شن رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية "حمس" عبد الرزاق مقري، هجوما عنيفا على أصحاب النفوذ في الدولة الجزائرية منذ الاستقلال، وحملهم مسؤولية الفساد والاستبداد والتراجع الاقتصادي الذي يعصف بالجزائر.
واعتبر مقري في نص نشره في صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن الهيمنة والاستبداد والفوقية والأبوية وعقلية التحكم باستعمال أدوات الإكراه العظيمة التي تملكها الدولة، هي المسؤولة عن منع نهضة الجزائر لمدة ستة عقود من الاستقلال.
وأشار إلى أنه بسبب هذا النهج، فقد أضاعت الجزائر فرصا كثيرة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي والسياسي، وقال: "لقد كانت الفرصة الضائعة الأولى والأهم غداة الاستقلال حينما تغلبت قوة السلاح التي ملكتها قيادة الأركان باسم الثورة على الحكومة المؤقتة وقادة الداخل الذين كانوا يقودون الثورة، ثم إبعاد وتصفية كل شركاء السلاح بعد ذلك".
واعتبر مقّري أن الانقلاب عن انتخابات عام 1991 التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ هي الفرصة الثانية الأكبر التي أضاعها المتحكمون بدواليب الدولة الجزائرية للنهضة..
وتلتها فرص انتخابية أخرى في انتخابات 1995 والانتخابات التشريعية والمحلية سنة 1997 والانتخابات الرئاسية سنة 1999..
وقال: "بعد ذلك أصبحت كل الانتخابات من 2002 إلى 2017 مواعيد للمقاومة السياسية بالنسبة لبعض الجزائريين ومواعيد لإظهار الرفض بالمقاطعة بالنسبة للبعض الآخر".
وأكد مقّري، الذي جاء حزبه في المرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، أن "النتيجة الإجمالية لهذا العبث الطويل المتجدد هو تبديد ثروات البلد، وتقوية اقتصاد الاستعمار القديم، والفساد المعمم، وسيطرة عصابة لا تؤمن بالوطن رغم تشدقها بالوطنية".
وأضاف: "في ظل حكم هذه العصابة تأخرت الجزائر عن ركب التطور وتحولت من دولة ريعية وافرة المداخيل إلى دولة تطبع الأوراق النقدية دون رصيد من ذهب أو إنتاج لتبقي نظام الحكم مستمرا ولو على حساب مصير الدولة والمجتمع مستقبلا".
ورأى مقّري أن القائمين على أمر الجزائر ضيعوا الفرصة الأخيرة الأقوى والأبرز التي سمع بها وأشاد بها العالم بأسره، وهي فرصة الحراك الشعبي في 22 شباط (فبراير) 2019، والتي قال بأنها "استطاعت أن تفضح العصابة وتوقف استغوالها وأن تدخل جزءا منهم السجون، ولكن سرعان ما اتضح بأنها فرصة تتجه نحو الضياع مرة أخرى، رغم زخم ثورة الشارع السلمية العظيمة التي تجاوز المشاركون فيها الخمسة عشر مليون متظاهر صمدوا أكثر من سنة".
وأضاف: "لقد تم فعليا قتل هذه الفرصة إذ رجعت الجزائر إلى عهد التزوير الانتخابي وهيمنة القوى المتغلبة وشبكات الزبونية، ومرة أخرى تكون الضحية هي تطوير وتنمية البلد وتحسين معيشة المواطنين التي يطمع النظام السياسي أن يضفي بها على نفسه الشرعية المنقوصة التي بقي يعاني منها".
وأضاف: "لقد كانت الانتخابات التشريعية في 12 حزيران (يونيو) هي الفرصة الأخيرة المعبرة عن مرحلة ما بعد الحراك، ولكن للأسف الشديد كانت هي الضربة الأخيرة للقضاء على مشروع التوافق الوطني من أجل رؤية سياسية واقتصادية تنقذ ما يمكن إنقاذه"، على حد تعبيره.
واحتفلت الجزائر أمس الاثنين بالذكرى الـ59 لاستقلالها عن فرنسا، في ظل جدل آخذ في التصاعد عما إذا كانت الانتخابات التشريعية الأخيرة التي شهدتها البلاد في 12 من حزيران (يونيو) الجاري، والتي تصدر نتائجها حزب جبهة التحرير الوطني متبوعا بالمستقلين، قادرة على إقناع الشعب الجزائري بجدوى الإصلاح، أم إنها ستكون حافزا آخر لإعادة الحراك الشعبي إلى الشارع مرة أخرى.