نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية مقالا للمعلق في الصحيفة، روجر بويز، قال فيه إن رئيس النظام السوري بشار
الأسد يسير نحو الفوز في
الانتخابات الرئاسية، التي ستمنحه فترة رابعة تمتد لمدة سبعة أعوام أخرى حتى عام 2028.
وأوضح أنه لو أضفنا إلى سنوات بشار السنين الدموية لوالده حافظ الأسد، فستكون عائلة الأسد قد حكمت
سوريا مدة 57 عاما، مع أن الأسد من المفترض أن يكون الآن في زنزانة تابعة لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، وليس في قصره الرخامي على جبل قاسيون في دمشق، كما يقول الكاتب.
فقد تجاوز الأسد حربا أهلية استمرت لعقد، ودمر حلب، وأشرف على عملية تشريد 11 مليونا من شعبه، وقتل في ظل حكمه أكثر من نصف مليون سوري، وعذبت مخابراته وهددت الشعب السوري.
وقد أصدرت محكمة ألمانية حكما غير مسبوق على رجل من مخابراته بالسجن لمدة أربعة أعوام لتسهيله عمليات التعذيب، ولو استمر الأمر على هذه الوتيرة فلربما بدأ سجانو الأسد بالتحضير للهروب. لكن زعيمهم في وضع آمن الآن، ليس آمنا وحسب، بل يقوم بإعادة تكريس نفسه كزعيم لا يستغنى عنه في الشرق الأوسط.
ويقول المدافعون الاعتذاريون عنه، إنه استطاع الحفاظ على سوريا موحدة، وعبر عن استعداد للدفاع عنها ضد الأعداء، ولم يهرب عندما كان بإمكانه أن يجد مكانا يعيش فيه براحة وغنى.
وبعيدا عن جرائمه الفظيعة، كما يقول الكاتب، فقد أظهر أنه زعيم عاجز، ولم يستطع استعادة حقول النفط والقمح من الجماعات الكردية، بحيث أصبح الحصول على رغيف الخبز يحتاج للوقوف ساعات في الطوابير أمام المخابز. ووجدت العائلات نفسها وسط تكرار انقطاع التيار الكهربائي أمام خيار؛ إما شحن هواتفها النقالة أو إضاءة الحمام.
وأدت العقوبات الغربية وانهيار النظام المصرفي اللبناني الذي وضعت فيه العائلات السورية ودائعها المالية، وفي ظل انتشار وباء كورونا، لتراجع الاقتصاد وانهيار العملة السورية، مع أن معظم الضيق المعيشي تسببت به سوء الإدارة. وبات سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار في أدنى مستوياته. ويبلغ ما يحصل عليه الطبيب شهريا 50 دولارا، ويفكر عدد منهم بالهجرة إلى الصومال؛ لأن الحياة هناك أفضل، كما تضطر النساء لبيع شعورهن لتأمين لقمة العيش، وفق الكاتب.
ويعيش الأسد داخل فقاعة، ودعا في الفترة الأخيرة عددا من الصحافيين للاستماع منهم عن المزاج العام قبل الانتخابات، حيث حمّل مسؤولية الأوضاع على ما ينشر في منصات التواصل الاجتماعي والرأسمالية الجشعة. وعندما سُئل عما يجب عمله لمواجهة الضائقة المعيشية، اقترح أن تقوم برامج الطبخ بوقف بث حلقات تحتوي مكونات ليست متوفرة للناس.
وقال الكاتب إن من الواضح أن انتخابات الأسبوع المقبل ستكون مهزلة. وفي حملة انتخابية عقدت في مركز رياضي في آذار/ مارس، وحضرها مشايخ العشائر بدير الزور، تم التذكير بحرص نظام الأسد على الشعب. ورفعت بالمناسبة يافطة كتب عليها "الأسد خيارنا"، وحضرها قادة روس وزعماء مليشيات تدعمها إيران. ويصوت أبناء العشائر حسب رغبة زعمائها.
وقامت المحكمة العليا باستبعاد أي منافس حقيقي للأسد، وتقوم صحافة النظام بحملات إعلامية للأسد وأكثر من المعتاد، وتقوم الشرطة السرية باستخدام قانون الجرائم الإلكترونية لملاحقة المدونين.
ويقول بويز إن القمع هو جزء من محاولات الأسد للتمسك بالسلطة، وهناك الروس الذين يصرون على بقائه في السلطة وكذا الإيرانيون، وهناك بعض الدول العربية أيضا، والتي دعمت المعارضة في المراحل الأولى.
فقد ظهر مدير الاستخبارات
السعودية خالد بن علي احميدان في دمشق للحديث مع الأسد، وعبرت مصر والإمارات عن اهتمام بإعادة
العلاقات. وقيل للأسد الذي أخرج من الجامعة العربية عام 2012 إن عودته إليها ستكون محل ترحيب.
ويشير الكاتب إلى أن ما يجري من عملية لتثبيت نظام الأسد، حتى لو كان يعني هدوء المقابر، يعطيه فرصا جديدة في المنطقة لو كنت مستعدا لتجاهل يديه الملوثتين بالدم.
وتحتاج سوريا إلى 400 مليار دولار لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، في وقت دُمر فيه الاقتصاد، ولم يعد يستطيع الاعتماد على المعونات من روسيا وإيران، وكلتاهما تتعرض لعقوبات غربية، وليس هناك استعداد من أي منهما لوضع مبالغ ضخمة في سوريا. ولدى دول الخليج المال، وكل ما تريده من الأسد هو تخفيف علاقاته مع إيران، وربما كان هذا جزءا من الحوار مع الأسد.
ربما بالغ الأسد في قدرته الضعيفة على المساومة، أو حاول استخدام احترامه الجديد بإيجاد موطئ قدم له في لبنان، وستكون خطوة بعيدة حتى للذين يصفقون ويدعون لإعادة تأهيله. كل هذا يدعو للتساؤل: هل هناك حاجة لتبييض صورة جزار دمشق مقابل القضاء على دور إيران؟ يبدو أن هناك قرارات غير مريحة ستتخذ في الشرق الأوسط، بحسب الكاتب.
النص الأصلي للمقال