هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال معهد أمني إسرائيلي؛ إن الفشل المتكرر في ردع حماس على مر السنين، قد يتطلب إسقاط حكم حماس من خلال احتلال غزة.
ونشر معهد أبحاث القدس للاستراتيجية والأمن، مقالا للخبير الإسرائيلي عومر دوستروي، ترجمته "عربي21"، قال فيه؛ إنه "من الصواب لإسرائيل تبني نهج متدرج في التعامل مع التهديدات المختلفة التي تواجهها، بحيث تتعامل مع كل حلبة على حدة من الأخف وزنا إلى الأثقل، بهدف التركيز قدر الإمكان، في الوقت المناسب، على التهديد الأكثر خطورة الذي يواجهها، ويتمثل في برنامج إيران النووي.
وأضاف: "هناك سبب للاعتقاد بأن هذا التوجه يتطلب الانتقال أولا لسياسة حسم حماس، بهدف إسقاط حكمها، كخطوة نحو التالي".
وأضاف دوستروي: "التهديد الذي يشكله قطاع غزة ثانوي من حيث الأهمية، مقارنة بالتهديدات الأخرى كالجبهتين اللبنانية والإيرانية، لكن تسلح حماس المستمر، وفشل إسرائيل في ردعها على مر السنين، يزيدان من التهديد بمرور الوقت، وقد يتطور لتهديد له أهمية مماثلة للجبهة اللبنانية".
وأشار إلى أنه "في حرب متعددة الساحات، يتوقع أن تقاتل إسرائيل على ثلاث جبهات رئيسية: لبنان والجولان وغزة، كما أن الضربات الجوية باستخدام صواريخ بعيدة المدى أو عبوات ناسفة من العراق واليمن، يوفر أرضا خصبة للقواعد العسكرية الإيرانية، من خلال المليشيات العراقية والحوثيين في اليمن، وفي مثل هذا الوضع، قد تكون حماس عاملا مضاعفا للقوة لجهود إيران لإلحاق الضرر بإسرائيل".
وزعم أنه "بعد الإطاحة بحكم حماس في غزة، سيكون أمام إسرائيل خيار تعزيز سياسة الردع ضد حزب الله في لبنان، ثم التركيز حصريا على تهديد برنامج إيران النووي العسكري، ومن أجل تقليص التهديدات على إسرائيل، من الضروري أولا التركيز على تهديد حماس، والقضاء عليه، لأنه في العقود الأخيرة، أصبحت حماس قوة حكومية مهمة مسؤولة عن القطاع وسكانه، مما يجعلها معرضة للردع بسبب خوفها من فقدان سيطرتها".
وأشار إلى أن "حماس لا تزال تضع التسلح العسكري والأيديولوجية الإسلامية الراديكالية على رأس أولوياتها، وفي مثل هذا الواقع، قد تكون الضربة العسكرية الشديدة في غزة مشكلة بالنسبة له؛ لأنها ستضعفها عسكريا ومدنيا، رغم وجود صعوبة كبيرة في ردع حماس على المدى المتوسط والبعيد، بسبب ضعف حساسيتها تجاه أثمان المواجهة العسكرية مع إسرائيل في الآونة الأخيرة".
وأكد أن "هذا يعني أن إسرائيل يجب أن ترد على حماس بقوة نيران أكبر بكثير، ضد أهداف ذات جودة أعلى بكثير، وبكمية أكبر بكثير من الهجمات، على إطلاق أي صاروخ من غزة، وتطبيق هذه السياسة على نفخ البالونات الحارقة والطائرات الشراعية المتفجرة، أو إرسال النشطاء لأعمال العنف قرب السياج، وفي الوقت نفسه، الانتقال إلى استراتيجية أكثر هجومية، بالبدء بتنفيذ استراتيجية "المعركة بين الحروب" في غزة".
وطالب بألا "تسمح إسرائيل لحماس بالتعافي من تبعات الحرب، وعدم التطور عسكريا كما حدث سابقا بعد أي حرب، مع العلم أنه لا يُتوقع أن يكون تطبيق الجيش في غزة مماثلا لما يقوم به في الشمال، بسبب اختلاف الظروف الجيوسياسية بين الجبهات، لأنه سيكون خاليا نسبيا من القيود بسبب حريتها الجوية الحصرية، كما إن تنفيذ تلك الاستراتيجية بكثافة منخفضة، يسمح بتحويل القوات والموارد والوسائل من ساحة لأخرى".
وأكد أنه "على المدى الطويل، سيكون مطلوبا من إسرائيل الانتقال لسياسة تزيل أو تقلل بشكل شبه كامل من تهديد المنظمات الفلسطينية في الجبهة الجنوبية، على أن تشمل إسقاط حكم حماس من خلال احتلال غزة، بدلا من إضعافها فقط، وهذا التغيير في السياسة مرده إلى فشل التجربة الإسرائيلية مع "حماستان" في السنوات الـ15 الماضية، حيث جربت خيارات مختلفة دون جدوى".
وأشار إلى أن "إسرائيل حاولت ردع حماس عبر سلسلة من العمليات العسكرية كجزء من استراتيجية "جز العشب"، بهدف إلحاق الأذى بحماس، مع إبقائها في السلطة كهيئة ضعيفة نسبيا عسكريا، لكن هذه المحاولات لم تحقق سوى أهداف قصيرة المدى، ولم تضعف حماس فحسب، بل اشتدت عسكريا حتى أصبحت "جيشا نظاميا"، كما أسماها رئيس الأركان أفيف كوخافي".
وأضاف أن "إسرائيل حاولت مرارا احتواء حماس والتهدئة معها، من خلال صفقة تبادل أسرى، واتفاقات "الاسترخاء" والوصول لهدنة طويلة الأجل، وفي كل هذه المحاولات امتنعت حماس مرارا وتكرارا عن التقدم في تفاهمات طويلة المدى مع إسرائيل، والنتيجة أنها أصبحت قوة عسكرية مساوية لقوة حزب الله، والدخول في سلسلة من جولات القتال أو العمليات العسكرية كل عقد من الزمن".
وأوضح أن "خيارا ثالثا يتمثل بإنهاء حكم حماس بغزة، من خلال عمليات برية لقوات الجيش الإسرائيلي داخل القطاع، واحتلاله، وتقسيمه لمناطق سيطرة من أجل التطهير التدريجي والمستمر للسلاح، على أن تستمر العملية لعدة سنوات، دون نوايا الضم، أو السيطرة على غزة بصورة نهائية، على أن يواصل الجيش وجوده على الأرض لفترة محدودة من أجل الحفاظ على الوضع الأمني، واستقراره، وقطع أي احتمال لإقامة "حماستان" ثانية".
وزعم أن "السلوك العسكري الإسرائيلي يجب أن يشمل، في المقام الأول، الضربات الجوية والقضاء على قيادة المنظمات المسلحة، وبنيتها التحتية الأساسية، وفي حال عدم نجاح القوة الجوية وحدها، على إسرائيل إعادة احتلال قطاع غزة، ومن المرجح أن تكون مهمة إعادة احتلال القطاع أقل صعوبة بكثير من الاحتلال الأول، بسبب الضعف الشديد للتنظيمات الجديدة".
وأضاف أن "الاستراتيجية التدريجية تتطلب قبل كل شيء الإطاحة بحماس في غزة؛ لأن الحرب الأخيرة أظهرت، مثل العمليات الأخرى في غزة خلال العقدين الماضيين، أن قوة حماس لا يمكن تقليصها بشكل كبير من خلال الضربات الجوية وحدها، وبسبب عدم القدرة على إلحاق أضرار كبيرة بمراكز جاذبية العدو، فإن الردع الذي تحققه إسرائيل بعد العمليات العسكرية وجولات القتال في غزة محدود، ويتحقق على المدى القصير فقط".
وأشار إلى أنه "حين يقوم الجيش بضرب أهداف حماس بقوة نسبية، فإنها تظهر قدرات إعادة تأهيل عسكرية عالية ومستمرة وسريعة، والمحاولات الفاشلة لردع حماس تتطلب من إسرائيل تغيير سياسة الردع الخاصة بها تجاه غزة، والتحرك نحو إسقاط حكمها هناك، من خلال اختيار ظروف مواتية لها، ومبادرة هجومية وماكرة ومفاجئة، تتطلب ردودا أكثر قوة تستهدف أهدافا شديدة الحساسية لحماس، بما فيها اغتيال كبار مسؤوليها".