطارات المحتلة؛ مثل مطار الريان والغيضة، ومنع تشغيل الرحلات التجارية إليها. هذا بخلاف أن الطيران اليمني لا يستطيع المرور في الأجواء اليمنية إلا بإذن من التحالف. ولا تستطيع الطائرات اليمنية المبيت في اليمن، وتضطر إلى تحمل أعباء مالية كبيرة للمبيت والصيانة خارج اليمن، مما يعيق إمكانية تقديم خدمات جيدة أو حتى الحفاظ على الأصول الموجودة.
تقارير حقوقية
وأشارت "سام" إلى أن العديد من المنظمات الحقوقية الدولية ومنها "هيومن رايتس ووتش"، قامت برصد وتوثيق العديد من الانتهاكات التي قام بها قوات الحوثي والتحالف العربي بحق المدنيين، حيث قالت؛ إن "الانتهاكات التي تقترفها قوات التحالف العربي، ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" عبر أحد تقاريرها أن القوات السعودية وحلفاءها في اليمن، ارتكبوا انتهاكات خطيرة ضد المدنيين في محافظة المهرة شرقي اليمن، مشيرة إلى رصدها انتهاكات متنوعة؛ شملت الاعتقالات التعسفية والتعذيب والإخفاء القسري والترحيل غير القانوني للمحتجزين إلى السعودية.
إضافة لقيام تلك القوات باستجواب وتعذيب المعتقلين في مطار "الغيضة" بالمهرة، الذي يشرف عليه ضباط سعوديون، حيث وصفت "هيومن رايتس ووتش" الانتهاكات في حق سكان المهرة بأنها خطيرة وبالأمر المرعب، الذي يضاف إلى قائمة الأعمال غير القانونية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن.
أما منظمة العفو الدولية، فقد أكدت توثيقها انتهاكات قوات التحالف العربي، التي تضمنت ممارسات "الهجمات العشوائية، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والاعتداء الجنسي، وفرض قيود على دخول وتنقل السلع الأساسية، والمساعدات الإنسانية. وبعض تلك الانتهاكات يصل إلى حد جرائم الحرب".
وأكدت "سام" أن المعطيات التي وثقتها هي والمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية، تثبت بما لا يدع مجالا للشك، تورط قوات الدول المشاركة في عملية "عاصفة الحزم" في ارتكاب آلاف الجرائم بحق المدنيين اليمنيين، مشيرة إلى أن غياب المساءلة الجنائية المحلية الناتج عن انحسار سلطات وصلاحيات الجهاز القضائي في اليمن، الذي أصبح يتبع للجهة التي تسيطر عليه بمعزل عن مبدأ استقلال السلطة القضائية، كان له بالغ الأثر في تصاعد عمليات الإعدام والاعتقال التعسفي، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي وقوات الحزام الأمني.
يذكر أنه في 26 آذار (مارس) 2015، أطلق تحالف عسكري من تسع دول عربية، شكلته المملكة العربية السعودية، وأسمته بـ"التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن"، عملية جوية واسعة ضد أهداف متعددة للحوثيين في العاصمة صنعاء، ومحافظات أخرى تخضع لسيطرة مليشيات الحوثي، مشيرة إلى أن تدخل التحالف جاء بناء على طلب من الرئيس اليمني "عبد ربه هادي"، لاستعادة الشرعية في اليمن، عقب سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، ومعظم محافظات الشمال اليمني والزحف نحو المحافظات الجنوبية.
اقرأ أيضا: زعيم الحوثيين عن المبادرة السعودية: نريد "سلاما مشرفا"