هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر وزير الزراعة اللبناني عباس مرتضى، من موجة جوع شديدة قد تضرب جميع السكان بسبب الأوضاع المزرية التي تعيشها البلاد، مشددا على أهمية عودة التصدير إلى السعودية، مع وضع ضمانات مشددة لمنع التهريب خلال عمليات التصدير واستغلالها.
وقال الوزير اللبناني في مقابلة مع وكالة الأناضول، إن تسارع الانهيار الاقتصادي والمالي في لبنان "ينذر بموجة جوع قد تضرب جميع السكان".
ولفت مرتضى إلى أن الواقع الاقتصادي الصعب فرض على اللبنانيين التوجه نحو الزراعة، مشيرا إلى أن صادرات لبنان الزراعية سجلت 720 مليون دولار عام 2020.
ودخل القطاع الزراعي والأمن الغذائي في لبنان، دوامتي الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انهيار العملة المحلية أمام الدولار، وقيود من بعض الدول على وارداتها الزراعية من السوق اللبنانية.
وأضاف مرتضى أن "تخوفا يكبر يوماً بعد آخر في ظل انعدام أية بوادر لحل الأزمتين الاقتصادية والسياسية في البلاد".
وبسبب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ الربع الأخير 2019، فرض على اللبنانيين التوجه نحو الزراعة أكثر لمواجهة الجوع الذي يطرق أبوابهم منذ نحو عام.
يأتي ذلك، بينما فقدت العملة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها منذ 2020، لتنزل عن مستوى مهم وتسجل سعرا متدنيا جديدا مقابل الدولار عند 17.8 ألف ليرة لكل دولار في السوق الموازية مقابل 1510 في السوق الرسمية.
وحذر مرتضى من عدم وقف تدهور قيمة العملة المحلية (الليرة)، "لأن هذا الاستمرار في انهيارها يجعل كلفة الإنتاج المحلي مرتفعة، وقد يدفع الناس للانكفاء عن الزراعة".
وقال إن "تراجع العملة المحلية مقابل الدولار، يضعف عملية استيراد الأصناف الزراعية غير المتوافرة في لبنان، وعلى الحكومة وضع خطة عاجلة لوقف انهيار الليرة حتى لا ينجرف لبنان إلى أزمة جوع شديدة".
اقرأ أيضا: دياب يحذر: لبنان ينهار وتداعيات الكارثة ستمتد خارجه
ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن لبنان يستورد 85 بالمئة من احتياجاته الغذائية، مشيرا إلى أن 50 بالمئة من اللبنانيين يشعرون بالقلق من عدم قدرتهم على توفير الغذاء.
وفي آب/ أغسطس الماضي، أظهرت دراسة صادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا "إسكوا"، عن تضاعف نسبة الفقراء من سكان لبنان.
ووصلت نسبة الفقر في البلاد إلى 55 بالمئة عام 2020، بعد أن كانت 28 بالمئة في 2019، فضلا عن ارتفاع نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع بـ3 أضعاف من 8 إلى 23 بالمئة خلال الفترة نفسها.
ولفت إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، يجعل المزارعين يفضلون تصدير منتجاتهم إلى الخارج مقابل العملات الأجنبية الصعبة، بدلاً من بيعها في السوق اللبنانية.
وأشار إلى أن "صادرات الزراعة تصل إلى الصين وأوروبا والدول العربية، إلا أن 25 بالمئة من الصادرات توقف بسبب قرار الرياض بمنع دخول الصادرات اللبنانية".
وفي نيسان/ أبريل الماضي، منعت السعودية دخول الخضراوات والفاكهة اللبنانية إلى أراضيها أو عبرها، بسبب "استغلالها في تهريب مواد مخدّرة إلى المملكة".
وسيبقى القرار السعودي نافذا "إلى حين تقديم السلطات اللبنانية المعنية ضمانات كافية وموثوقة لاتخاذها الإجراءات اللازمة لإيقاف عمليات التهريب الممنهجة ضد المملكة"، وفق بيان حينها لوزارة الداخلية السعودية.
وكان لبنان يصدر 25 بالمئة من إنتاجه الزراعي إلى السعودية، كما أنه كان يمر عبرها 44 بالمئة من المنتجات الزراعية اللبنانية إلى دول الخليج الأخرى، قبل إعلان حظر ذلك.
اضرابات وانقطاع كهرباء وفقدان للوقود
ودخلت البلاد، الجمعة الماضي، في إضراب شامل ومفتوح للصيدليات، وسط مخاوف واستغاثات شعبية من حدوث كارثة صحية بسبب عدم توفر الدواء في جميع أنحاء البلاد.
وأفادت صحف محلية، بأن الصيدليات أغلقت أبوابها الجمعة على الأراضي اللبنانية كافة، حتى إشعار آخر، إلى حين إصدار وزارة الصحة لوائح الأدوية وتصنيفها بحسب الاتفاق مع المصرف المركزي.
اقرأ أيضا: طلب لبناني للسعودية لإعادة النظر بقرار حظر منتجاته
والخميس، أعلن تجمع أصحاب الصيدليات في لبنان، في بيان، عن الدخول في إضراب عام مفتوح بعد تفاقم أزمة فقدان الأدوية من الصيدليات.
ويشهد محيط محطات الوقود في لبنان، وخاصة العاصمة بيروت، توترا مستمرا، يصل في بعض الأحيان إلى حد وقع اشتباكات بالأيدي وإطلاق أعيرة نارية في الهواء، وسط أزمة خانقة.
وكان لافتا، السبت، نشر سفيرة كندا لدى بيروت، شانتال تشاستيناي، صورة من داخل سيارتها، أثناء وقوفها في طابور الانتظار خلف إحدى محطات الوقود.
وأرفقت تشاستيناي، الصورة بتعليق عن صعوبة الحصول على الوقود، حيث قالت: "محطة وقود أخيرا في الأفق! الانتظار في الطابور بصبر مثل الجميع"، وأضافت في تعليقها: "ماذا تفعلون صباح السبت الجميل؟".
وفي 6 تموز/ يوليو الماضي، حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال بلبنان حسان دياب، من أن بلده وشعبه يتجهان نحو الانهيار غير المسبوق.
وقال خلال استقباله سفراء عدة دول، إن لبنان وشعبه على شفير كارثة، محذرا من أن صدى تداعياتها سيصل إلى دول قريبة وبعيدة، وتابع: "لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان".
وحول ربط المساعدات بضرورة إصلاح الوضع السياسي، قال دياب: "سمعنا الكثير من الدعوات المتكررة عن ربط مساعدة لبنان بإجراء إصلاحات. نعم، لبنان يحتاج إلى إصلاحات مالية وإدارية. ولقد اتخذت الحكومة، قبل استقالتها، قرارات عديدة ووضعت خطة متكاملة للتعافي تتضمن إصلاحات مالية واقتصادية".
وأضاف: "أنا أدعو العالم لإنقاذ لبنان، وأناشد الأشقاء والأصدقاء أن يقفوا إلى جانب اللبنانيين. ولأن القاعدة الشرعية تقول ’لا تزر وازرة وزر أخرى‘، أدعو إلى عدم محاسبة الشعب اللبناني على ارتكابات الفاسدين".
وقال إنه "لا يحق لهذه الحكومة استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتطبيق خطة التعافي التي وضعتها الحكومة، لأن ذلك يرتّب التزامات على الحكومة المقبلة قد لا تتبناها".
وأضاف: "أصبح ربط مساعدة لبنان بتشكيل الحكومة يشكل خطرا على حياة اللبنانيين وعلى الكيان اللبناني، لأن الضغوط التي تُمارس والحصار المطبق على لبنان لا يؤثر على الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمناً باهظا يهدد حياته ومستقبله كما يهدد لبنان كنموذج ورسالة في العالم".
نقص الوقود يدفع إلى الهاوية
من جهتها قالت صحيفة الفاينانشال تايمز في تقرير حمل عنوان "نقص الوقود يدفع بلبنان إلى حافة الهاوية"، إن الرحلة التي كانت يجب أن تستغرق أقل من ساعتين في البلاد، أصبحت تستغرق خمس ساعات وذلك بسبب الزحام والفوضى ونقص الوقود، "مما جعل الحياة في لبنان الصغير أكثر قلقا من أي وقت مضى".
وقال التقرير إنه مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، "اعتدنا على فوضى إشارات المرور المظلمة والشوارع غير المضاءة"، وأصبحت الآن "قوائم الانتظار اللامتناهية لملء السيارات بالوقود سمة جديدة لطرق لبنان - إلى جانب الأعصاب المتوترة والمشاجرات وإطلاق النار المتقطع".
ونقلت المراسلة عن أحد مديري شركة وقود قوله إن 25 الى 30 في المئة من قوته العاملة والذين غالبا ما يكونون من العمال المهاجرين ويتعرضون للإساءة بسبب غضب السائقين المحبطين، قد استقالوا، بعد أن اقتنعوا بأن راتبا شهريا يعادل 76 دولارا لا يستحق كل تلك الإساءات اللفظية والجسدية.
وتشير الصحيفة إلى أن الانتظار لتزويد السيارات بالوقود يستغرق ساعة على الأقل، إلا أن بعضهم لجأ إلى تكتيكات متطرفة، إذ قال أحد سائقي سيارات الأجرة للفايناشنال تايمز إنه يقف في طوابير الوقود من الساعة 4 صباحا للوصول إلى المحطة التي تفتح عند الساعة 7:30. فيما يقود أحد الأشخاص الآخرين مسافة 20 كيلو متر إلى محطة لأحد معارفه ليزود سيارته بالوقود.
وقالت مراسلة الصحيفة كلوي كورنيش: "للبقاء على قيد الحياة في دولة فاشلة، من المفيد أن تكون لديك علاقات وصداقات، أو أن تكون صبورا للغاية أو غنيا: إذ يمكن للأثرياء أن يدفعوا مبلغا إضافيا مقابل توصيل الوقود إليهم أو إرسال سائقين"، وفي الأسابيع الأخيرة، بدأت الحكومة المؤقتة في رفع أسعار الوقود، تمهيدا لرفع الدعم المكلف.
ولكن لأن الوقود لا يزال مدعوما، يُهرب كثير منه إلى سوريا المجاورة، التي تعاني أيضا من نقص. ويزخر أصحاب المضخات بالمزيد، على أمل جني الأرباح عندما ترتفع الأسعار.
ولا يزال المزيد عالقا في الناقلات، في انتظار الدولارات من البنك المركزي المدعوم قبل أن يتم تفريغ حمولتها.
وقامت المراسلة بـــ"رحلة طويلة" في عدة مناطق للبحث عن الوقود وملء سيارتها ولم تنجح في جبيل سوى بملء نصف السيارة وحصل إطلاق نار أمام محطة وقود في طرابلس، فيما كانت عدة محطات في عكار مقفلة، وانتهى بها الأمر بشراء الوقود من شاب حصل عليها بغالون بلاستيكي.