هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فاجأ وزير في حكومة الأسد السوريين بحديثه عن رقم "ضخم" لمبيعات العقارات في مناطق سيطرة النظام، في الوقت الذي تعاني فيه الشريحة الواسعة من السوريين من صعوبات بالغة في سبيل تأمين قوت يومها.
وبحسب وزير المالية التابع للنظام السوري، كنان ياغي، فقد تجاوز عدد العقارات التي تم بيعها في غضون أقل من شهر، حاجز الـ 1850 عقاراً، بقيمة بلغت حوالي 215 مليار ليرة سورية.
حديث وزير النظام، جاء في معرض الدفاع عن الانتقادات لـ"قانون البيوع العقاري"، الذي أصدره نظام الأسد هذا العام، من قبيل تسبب القانون بكساد وشلل عقاري، نتيجة الضرائب الكبيرة التي تستند إلى قيمة العقار الحقيقية.
وما إن جاء ياغي على ذكر هذه الأرقام، حتى بدأت التساؤلات عن الجهات التي تشتري العقارات بهذه الكثافة، وعن هويتها.
وفي هذا الصدد، أكد عضو "هيئة القانونيين السوريين"، المحامي عبد الناصر حوشان، أن المقصود بحديث ياغي مشروع إعمار جنوب دمشق، وأغلب المستثمرين فيه من إيران.
وأوضح لـ"عربي21"، أن سوق العقارات في سوريا بات حكرا على الشركات الإيرانية و"الشبيحة" الذين يعدون من الأثرياء الجدد الذين أفرزتهم الحرب.
وبحسب حوشان، فإن الخلافات على مشاريع الإعمار بين آل الأسد، وأقاربهم آل مخلوف، أدى في فترة إلى تجميد مشاريع الإعمار، وتحديداً بعد التضييق على "شركة شام القابضة" المملوكة لمخلوف، ويبدو أن الخلافات قد حسمت لصالح آل الأسد، وعادت مشاريع الإعمار من جديد.
اقرأ أيضا: ما سر "جنون" أسعار العقارات في سوريا رغم الركود الحاد؟
من جانبه، أكد الصحفي شمس الدين مطعون، من دمشق، أن معظم سكان ضواحي دمشق، وخصوصاً المناطق التي تعرضت للدمار، يبيعون عقاراتهم، لأنهم لا يمتلكون المال لصيانتها وإعادة إعمارها مجدداً.
وأضاف لـ"عربي21"، أما من هجر إلى الشمال السوري والشتات، فقد الأمل بعودة قريبة، لا سيما بعد مهزلة الانتخابات التي أجراها النظام الشهر الماضي، بحيث وجد هؤلاء أن العالم صمت على بقاء الأسد لولاية جديدة مدتها 7 سنوات، ولذلك أصبح التفكير بالاستقرار في المهجر فكرة واردة وتحتاج للكثير من المال.
وعن الشركات التي تشتري العقارات، قال مطعون: "في الغالب هم أشخاص من خارج المناطق التي تسجل حركة عقارية، وهم من تجار الحرب، لأن المستثمرين لا يجدون في السوق السورية عوامل جذب في هذه الظروف.
واستدرك مطعون: "تفيد المعلومات الواردة بأن الشركات الإيرانية هي من الزبائن، لا سيما أنها اعتمدت هذه السياسية قبل الثورة، وأنشأت مقامات دينية في مناطق ريف دمشق وأغرت سكان المنطقة بالبيع".
وفي هذا الإطار، لفت مطعون إلى زيارة الشخصيات الدينية الإيرانية لداريا بضواحي دمشق، مشيراً إلى الزيارة التي أجراها قائد لواء "الإمام الحسين" الشيعي، أمجد البهادلي، لمقام "السيدة سكينة" في مدينة داريا، عقب أقل من أسبوع على بدء اتفاق تفريغها من سكانها، في خريف العام 2016.
وقال: "عقب تهجير أهلها والمناطق الأخرى، تريد إيران التأكيد أن الشيعة هم السكان الجدد لهذه المناطق"، مختتما بقوله: "يتقاطع كل ذلك مع مصلحة النظام، الذي يري في السيطرة الإيرانية الشيعية على محيط دمشق حماية لنظامه".
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام، عن خبير عقاري، قوله عقب الجدل الذي فجرته الأرقام التي ذكرها الوزير، إن "الرقم الذي أعلن عنه وزير المالية، يشير بوضوح إلى ركود سوق العقارات في سوريا بعد إصدار قانون البيوع العقارية، بحيث كان حجم البيوع العقارية قبل إصدار القانون يصل إلى 2300 عملية بيع في اليوم الواحد، بينما الوزير يقول بأنه تم بيع 1850 عملية بيع في 23 يوما".
وكان النظام قد أقر في آذار/ مارس الماضي، قانون "ضريبة البيوع العقارية" الذي يعتمد على استيفاء الضريبة على العقارات المباعة بالاعتماد على قيمتها الرائجة، بدلا من القيمة المعتمدة في السجلات المالية.
ويضيف قانون البيوع العقارية ضريبة تصل نسبتها إلى 1 في المئة من قيمة العقار الحقيقية التي يباع بها.
ونص على تشكيل لجان مركزية رئيسية وفرعية لتحديد القيمة الرائجة للمتر المربع الواحد من العقار، واعتمادها لاقتطاع الضرائب على أي عملية بيع عقارية، دون الاعتراف بالقيم التي يتفق عليها البائع والمشتري.
ويحظر القانون على دوائر السجل العقاري وكتّاب العدل وكل جهة مخولة بتسجيل الحقوق العينية العقارية أن توثق أو تسجل أي حق عيني عقاري، ما لم يبرز أصحاب العلاقة براءة الذمة من الدوائر المالية ذات العلاقة، إلى جانب اشتراط إيداع 5 ملايين ليرة سورية لتوثيق عقد بيع العقار.