هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما زال مسلسل تسريبات القصر الرئاسي بتونس متواصلا وعلى أشده، بعد أن فجر النائب المستقل، راشد الخياري تسريبات على درجة عالية من الخطورة وفق أغلب المتابعين للشأن السياسي.
وسرّب الخياري تسجيلا صوتيا للمحامية اليسارية مايا القصوري تتحدث فيه عن علاقتها بمديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة وكيف تم إرسالها إلى الخارج للدراسة باعتبارها كانت متميزة في القانون لتحضيرها للمنصب الحالي في قصر قرطاج.
التسريب شهد انتشارا واسعا، وأحدث جدلا، الأمر الذي جعل من مديرة الديوان الرئاسي تنشر تدوينة الخميس ولأول مرة على صفحتها الرسمية وتعلق.
وقبلها بيوم كشف الخياري عن تسريب آخر تضمن كيف كان يتدخل السفير الفرنسي السابق بتونس في فرض اسم لرئاسة الحكومة خلفا لإلياس الفخفاخ وبالتنسيق مع الرئيس مباشرة.
اختراق
ويسود غموض حول مديرة الديوان الرئاسي الحالية نادية عكاشة، حيث كثر الحديث عنها في الأوساط السياسية، واتهمت بالتفرد بالقرار في القصر، وبأنها مدعومة من جهات نافذة في البلاد، وأنه لا يمكن لأي شخص التواصل مع الرئيس قيس سعيد إلا بموافقتها.
القليل من هذا الغموض بدأ ينكشف عبر التسريبات التي فجرها النائب المستقل بالبرلمان راشد الخياري، تضمنت رسائل صوتية لمحامية يسارية تدعى مايا القصوري، لطالما أظهرت صور متداولة قربها وعلاقتها بالسفير السابق الفرنسي بتونس، فضلا عن تصريحاتها التي تعبر فيها عن كرهها الشديد لحركة النهضة.
الخياري وفي تسريبه الجديد ليلة الأربعاء قال، إن مايا القصوري هي من نصبت نادية عكاشة في القصر لتسهيل التحكم في الرئيس قيس سعيد، حيث تم "تجنيد" نادية عكاشة منذ دراستها في الجامعة وإرسالها في بعثة لأوروبا وتجهيزها لمنصبها الحالي في القصر.
وقال النائب راشد الخياري في تصريح خاص بـ"عربي21" إنه "ما زال في جعبتنا الكثير، ونحن ندير المعركة الإعلامية مع هذا اللوبي الذي نعتقد أنه فاسد، لذلك نسرب الأمور تباعا كل فترة بحسب الساحة السياسية، فنحن في حالة حرب إعلامية معهم".
وأضاف الخياري: "المطلوب من اللوبي الفاسد الابتعاد عن الإضرار بمصالح الوطن، التسريبات الصوتية أرسلت على الواتساب بين مايا القصوري ونادية عكاشة والصحفية شهرزاد عكاشة (يسارية لها عداء شديد للنهضة)، وسننشر فضائح بالجملة في الأيام القادمة".
وامتنع الخياري عن الرد على سؤالنا بخصوص الجهة التي قدمت له التسريبات واكتفى بالقول: "باختصار لنا عيون وسط كل هذه الأطراف، ونعلم الكثير عن الرئيس قيس سعيد، وما جعل هذه التسريبات تخرج هو إحساس بعض الشرفاء بأن هناك خيانة للوطن، فحتى حلفاء اللوبي تخلوا عنهم ومدونا بالتسريبات، وجهات مقربة منهم قدمت لنا التسريبات حصلت خيانة في ما بينهم". على حد قوله.
وكشف الخياري في حديثه أن "جهات من القصر تعاونت معنا، ونادية عكاشة كانت تسمع وتنفذ ما تطلبه منها مايا القصوري، وهي من تتحكم من خلال تنفيذ ما تطلبه منها فرنسا وجهة أخرى".
وفي جوابه عن الجهة قال الخياري: "أريد التأكيد لكم أن جهة أخرى تتعاون معها القصوري ليست الإمارات، لكنها دولة من الشرق الأوسط".
كشف الحقيقة
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الحبيب بوعجيلة في قراءة خاصة لـ"عربي21"، أن التسريبات "هي تأكيد لما كنا نقوله باستمرار أن المشهد السياسي لم يعد يتحرك كما تقتضيه الديمقراطية بصراعات علانية حزبية وتصورات واضحة بقدر ما أصبح في يد مجموعة من الغرف واللوبيات الخفية التي تتدخل فيها بوضوح قوى دولية متصارعة في المنطقة وتونس عن طريق مجموعة من الأشخاص ليس لهم صيغ سياسية واضحة ولا تصورات ولا عناوين كما تقتضي الديمقراطية".
وأفاد الحبيب بوعجيلة: "تكمن خطورة التسريبات في تحويل وإدارة المشهد بنكرات وقوى غامضة، وعلى الرئاسة التعبير عن موقفها مما يسرب بوضوح، مديرة الديوان عبرت اليوم بتدوينة مقتضبة وسريعة غير كافية".
ودعا بوعجيلة الرئيس قيس سعيد إلى "التوضيح بدقة علاقته بما قيل في هذه المكالمات المسربة، فهو الذي يؤكد باستمرار رفضه للسياسة التي تدار بالغرف المظلمة والمتآمرين، وهذا الحديث يضع مديرة ديوانه في موقع محرج، وعلى رئيس الحكومة الحالي هشام المشيشي تقديم توضيح، فقد ذكر اسمه وتم اتهامه وعلى كل الأطراف السياسية تحديد موقفها من إدارة السياسة بالغرف المظلمة".
وعن مدى خلط التسريبات للأوراق وإن كان لها تأثير في تعميق الأزمة السياسية الراهنة يقول بوعجيلة: "تقديري ستوضح التسريبات أكثر للرأي العام كيف تدار بعض التوجهات والمواقف السياسية، وستكشف الأقنعة على بعض من يدعي النظافة والطهورية والشفافية، الرأي العام سيصبح له القدرة على التقييم للفاعلين في السياسة واختيارهم بتقييمات موضوعية بعيدا عن التصنيفات الأخلاقية بين أخيار وأشرار، نحن في مشهد يقوده عدد من الفاعلين بعضهم لا يتورع في التأثير في مسار البلاد حتى ولو بالاستعانة بقوى دولية والارتهان لأجنداتها".
يذكر أن "عربي٢١" لم يتسن لها التأكد من صحة هذه التسريبات.