نشرت صحيفة "
فايننشال تايمز" تقريرا تحدثت فيه
عن التوتر في العلاقة بين الرئيس بشار
الأسد وقاعدته العلوية، فالمدن الساحلية البعيدة
عن الحرب شهدت ازدهارا اقتصاديا أثناء الحرب، لكنها بدأت تعاني بسبب العقوبات الأمريكية
التي فرضت بموجب قانون قيصر وانتشار فيروس كورونا.
وذكر التقرير الذي ترجمته "عربي21" أن البلدات
الساحلية السورية تنتشر فيها النصب للجنود الذين قدمتهم الطائفة العلوية دفاعا عن الأسد
والذي ينتمي نفسه إلى الطائفة، ولكن وبعد عقد من الحرب يكافح النظام من أجل أن يحافظ على
الدعم في معقل الدعم له.
وقد دمرت الحرب معظم
سوريا التي يسيطر فيها الديكتاتور على
ثلثي البلد ويواجه أزمة
اقتصادية غير مسبوقة بما فيها مناطق العلويين الذين يعتمد عليهم
الأسد في مؤسساته الأمنية والقتال في جيشه.
ومثل معظم السوريين يعاني
العلويون من الفقر وانقطاع التيار
الكهربائي وانهيار العملة والبطالة. وفاقم الانهيار الاقتصادي الناجم عن الحرب وصول
كوفيد -19 والعقوبات الأمريكية والأزمة المالية في الجار لبنان والذي كان بمثابة شريان
مصرفي له.
ونقلت الصحيفة عن طالبة عمرها 22 عاما من اللاذقية قولها:
"لا أعرف كيف أصف الوضع الرهيب الآن". وتعتمد الطالبة على 10 دولارات في
الأسبوع من دروس التقوية التي تعطيها وتحويلات مالية من شقيقها في ألمانيا. وأضافت:
"ربنا يساعد من ليس له أحد في الخارج ليرسل له المال".
ويعتبر العلويون الذين يشكلون نسبة 15% من السكان طائفة مهمشة
ولكنهم ظلوا يمثلون حجر الأساس للنظام في بلد غالبيته سنية. ومنذ سيطرة حافظ الأسد،
والد بشار على السلطة عام 1970، قام النظام بملء المناصب الأمنية وفي الاستخبارات من
أبناء الطائفة. وأصبحت الدولة مصدر الوظائف للطائفة في بلد يسيطر فيه السنة والمسيحيون
على المؤسسات التجارية.
وتقول إليزابيث تيرسكوف من "معهد نيولاين" إن الأسد
عندما تبنى سياسات انفتاح للاقتصاد بعد وفاة والده حافظ "كان هناك نوع من التحسن
في مستويات الحياة، للدولة وتحديدا العلويين". ولهذا السبب لم يشارك سكان اللاذقية
أو طرطوس في الثورة ضد الأسد في 2011، مما أبعدهم عن العنف الذي أصاب غالبية البلاد.
وكأقلية كان لديهم ما يخشونه من الثورة التي بدأت بمطالب
ديمقراطية قبل سيطرة جماعات متشددة عليها وترى فيهم جماعة منحرفة. وقال كاتب من عائلة
علوية في السبعين من عمره: "كثوريين شعرنا بالخذلان من هذه الرايات السود"،
في إشارة إلى راية تنظيم الدولة.
ودعم العلويون النظام لأسباب سياسية وليست طائفية، كما يقول
أليكس سايمون، مدير شركة أبحاث في بيروت "سينابس" مضيفا: "أصبحت الدولة
العجلة الأولى للحراك الاقتصادي ومعيشة" العلويين. لكن الروابط تعرضت للضغط الآن،
حيث تقدم صفحات الفيسبوك للمدن والبلدات العلوية صورة عن المظالم المحلية، من انقطاع
التيار الكهربائي الذي لا يصل سوى لساعات في اليوم إلى نقص المحروقات وفشل المسؤولين
في معالجة غياب الخدمات.
وأدت زيادة التضخم وانهيار العملة السورية التي صارت تساوي
3.500 مقابل الدولار إلى فقدان رواتب الجند والموظفين قوتها الشرائية. وقالت تيرسكوف:
"عاد الحديث الآن إلى الحياة التي باتت إهانة مستمرة" كما كانت في عهد حافظ
الأسد. ولا أحد لديه الجرأة لانتقاد بشار الأسد على الظروف إلا أن الكثيرين يشعرون
بتخليه عنهم.
وقال مترجم من اللاذقية ومتطوع في مبادرات ثقافية عمره
38 عاما: "لا يتعامل النظام إلا بالكاد مع المشاكل الاقتصادية" و"تحولت
الدولة إلى أداة جمع، وبخاصة في العامين الماضيين حيث أصبحت الضرائب والغرامات هستيرية،
لأن الحكومة مفلسة". وفي الوقت الذي يدعم فيه البعض النظام جهلا أو خوفا إلا أن
الوضع الاقتصادي أضعف إيمانهم به و"خرج الناس عن دينهم".
لكن قمع الدولة يجعل
العلويين داعمين للنظام. وقال كاتب: "وفي كل فترة، ترسل أجساد المعتقلين الذين
ماتوا تحت التعذيب إلى عائلاتهم". وأضاف أن "الجيل الذي ظل في سوريا شاهد
الخوف والاضطهاد بطريقة تجعله غير قادر على الثورة مرة ثانية، والقبضة الأمنية قوية".
وعلق المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون: "تحولت غالبية (السوريين) إلى البؤس
والمعاناة". ولا تستطيع نسبة 60% من السكان الحصول على الطعام الكافي، وهناك
13% تعتمد في حياتها على المساعدات.
وتقلل تيرسكوف من إمكانية العودة إلى احتجاجات واسعة مهما
كانت معاناة العلويين وبقية السوريين و"كان النظام قادرا على الإظهار للسوريين
أنهم سيستلمون ويخضعون والجميع يعرف أن الوضع لا يحتمل لكن أحدا لا يقوم بعمل شيء".
ورغم انخفاض وتيرة العنف في سوريا إلا أن الرعب اليومي لم
يتوقف: "شاهدت طفلا مستلقيا إلى جانب سلة نفايات واعتقدت أنه ميت وحاولت تحريكه
وتبين أنه على قيد الحياة" كما يقول الكاتب الذي يعيش قرب دمشق.