هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
صدر حديثا عن دار الأهلية للنشر في عمان كتاب "صنعة العربية.. من التنزيل إلى التأليف"، للناقد والشاعر اللبناني شربل داغر.
جاء في كلمة الغلاف: "لم ينقطع الدارسون عن درس القرآن، في الأزمنة القديمة أو الحديثة، من العرب والمسلمين كما من الأجانب. بل إن القرآن يبدو في جوانب من مدونته، صالحًا للدرس أكثر من غيره من الكتب الدينية المكرَّسة. وما قد يشكو منه بعض المسلمين من "إضاءة مزيدة" على كيان القرآن، لا يعود بالضرورة إلى تقليد "تشكيكي" به، أوروبي قديم، واستشراقي متأخر خصوصًا، وإنما قد يعود –في بعضه على الأقل– إلى توافر مدونة واسعة عن القرآن، وقابلة بالتالي للتفقد والفحص والدرس.
وأضاف الكاتب عبر كلمته: "ليس غرض هذا الكتاب البحثَ في تاريخ القرآن، وإنما في مسألة قلّما أولاها الدارسون القدامى، ولا سيما المحدثون، غايتهم: أهلية المدونين في تدوين القرآن، أهلية العربية، أو مدى توافر الأحكام والأدوات في ضبط ألفاظها وصيغها.
ويشير الكاتب إلى أن "تحقق الدرس من أن مشاكل الوحي-الكتاب، ومشاكل التدوين، واختلاف الصيغ، قد تتأتى، في جوانب كبيرة منها، من نواقص في كفاءة الكَتَبة؛ وقد تتأتى من عدم تبلور أحكام ناظمة وموحدة لمثول العربية التدويني، وللقراءة فيها.
ويؤكد أن "القرآن حدث هائل في حياة العرب، من دون أن تتوافر للقوة الإسلامية الدينية-السياسية، في تشكلها الأول، قوةٌ لغوية بالضرورة (في جماعات "أمّيّة"، في عدم تَمكُّنها من الكتابة)، أو كفاءة (أو "جدارة") مناسبة وضابطة لها.
اعتمد الكاتب في بحثه، على مكتبة واسعة (بأكثر من لغة) من المصادر والمراجع، لكي يقوم بمساءلة المدونة العربية (في النزول، في جمع القرآن، في التجاذبات اللغوية حوله، في التفسيرات حول "واحدية" القرآن و"تكاثر" العربية) عن أسباب قيامها، عن تشكلاتها ونزاعاتها ومعضلاتها.
ويطمح الكتاب إلى التعامل مع هذه المدونة (التي تجمع ما "وصلَ" إلينا من دون أن يكون سليما أو تاما بالضرورة) تعاملًا تفكّريًّا فيما فكرتْ فيه، وكيف فكرتْ فيه، وما انتهتْ إليه، من دون أن تُنهيه بالضرورة: إن مصاعب العربية الحالية تكمن في "تراكمٍ متراكِم" من التجاذب بين عربية "قديمة" نزاعية بين المتعالي والقَبَلي، وبين عربية زمنية، عامية وفصيحة، في عهدة "بيئات" لغوية متفاعلة ومتباينة. وينتهي الكتاب إلى السؤال الصعب والملح: متى إصلاح العربية؟