نشر موقع "
دي سي نيوز" الروسي تقريرا تحدث فيه عن تغير موقف
المملكة العربية
السعودية من
إيران والأسباب التي تقف وراء إعلان ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان الشهر الماضي عن رغبة بلاده في تحسين
العلاقات مع إيران.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن تصريحات ابن سلمان شكّلت تغيّرا واضحا في خطاب المملكة التي دخلت منذ سنوات في صراع مع جماعة
الحوثي الموالية لإيران، ودعمت سياسة العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس الأمريكي
السابق دونالد ترامب ضد طهران.
وأوضح الموقع أن السياسة الأمريكية تجاه المملكة تغيرت منذ قدوم الرئيس
جو بايدن الذي أكد عدم نيته منح السعوديين تفويضًا مطلقًا، واختار في المقابل إحياء
المفاوضات مع الإيرانيين بهدف العودة إلى الاتفاق النووي، الأمر الذي من شأنه مساعدة
الحكومة الإيرانية على استعادة مليارات الأموال المجمدة.
ويرى المدير السابق لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ديفيد شينكر،
الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية في عهد ترامب، أن سعي حلفاء أمريكا الإقليميين إلى
التكيف مع سياسات الرئيس الحالي، من بين أهم الأسباب التي دفعت المملكة العربية السعودية
إلى محاولة تحسين العلاقات مع إيران، إلى جانب رغبة المملكة في الخروج من عزلتها والمحافظة
على الدعم الأمريكي.
ويعتقد مراقبون أن المساعي السعودية للتقارب مع طهران انطلقت قبل ذلك
بكثير، حيث كشفت مصادر دبلوماسية أمريكية أن السعوديين أجروا اتصالات سرية مع إيران
أواخر عام 2019 بعد الضربات الصاروخية التي استهدفت بنيتهم التحتية النفطية في أيلول/
سبتمبر من نفس السنة. وقد طلب ولي العهد السعودي من الرئيس ترامب التدخل آنذاك من أجل
الرد على الاعتداءات الإيرانية، غير أنه رفض الاستجابة، لتنطلق المفاوضات السرية بين
السعوديين والإيرانيين.
وفي كانون الثاني/ يناير 2020، وإثر اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني
بضربة جوية نفذتها واشنطن في بغداد، أرسل ترامب قوات أمريكية إضافية إلى المنطقة بهدف
احتواء إيران، لكن دون أن يدعم ذلك الموقف السعودي في مواجهة التهديدات الإيرانية.
وعلى عكس سياسة ترامب، فإن الإدارة الحالية تشجع على فتح قنوات التفاوض بين المملكة
وإيران.
ويرى شينكر أن هذه السياسة مشابهة للطريقة التي اتبعها العرب في التقارب
مع بشار الأسد في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. فعندما عقدت الولايات
المتحدة مؤتمر السلام الإقليمي العربي الإسرائيلي عام 2007، تراجع عدد من الدول العربية،
بما في ذلك المملكة العربية السعودية، عن سياسة عزل سوريا على خلفية دورها في اغتيال
رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005. وقد لجأت الدول العربية إلى سياسة
العزل ضد النظام السوري مرة أخرى بعد أحداث 2011.
وحسب الموقع، فإن علاقات إيران مع الدول العربية غالبا ما تتأثر بالسياسات
الأمريكية، وهو ما جعل حلفاء أمريكا يظهرون في الفترة الماضية استعدادهم للتقارب مع
إيران من أجل تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
ولعل ذلك ما يفسر قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي التي قررت
تطبيع علاقاتها مع إسرائيل في آب/ أغسطس من العام الماضي، بفتح قنوات الحوار مع إيران.
وفي حال التزمت إدارة بايدن بوعدها المتمثل في الانسحاب العسكري بشكل كامل من منطقة
الشرق الأوسط، يتعين على الدول العربية كسب المزيد من الأنظمة الصديقة وتضييق دائرة
الأعداء.
واعتبر الموقع أن هذا السيناريو يفرض على الإمارات العربية المتحدة
العمل بجد على الجبهة الدبلوماسية لتحقيق التوازن بين التقارب مع إسرائيل وتحسين العلاقات
مع النظام الإيراني.