رغم انتهاء
الانتخابات البرلمانيّة
العراقيّة التي جرت في العاشر من هذا الشهر (تشرين الأوّل/ أكتوبر 2021)، إلا أنّ
صفحة المنافسة الانتخابيّة لم تطو، والنتائج لم تحسم بشكل واضح حتّى الساعة.
تواجه مفوّضيّة الانتخابات عشرات الاعتراضات
والاتّهامات بالتزوير والتلاعب بالنتائج، رغم محاولات الحكومة الاعتماد على
البطاقة البيومتريّة في التصويت، والتي يُقال بأنّها صُمّمت للحيلولة دون
تزوير
الأصوات!
وخلال كافّة مراحل العمليّة الانتخابيّة
كانت مفوّضيّة الانتخابات مربكة جدا، وبالذات في مؤتمرها الصحفيّ، يوم الاثنين
الماضي، حيث لم تُعلن النتائج للجمهور، وطلبت من العراقيّين متابعة موقعها الالكترونيّ
(المغلق ساعتها)، وهذه آليّة غريبة، ولم تحدث في كلّ التجارب الانتخابيّة الماضية!
تواجه مفوّضيّة الانتخابات عشرات الاعتراضات والاتّهامات بالتزوير والتلاعب بالنتائج، رغم محاولات الحكومة الاعتماد على البطاقة البيومتريّة في التصويت، والتي يُقال بأنّها صُمّمت للحيلولة دون تزوير الأصوات!
وقد امتازت الانتخابات البرلمانيّة بعزوف
شعبيّ أكّدته رئيسة بعثة الإتّحاد الأوروبّي للعراق "فيولا كرامون"، والتي
بيّنت أنّ "إقبال الناخبين ضعيف"! ومع ذلك قالت مفوّضيّة الانتخابات إنّ
تسعة ملايين مواطن شاركوا في التصويت من مجموع أكثر من 25 مليون عراقيّ!
وبعد ساعات من التسريبات الأوّليّة للنتائج
أكّد تحالف مقتدى الصدر بأنّهم حصلوا على عشرات الأصوات، وكأنّهم يريدون فرض سياسة
الأمر الواقع على الجميع!
وأظهرت النتائج الأوّليّة حصول الصدر
على 73 مقعدا، فيما حصد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي على 38 مقعدا، وتحالف نوري
المالكي على 37 مقعداً!
وكانت كتلة الفتح بزعامة هادي العامري،
زعيم منظّمة بدر، أكبر المتضرّرين من النتائج المفاجئة، حيث كانت تمتلك 48 مقعدا في
البرلمان السابق، وحصلت الآن على 18 مقعدا فقط، فيما حصل كلّ من عمار الحكيم وحيدر
العبادي على خمسة مقاعد لتحالفهما (قوى الدولة)، وقد كانت مقاعدهما تتجاوز 60
مقعداً!
بعد ساعات من التسريبات الأوّليّة للنتائج أكّد تحالف مقتدى الصدر بأنّهم حصلوا على عشرات الأصوات، وكأنّهم يريدون فرض سياسة الأمر الواقع على الجميع!
عدم التطابق بين ما أعلنته المفوّضيّة
وقراءة أشرطة التصويت في بعض المحطّات الانتخابيّة؛ دفع الإطار التنسيقيّ (الشيعيّ)
لعقد اجتماع طارئ ليلة الثلاثاء الماضي، وأعلن رفضهم وطعنهم بالنتائج، وأنّهم سيتخذون
جميع الإجراءات لمنع التلاعب بأصوات الناخبين، وبأنّ "لديهم أدلة تثبت أنّ
لديهم عددا من الأصوات يؤهلهم للفوز"!
وبعد أقلّ من 24 ساعة اجتمع (زعماء
الإطار) ثانية، وأكّدوا رفضهم لنتائج الانتخابات رغم حصولهم على مقاعد جديدة!
ومع إضافة مقاعد جديدة للعامري والمالكي
وغيرهما، لا ندري أين هي أصوات الشعب إن هم ذهبوا لسياسة الترضية والتسوية
والتوافق؟
وفي ليلة الثلاثاء الماضي أكّد رئيس
الوزراء الأسبق حيدر العبادي في تغريدة له أنّ "عدم مصداقيّة إعلان النتائج أضعفت
الثقة بالانتخابات. والعاقل من يصحّح قبل موعد الصبح"! وهذا تأكيد للتزوير،
وتحذير علنيّ من احتماليّة انزلاق البلاد نحو الفوضى!
الضغوطات الشيعيّة المتنوّعة دفعت الصدر
للتراجع وقبوله بإمكانيّة سحب بعض مقاعده (الكتلة الأكبر)!
إنّ التراخي أو التراجع الصدريّ يؤكّد
وقوع تزوير من أطراف اكتُشف أمرها، ولهذا هم يحاولون لملمة الموضوع بدون ضجّة
داخليّة أو خارجيّة!
الضغوطات السياسيّة والعسكريّة
والإعلاميّة، وكذلك التّهديدات (القانونيّة وبالأدلة القاطعة) أحرجت مفوّضيّة
الانتخابات والحكومة والقوى الفائزة، ممّا دفع المفوّضيّة لسحب نتائج الانتخابات
من موقعها الرسميّ مساء الثلاثاء الماضي، والتأكيد، بعد 24 ساعة، بأنّ النتائج
المعلنة هي نتائج أوّليّة وقابلة للتغيير، وهنالك أكثر من 3681 محطّة "محجورة"
لم تنجز عمليّات العدّ والفرز فيها!
الضغوطات السياسيّة والعسكريّة والإعلاميّة، وكذلك التّهديدات (القانونيّة وبالأدلة القاطعة) أحرجت مفوّضيّة الانتخابات والحكومة والقوى الفائزة، ممّا دفع المفوّضيّة لسحب نتائج الانتخابات من موقعها الرسميّ مساء الثلاثاء الماضي، والتأكيد، بعد 24 ساعة، بأنّ النتائج المعلنة هي نتائج أوّليّة وقابلة للتغيير
ولا ندري ماذا تقصد المفوّضيّة بعبارة محطّات
"محجورة"؟
وجميع هذه التصريحات والربكة الإداريّة
أدلة قاطعة على حدوث التزوير من الشركاء "الكبار" في المشهد السياسيّ
بعد العام 2003!
وعليه، وبالذات مع تسريبات بوجود ضغوطات
خارجيّة دينيّة وسياسيّة، ربّما ستذهب القوى الفاعلة إلى سياسة الترضية والتسوية
والتوافق كما فعلوا في الحكومات السابقة!
وبعيدا عن المناحرات المُؤكّدة لحدوث
تزوير منظّم، وبغض النظر عن شكل الحكومة المقبلة والكتلة الأكبر، أتصوّر أنّ
الإشكاليّة الآن تتمثّل في كيفيّة خروج البلاد من هذا المأزق القانونيّ والانتخابيّ
والأخلاقيّ، والمتمثّل باعتراف الشركاء ضدّ بعضهم البعض بحدوث تزوير كبير في
الانتخابات!
إنّ هذه الانتخابات هي أكبر فضيحة
انتخابيّة في التاريخ العراقيّ، ولهذا يتوجب على المجتمع الدوليّ التدخّل العاجل لتصحيح
المسار الخاطئ القائم الآن، وترتيب أوراق البيت العراقيّ قبل أن تنجرِف البلاد نحو
هاوية الحرب المليشياويّة- المليشياويّة، والتي لن تتوقّف نيرانها عند حدود
العراق!
الغد العراقيّ غامض ومخيف، ولا ندري هل
سنكون على أعتاب مرحلة سياسية مربكة جديدة، أم أمام متاهات دمويّة، قاتلة ساحقة؟
twitter.com/dr_jasemj67