هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تؤكد مقابلة قديمة للرئيس التونسي، قيس سعيد، أثناء ترشحه للمنصب، وجود نية مسبقة لديه للانقلاب على الدستور، ما يظهر أن إجراءاته الأخيرة لا تتعلق بأداء البرلمان الحالي، أو بالمسارات التي اتخذتها حكومة هشام المشيشي قبل إقالته.
وتشير الأجندة السياسية لسعيد، حسب محلل تونسي تحدث لـ"عربي21"، إلى أنه تعمد التسبب بمنع تشكيل المحكمة الدستورية، و"تعطيل دواليب الدولة" للوصول إلى حالة من الانسداد السياسي، تمنحه المبرر لاستخدام الفصل 80 من الدستور للانقلاب على المنظومة السياسية، وهو ما حصل فعلا في 25 تموز/ يوليو الماضي.
وأعلن سعيد في المقابلة المنشورة في جريدة "الشارع المغربي" بتاريخ 12 تموز/ يوليو 2019، أنه يسعى لإلغاء الانتخابات البرلمانية، واعتماد آلية "لتصعيد نواب للبرلمان من المجالس المحلية بالقرعة"، مؤكدا أنه سيحارب دعم الجمعيات سواء من الداخل أو الخارج، ما يعني أنه يريد تعطيل مؤسسات المجتمع المدني الضرورية لأية ديمقراطية، فيما ستؤول الأحزاب للتلاشي بفعل الدستور الجديد، حسب تصوره.
وقال سعيد في المقابلة المذكورة إن برنامجه الانتخابي يقوم على "فكر سياسي جديد يترجمه نص دستوري بالفعل جديد"، مضيفا أنه يقترح إنشاء مجالس محلية في كل معتمدية وعددها 265 بحساب نائب في كل معتمدية ويتم الاقتراع بالأغلبية على الأفراد، على أن يتم بعد ذلك الاختيار بالقرعة على من سيتولى تمثيل المجلس المحلي في المستوى الجهوي.
اقرأ أيضا: MEE: "سعيّد" أبدى نزعة سلطوية منذ البداية.. لماذا الدهشة؟
وأكد سعيد أنه سيلغي الانتخابات البرلمانية المباشرة، وأن أعضاء البرلمان الذين يقترح أن يكون عددهم 265 سيتم تصعيدهم من "المجالس المحلية الى الجهوية ثم الى البرلمان، وأن الانتخابات ستقتصر على الرئاسة والمحليات.
واعتبر سعيد في المقابلة المشار إليها أن "رؤيته" قابلة للتنفيذ "حتى ترتقي إرادة الأمة إلى مستوى أمانيها"، مضيفا أن "عهد الأحزاب انتهى" وأن "مآلها الاندثار.. مرحلة وانتهت في التاريخ".
وتابع بأنه "بعد الثورة التي وصلت على مستوى وسائل التواصل والتكنولوجيات الحديثة (فإن الأحزاب) صارت على هامش الدنيا.. في حالة احتضار.. ربما يطول الاحتضار لكن بالتأكيد بعد سنوات قليلة سينتهي دورها"، مستدركا بالقول إنه لن يلغي الأحزاب ولكنها ستندثر وحدها.
وزعم سعيد في حديثه السابق لجريدة "الشارع المغاربي" بأنه يمتلك مشروعا "لإيقاف دعم كل الجمعيات سواء من الداخل أو من الخارج لأنها مطية للتدخل في شؤوننا"، حسب قوله.
اقرأ أيضا: هكذا تعطل إرساء محكمة دستورية في تونس منذ 2014
وقال سعيد إنه لم تكن له مواقف ثورية في زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، مبررا ذلك بأن لا أحد من الأساتذة الجامعيين كانت لديه مواقف، وأن إمكانية نشر الآراء المعارضة كانت معدومة، رغم أن عددا كبيرا من التيارات والشخصيات السياسية كانت لها مواقف معارضة لنظام بن علي ودفعت بسبب ذلك أثمانا باهظة.
وعلق محلل تونسي طلب من "عربي21" عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأوضاع في بلاده بعد الانقلاب، بالقول إن أجندة قيس سعيد تكشف عن نية مبيّتة للانقلاب على الدستور، وهو ما يفسر بحسب قوله مسار سعيّد منذ انتخابه، حيث سعى لتعطيل البرلمان، ومنع دواليب الدولة من العمل، ورفض قانون تشكيل المحكمة الدستورية، ليجهز الأرضية الشعبية والقانونية لقبول استخدام الفصل 80 من الدستور للانقلاب على المؤسسات الدستورية والمنتخبة.
وأضاف المحلل التونسي أن "رؤية سعيّد" شعبوية وغير قابلة للنجاح، لأن آليات انتخاب البرلمان عبر القرعة والتصعيد تحول مجلس الشعب من مؤسسة تنتخب بناء على البرامج الانتخابية للأحزاب إلى مؤسسة هلامية تنتجها مجالس محلية تنتخب عادة على أسس "جهوية" وليس برامجية وطنية.
وشبه المحلل التونسي النظام الذي يسعى سعيّد لتطبيقه بنظام "اللجان الشعبية" الذي حكم القذافي من خلاله ليبيا لأكثر من أربعة عقود، والذي أدى إلى بناء دولة فاشلة لا تعرف آليات انتخاب ممثلي الشعب فيها، ولا تتحقق فيها متطلبات المحاسبة الشعبية لممثلي الأمة على أدائهم السياسي، والتي تتم عادة من خلال القضاء أوالعقاب عبر الانتخابات البرلمانية المباشرة للنواب بناء على منجزاتهم في مجلس الشعب.