طرح افتراضي ومستحيل واقعا، لكن جدلا لو حدث، هل تهدأ السلطة العسكرية والأنظمة المستبدة الملكية والأميرية والجمهورية ومعهم ما يسمى بالنخب العلمانية والليبرالية واليسارية وغيرهم، ومن خلفهم الرعاة الإقليميون والدوليون وبالتبعية الأجهزة والمؤسسات الوظيفية التابعة والنافذة؟
مطالبة البعض بحل "النهضة" والإخوان وغيرهما من الحركات الإسلامية قد يكون بدافع الإشفاق عليهم من المكائد والمؤامرات والمحن والابتلاءات، أو إنهاء لمظاهر الضعف والإخفاق والشقاق، أو غير ذلك من الرؤى والمبررات.
"أوهام"
يرى البعض لو كان ذلك لكان الفراغ في الطرف المعارض والخصم المعاند وبالتالي كانت التداعيات والنتائج في عدة مجالات على الأشخاص والمؤسسات والتيار الإسلامي نفسه، منها:
ـ تسريح طوابير من الإعلاميين والساسة والمخبرين لانتهاء أدوارهم الوظيفية في الدفاع والتبرير والتهويل والتضخيم في النظام وإنجازاته العملاقة وعلى الطرف الآخر التشويه والتشكيك والاتهام والتخوين.
ـ تحييد المؤسسات التي يتم توظيفها في الصراع القائم منها البرلمان المتخصص في سن القوانين الخادمة وكذلك القضاء الذي تحول لأداة قاطعة لا عدلا منصفا.
ـ توفير المليارات من الميزانيات المرصودة للأجهزة الأمنية بصفة خاصة والقضاء والإعلام وغير ذلك.
ـ عموم أجواء من الهدوء والاستقرار داخل مؤسسات الدولة المستنفرة دائما كأدوات يوظفها النظام ضد الخصوم والفرقاء.
ـ عودة الحياة السياسية وفقا لقواعد اللعبة الاستبدادية بالسماح بهامش من الممارسة والحريات وهكذا.
ـ تجنيب التيار الإسلامي خاصة الإخوان الظلم والاعتقال والتعذيب والمصادرة والفصل الوظيفي من المؤسسات والهيئات الحكومية وغير ذلك.
ـ انعكاس كل ما سبق على الحياة العامة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية وغير ذلك وتحقق عوائد التنمية والتطوير.
"حقائق"
ـ التصور السابق ليس بجديد وقد طرح مرارا وتكرارا وهو تصور مليء بالأخطاء العلمية والعملية والحقوقية والإنسانية بل والشرعية أقلها حرمان فصيل وطني من حقوقه الدستورية وأعلاها حرمان تيار إسلامي من ممارسة واجباته الشرعية وبينها حرمان الشعوب من خدمات كفاءات وقيادات شعبية.
ـ التصور السابق لجهة واقع "الحذف والإقصاء" لم يتحقق أي من التداعيات المنشودة.. ففي
مصر، واقعا لا وجود للإخوان ولا غيرهم فهم بين السجون والمنافي والمراقبات الشرطية والمتابعات الأمنية، ومع ذلك، المزيد من السيطرة العسكرية على كل مجالات الدنيا والدين معا، الاقتصاد والبرلمان والقضاء والإعلام حتى الأزهر ودار الإفتاء والكنيسة.
ـ انهيار الحياة السياسية فلا أحزاب ولا نقابات ولا جمعيات ولا جماعات ولا انتخابات نزيهة في المدارس والنقابات.
ـ زيادة الضرائب والرسوم والجباية والديون بصورة تعوق حاضر مصر وتهدد مستقبلها وارتفاع نسب الفقر والبطالة والتضخم.
ـ استمرار الاعتقالات لكل ألوان الطيف السياسي وتكميم الأفواه وزيادة الانتهاكات وزيادة بناء السجون بنسبة تجاوزت الـ 100%.
ـ فقدان مصر القيادة والريادة وأصبحت كيانا هزيلا تابعا لمليارات الخليج بعدما كانت رائدة الجميع.
الخلاصة، فكرة حذف طرف من المشهد إرضاءً لطرف أو توسعة له أو تجنبا لمظالم ومخالفات وانتهاكات طرف آخر هي فكرة غير قيمية ولاقانونية ولاإنسانية، وعلى أصحاب الحقوق التمسك بها والنضال من أجلها وتحمل مسؤوليات ذلك، هكذا هو قانون الحياة لا شرعة الموت.