هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما زالت أصداء الهجوم الفاشل الذي شنه اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس تتردد في ليبيا، وتلقي بظلالها على المشهد العام في البلاد، رغم مرور عامين على انطلاقه.
وخلق هذا الهجوم تحديات كبيرة ووضع عراقيل كبيرة أمام السلطة الجديدة في البلاد، لعل أبرزها ملف المرتزقة، وتوحيد المؤسسات، وإجراء الانتخابات المقبلة في موعدها المحدد.
وشن حفتر في الرابع من نيسان/ أبريل 2019 هجوما مباغتا بهدف السيطرة على العاصمة طرابلس، بدعم من بعض الدول، أبرزها الإمارات ومصر وفرنسا وروسيا، لكن الهجوم واجه مقاومة شرسة من قبل قوات حكومة الوفاق الليبية والتشكيلات العسكرية التابعة لها، الأمر الذي دفع بحفتر إلى الانسحاب بعد أكثر من عام.
ولم يتمكن حفتر من تحقيق أهدافه بالسيطرة على طرابلس، لكن هجومه عمق الأزمة السياسية والأمنية، وعرقل مسار الحوار السياسي في البلاد، فضلا عن تسببه بخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.
اقرأ أيضا: حميدتي يدعو لخروج المرتزقة ودعم السلطة الجديدة في ليبيا
وتأتي هذه الذكرى بالتزامن مع انتخاب السلطة الجديدة في ليبيا، والتي تواجه عديد التحديات منها الأمنية والسياسية، والتي تمثل اختبارا حقيقيا لعبور الأزمة السياسية الراهنة.
وفي ما يأتي ترصد "عربي21" أبرز التحديات التي تواجه السلطة الجديدة:
أزمة المرتزقة
رغم المطالبات المحلية والدولية برحيل المرتزقة الأجانب عن التراب الليبي، وانتهاء مهلة سابقة لرحيلهم، إلا أن هذا الملف ما زال يراوح مكانه، في ظل اعتقاد مدفوع بمعطيات ميدانية، يشير إلى أن أطرافا دولية تمسك بمفتاح حل أزمة المرتزقة، التي تورطت فيها البلاد كنتيجة لهجوم قوات خليفة حفتر على العاصمة طرابلس في نيسان/ أبريل 2019.
وأطلقت الأمم المتحدة والحكومة الجديدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، دعوات للدول بسحب مرتزقتها وقواتها من ليبيا، لضمان نجاح عملية المصالحة في البلاد.
ودعا الدبيبة مؤخرا المرتزقة والمقاتلين الأجانب المتواجدين في ليبيا إلى المغادرة، قائلا: "المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا، ولابد من العمل على إخراجهم ومغادرتهم، وهو أمر يتطلب الحكمة والاتفاق مع الدول التي أرسلتهم".
ولكن ومنذ التوصل إلى وقف إطلاق النار في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وإعطاء مهلة 90 يوما لرحيل المرتزقة، وبدل رحيلهم، عملت بعض مجموعات المرتزقة، مثل فاغنر الروسية، على تأمين مواقعها بحفر عدد من الخنادق في سرت والجفرة، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، بعد أن كشفت قوات بركان الغضب مؤخرا أن هؤلاء المرتزقة يحفرون لمد خط أنابيب لنقل النفط من الجنوب إلى الشمال، ثم شحنه بحرا، ضمن تنازلات منحها حفتر لمرتزقة فاغنر للوصول إلى الموارد النفطية.
إجراء الانتخابات
حدد ملتقى الحوار الليبي، والبعثة الأممية الـ 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، موعدا للانتخابات العامة في ليبيا، لكن هذه المهلة لا تبدو كافية بالنظر إلى الإشكاليات التي تواجه إجراءها، إذ إن مجلس النواب لم يصدر بعد قانون الانتخابات، التي على أساسه تجرى الانتخابات.
اقرأ أيضا: موقع أمريكي: صدّام حفتر التقى مسؤولين إسرائيليين
ورغم تعهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بتنظيم الاستفتاء على مسودة الدستور قبل تنظيم الانتخابات إلا أن المفوضية العليا للانتخابات أكدت استحالة إجراء ذلك من الناحية الفنية، ما يعني أن الحكومة أمام تحد حقيقي للنجاح في أهم الملفات الساخنة في البلاد.
مكافحة كورونا
تُسجل ليبيا معدلات مرتفعة في نسب الإصابة بفيروس كورونا، رغم أن عدد سكانها لا يتجاوز السبعة ملايين نسمة، وهذا ما دفع دبيبة إلى حل "اللجنة المكلفة بمكافحة جائحة كورونا"، التي شكلتها حكومة الوفاق، بسبب اتهامات بالفشل في إدارة أزمة الجائحة.
وتعهد دبيبة بأن يكون توفير اللقاح ضد فيروس كورونا لجميع المواطنين والمقيمين في البلاد بأسرع وقت ممكن، أهم أولوياته.
والشهر الماضي، أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، فتح باب التسجيل في منظومة التطعيم ضد الفيروس، والأحد أعلنت وزارة الصحة عن وصول أكثر من مئة ألف جرعة من لقاح شركة سبوتنيك الروسية إلى طرابلس.
توحيد المؤسسات السيادية
يمثل توحيد المؤسسات خاصة السيادية منها مثل البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط مهمة أصبحت في متناول حكومة الوحدة، بعدما قطع هذا المسار عدة أشواط من المباحثات بين هيئات شرق البلاد وغربها.
ونجح البنك المركزي بشقيه في توحيد سعر الصرف، كما أن مؤسسة النفط أنهت احتجاز عائدات تصدير الخام الذي استمر لأكثر من أربعة أشهر، وقررت إعادة تحويلها إلى المصرف المركزي، بعد تشكيل حكومة الوحدة.
ومن شأن ارتفاع مداخيل النفط، مع تحسن الأسعار وزيادة الإنتاج، أن يساهم في حل أزمة السيولة لدى البنوك، وتمويل عدة مشاريع مستعجلة للمواطنين.
ويبرز توحيد الجيش كإحدى المهمات الرئيسية للمجلس الرئاسي الجديد باعتباره القائد الأعلى للجيش، وأيضا لرئيس حكومة الوحدة بصفته وزيرا للدفاع.
وتعاني منذ 2011، صعوبات في إعادة بناء جيش نظامي محترف، بسبب انتشار السلاح، والمليشيات غير المنضبطة، وأزّم الوضع إطلاق حفتر "عملية الكرامة"، حيث تسبب بتقسيم الجيش الوليد، وانضمت إليه العديد من المليشيات.
ويحتاج توحيد الجيش إلى خطوات لبناء الثقة أولا، وعلى رأسها فتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، وتبادل الأسرى، ونزع الألغام خاصة من المنطقة الوسطى الممتدة من سرت إلى محافظة الجفرة.
كما أن تفكيك المليشيات وإعادة إدماج عناصرها في المؤسستين العسكرية والأمنية، هو إحدى الخطوات المهمة لتوحيد الجيش وإعادة بنائه.
جرائم حفتر بترهونة
يبرز هذا الملف الإنساني كأحد أهم الملفات التي تواجه الحكومة الجديدة، إذ إن عديد المقابر الجماعية جرى اكتشافها حتى الآن في مدينة ترهونة وجنوب العاصمة طرابلس، مع وجود مئات المفقودين الذين قطعت أخبارهم نتيجة للهجوم الذي شنه حفتر، ومليشيات تابعة له.
اقرأ أيضا: ما دلالات عودة الاغتيالات والاختطاف بمناطق سيطرة حفتر؟
ويأمل أهالى الضحايا من الحكومة الكشف عن مصير أبنائهم، وتفعيل المسار القانوني ضد مليشيات وأشخاص متورطين في هذه الجرائم، وسط خشية من افلات هؤلاء من العقاب في ظل الحديث عن أجواء المصالحة والتسويات السياسية في البلاد.
لكن وزارة الداخلية الليبية، أعلنت الأحد، تشكيل لجنة لمعالجة ملفات ومطالب أهالي مدينة ترهونة بشأن المقابر الجماعية والمفقودين، وذلك في أعقاب انتهاء زيارة أجراها رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، للمدينة، التي تقع جنوب شرق العاصمة طرابلس، وتعهده بتلبية مطالب أهلها.
وقال المكتب الإعلامي للوزارة، في بيان، إن اللجنة تشكلت بقرار من رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، بعد زيارته لمدينة ترهونة، أمس السبت.
وبحسب بيان المكتب الإعلامي، فقد واتخذت الوزارة كافة الإجراءات القانونية وفق اختصاصها فيما يتعلق بالبلاغات عن المفقودين وأماكن المقابر المحتمل وجود ضحايا بها.
وأشار المكتب الإعلامي إلى أن الوزير أكد على ضرورة ملاحقة الجناة ومرتكبي جرائم المقابر الجماعية، والجرائم الجنائية في الداخل والخارج الصادرة في حقهم أوامر قبض من النائب العام.
أزمة الكهرباء
إحدى أبرز المشكلات التي أخرجت الليبيين للاحتجاج في الشارع سواء في طرابلس أو مدن الشرق الليبي، انقطاعات الكهرباء خاصة في فصل الصيف.
وأحد أسباب تلك الانقطاعات ضعف شبكة الكهرباء إجمالا، وتعرضها للتدمير والتخريب خلال المعارك التي جرت بعدة مدن سواء طرابلس أو بنغازي أو درنة (شرق)، فضلا عن عمليات السرقة والنهب لمعدات الصيانة وكوابل نقل التيار الكهربائي.
وأكد الدبيبة العمل على تسهيل الإجراءات لإبرام العقود وتنفيذ المشاريع المتوقفة وإجراء الصيانات اللازمة للمحطات، وضرورة تذليل كل الصعوبات التي من شأنها مساعدة شركة الكهرباء على إنجاز مهامها.