هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرح إعلان المجلس الرئاسي الليبي تأسيس مفوضية للمصالحة الوطنية، أسئلة حول قدرة السلطة الجديدة على تحقيق المصالحة بين أطراف الأزمة الليبية، في ظل العقبات الكبيرة التي تقف أمامها، لعل أبرزها قصر عمر هذه السلطة، فضلا عن التركة الثقيلة التي خلفتها الصراعات المسلحة والحروب، والتي عمقت الخلافات.
وأعلن المجلس الرئاسي الليبي، الإثنين، تأسيس مفوضية وطنية عليا للمصالحة الوطنية، لحل الخلافات بين أبناء البلد.
والخميس الماضي، قال رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، مغردا على تويتر: "مستقبل ليبيا وتقدمها مرتبط بقدرتها على معالجة جراحها من خلال المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة".
بدورها، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الثلاثاء، عن استعدادها لدعم جهود المصالحة الوطنية في هذا البلد العربي.
اقرأ أيضا: البعثة الأممية: مستعدون لدعم المصالحة الوطنية في ليبيا
وشدد بيان للمبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش، على "الحاجة إلى عملية مصالحة شاملة قائمة على حقوق الإنسان، باعتبارها ضرورية لتأمين السلام الدائم والاستقرار والوحدة والازدهار"، وفق البيان.
ورحب كوبيش "بإعلان المجلس الرئاسي عن إنشاء مفوضية عليا للمصالحة الوطنية بهدف إطلاق عملية المصالحة في البلاد، لتعزيز الوحدة والتسامح والعدالة وحقوق الإنسان وترميم النسيج الاجتماعي بين مكونات المجتمع الليبي"، وفق البيان.
— UNSMIL (@UNSMILibya) April 6, 2021
تفعيل العدالة الانتقالية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله الكبير أن طريق المصالحة طويل، وأن كل ما بوسع السلطة الجديدة فعله في هذا الملف، "وضع الأسس أو اللبنات الأولى".
وشدد في حديث خاص لـ"عربي21" على أن "حجم التركة التي خلفتها الحروب ثقيلة وبحاجة إلى عدة مستويات من المعالجة تبدأ من تفعيل قانون العدالة الانتقالية، ثم حصر المتضررين، وجبر ضررهم وتعويضهم، وتهيئة الظروف المناسبة لعودة المهجرين".
ولفت الكبير إلى أن "هذا الملف يحتاج إلى وقت طويل، بينما الزمن الممنوح لهذه السلطة لن يكفي لإنهاء معضلات هذا الملف".
وفي 16 آذار/ مارس الماضي، تسلمت حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي الجديد مهامهما لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
استنساخ التجارب
من جهته، قال المحلل السياسي، عبد السلام الراجحي، إن هناك "إمكانية وفرصة كبيرة لتحقيق المصالحة، لكن يجب ألا تغفَل نقاط مهمة لعل أهمها جبر الضرر للمتضررين، وسريان المصالحة والعدالة على الجميع دون استثناء".
وأضاف الراجحي في حديث خاص لـ"عربي21" أن هناك الكثير من المتضررين جراء الحرب، ولا يجب أن تجري المصالحة على حساب هؤلاء، خاصة أن عددا كبيرا من هؤلاء بين نازح، ومشرد، ومنهم من خسر أمواله وبيته، وأبناءه".
وشدد المحلل السياسي على أهمية "اعتذار المخطئ، وتنفيذ العدالة الانتقالية ضد من أجرموا بحق الليبيين، مع ضرورة ضمان ألا تكون هناك خطوط حمراء أو استثناءات في معاقبة المجرمين".
اقرأ أيضا: الرئاسي الليبي يعلن تأسيس مفوضية عليا للمصالحة الوطنية
واستطرد: "يجب أن تشمل المصالحة الجميع، ويجب اختيار شخصيات توافقية للقيام بجهود المصالحة، على أن يكون المشروع متكاملا بما يضمن حل المشاكل والخلافات من الجذور دون تمييز أو تفرقة بين طرف وآخر، بهدف الوصول إلى مصالحة حقيقية وليس تجميلية".
ودعا الراجحي إلى استنساخ التجارب الليبية في تحقيق المصالحة، وتعميمها في عموم ليبيا، كالمصالحة التي جرت بين مدينتي مصراتة وتاورغاء، والتي طوت صفحة خلافات عميقة بينهما.
مصراتة وتاورغاء
وكانت مدينتا مصراتة وتاورغاء المتجاورتان طوتا منتصف عام 2018 صفحة العداء المظلمة بينهما، رغبة في حفظ السلم الأهلي، وتحقيق التعايش السلمي وحسن الجوار.
وبدأ الصراع بين مصراتة وتاورغاء منذ اندلاع ثورة 17 فبراير، عندما اتخذت كتائب القذافي مدينة تاورغاء منطقة عسكرية للهجوم على مصراتة، حيث ساندت المدينة هذه الكتائب وشاركوا في اجتياح مصراتة والتصدي للثوار.
وعقب هزيمة كتائب القذافي، دخلت كتائب مصراتة إلى تاورغاء وطردت سكانها وهجرتهم بقوة السلاح عقابا لهم على تصديهم لثوار المدينة وممارسة جرائم ضدهم.
وسبق اتفاق المصالحة بين المدينتين مصالحة بين مصراتة والزنتان في آذار/ مارس من العام نفسه، بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحروب والاقتتال والقطيعة.