هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد مركز بحثي إسرائيلي، أن ما وصفها بـ"الانعطافة" المتحققة في سياسة المملكة الأردنية الهاشمية، وتطور علاقاتها الإقليمية، تثير القلق لدى تل أبيب.
وأوضح "مركز بحوث الأمن
القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي
أعده عوديد عيران، أن تقرير البنك الدولي الصادر في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، تناول
تردي وضع الأردن الاقتصادي، والدين الحكومي بالنسبة للناتج المحلي الخام، الذي سيصل
نهاية 2021 إلى 109 في المئة وفي 2023 إلى 115.2 في المئة، وهذا "عال ومقلق، يجعل
من الصعب على الحكومة الأردنية الاقتراض".
المملكة في خطر
وتوقع التقرير الدولي، أنه "مع
ارتفاع أسعار الطاقة مؤخرا، واحتمال استمرار هذا الارتفاع، وفي حال واصلت الحكومة دعم
أسعار الطاقة للمنتجين وللمواطن البسيط، سيتضخم جدا الدين القومي للأردن"، معبرا
عن قلقه من "حجم الفقر في الأردن في ظل تفشي البطالة".
وقال المركز، في تقديره الذي
يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان "نظرة عليا":
"عندما اكتشف النظام الأردني في آذار/ مارس 2021 المؤامرة التي خطط لها الأمير
حمزة، شقيق الملك عبد الله الثاني، إلى جانب باسم عوض الله، المسؤول الكبير السابق
في القصر، فإنه أسند بشكل غير مباشر الشائعات، أنه ليس كل شيء يجري على مياه هادئة في
العائلة المالكة، فبعد 22 سنة من اعتلاء عبد الله للعرش، فإن هناك من يشككون في حقه في المنصب
السامي".
وأشار إلى محاكمة نائب أردني بتهمة "تهديد حياة الملك"، وسيطرة نائب
آخر على رئيس الوزراء، مع الكشف مؤخرا عن "استثمارات سرية في شركات تعمل في ملاجئ
ضريبية، لزعماء بينهم الملك الأردني، وهي القضية التي لم يسكت عنها القصر ونشر تفسيرا".
ولفت إلى أن "المفاجأة
قد تكون، أن هذه الأملاك المقدرة بـ 100 مليون دولار، ينبغي الافتراض أن هناك في الغرف
المغلقة من يعجبون كيف وصل الملك إلى هذا الثراء بهذا القدر، بينما يختنق مواطنو المملكة
تحت عبء الضائقة الاقتصادية المتواصلة".
اقرأ أيضا: اليمين الإسرائيلي يجدد طرح "خيار الأردن" للحل مع الفلسطينيين
ولفت إلى أنه من بين الأمور
التي تثير التوترات الداخلية؛ الإصلاحات التي يسعى الملك لأن يتبناها في طريقة الانتخابات
للبرلمان، وإصلاحات في مبنى وأداء الأحزاب بهدف تقليصها وتحويلها إلى رسمية أكثر، وكانت
توصية اللجنة الأساس، هي تعزيز القوائم القطرية بالنسبة لتلك التي تتركز في شؤون المحافظة
الانتخابية المنفردة، إضافة لاقتراح تعديلات بينها تقييد حصانة أعضاء البرلمان للاعتقال
ولكن ليس ضد المحاكمة، وهذه كفيلة بأن تبدو كموجهة للتضييق على قوة البرلمان".
وبين المركز، أن "العشائر
البدوية التي هي قاعدة التأييد للنظام الهاشمي، تخشى من أن تضعف التغييرات في طريقة
الانتخابات قوتها البرلمانية، وإذا ما تسبب معالجة الملك لتوصيات اللجنة لاعتراضات،
ولا سيما من جانب العشائر، فسيضطر لأن يمنحها وزنا عقب استيائها من نقص الانتباه الذي
يوليه القصر بشؤونها ومكانها".
انعطافة في النهج
وأكدت الدراسة الإسرائيلية،
أن "علاقات الملك عبد الله الثاني تدهورت مع الإدارة الأمريكية، وللدقة مع الرئيس
السابق دونالد ترامب، ووصل إلى درك يذكر بذاك الذي وقع في 1990-1991 عقب تأييد الملك حسين
لصدام حسين بعد الغزو العراقي للكويت".
وذكرت أن "صفقة القرن"
التي أعدتها إدارة ترامب، والتي في إطارها ستواصل إسرائيل السيطرة بعد التسوية الدائمة
على ثلث أراضي الضفة الغربية وعلى كل القدس، فإنها لم تترك للملك مفرا غير الصدام مع ترامب،
واحتدمت المواجهة في 2020 مع التوقيع في البيت الأبيض على "اتفاقات أبراهام"
التي تركت الأردن والفلسطينيين وحيدين تقريبا في المعركة ضد خطة ترامب".
وفضلا عن ذلك، فإن "الملك عبد
الله قرأ الخريطة الجغرافية الاستراتيجية للمنطقة ونية واشنطن، التي انكشفت في السنوات
الأولى من إدارة باراك أوباما، لتركيز الجهد السياسي، الأمني والاقتصادي الأمريكي في
منطقة الهندي – الهادئ، وبدأ يخلق البدائل، وإن كانت جزئية".
ونبهت إلى أن "علاقات الملك
العكرة مع رئيس وزراء إسرائيل السابق بنيامين نتنياهو، والتوتر بين الأردن وإسرائيل
في سلسلة مواضيع، استبعدت التفكير بتنظيم إقليمي يكون الأردن وإسرائيل مشاركين فيه،
ومن جهة أخرى، فإن التغييرات التي وقعت مؤخرا في العراق والقرب السياسي والجغرافي، خلقت
أساسا لشراكة سياسية-اقتصادية، شملت مصر والأردن والعراق، وهذه قد تجد صعوبة في أن تعطي
ثمارا اقتصادية هامة، لكنها ستمنح الأردن مكانة لاعب إقليمي".
وقالت: "هكذا يجب النظر للتعاون المتحقق في هذا الوقت بين مصر والأردن
وسوريا ولبنان، والذي في مركزه توريد الكهرباء والغاز الطبيعي إلى سوريا ولبنان، وفتح
المعبر الحدودي في تشرين الأول/ أكتوبر بين الأردن وسوريا، وعقد لقاءات اقتصادية بين
الدولتين، إضافة إلى مكالمة هاتفية بعد إعداد رؤساء جهاز الأمن للدولتين، بين الملك
الأردني ورئيس النظام السوري بشار الأسد، وهذه ترمز إلى انعطافة في نهج الملك من الأزمة
السورية".
وتابعت: "بعد بضعة أيام،
جرت مكالمة بين وزير خارجية الأردن مع نظيره الإيراني، بعد سنوات من القطيعة، وهذه
المكالمة جسدت الانعطافة المتحققة بسياسة عمان الإقليمية، وهاتان المكالمتان ينبغي
أن تثيرا قلقا في تل أبيب".
وقدرت الدراسة أن "الملك
عبد الله توافق مع الواقع الذي يبقى فيه النظام السوري والأسد على حالهما، وإن آجلا
أم عاجلا فستبدأ عملية إعمار تدريجية في سوريا ولبنان، وسيتوفر لها التمويل الجزئي على
الأقل، وفي مثل هذه الحالة، فإن للأردن مصلحة اقتصادية وسياسية في المشاركة في الأمر، وفي
نفس الوقت معقول أن يكون الملك يقظا لتواجد إيران في سوريا، لأن التعاون مع سوريا هو
بمثابة بوليصة تأمين ضد النشاط التآمري الإيراني في الأردن، وإن كانت مثل هذه الفرضية
يمكن أن تتضح كوهم خطير".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: اتفاقية المياه مع الأردن سياسية بثوب اقتصادي
وعلى أي حال، "ينبغي الافتراض،
أن النظام الأردني وضع الإدارة الأمريكية في صورة الخطوات المرتقبة ولم يصطدم برد سلبي،
وظاهرا، في إسرائيل لا يوجد سبب لأن تنظر لهذه الخطوات في ضوء سلبي باستثناء الشحنة
التاريخية لعدد من الخطوات الاستراتيجية المغلوطة التي اتخذها النظام الأردني، بالارتباط
بدول عربية أخرى، انتهى بضرر كبير للأردن".
ورأى المركز، أنه "لو كان
يجري بين عمان وتل أبيب حوار استراتيجي شامل، لكان هذا هو المحفل المناسب لبحث معمق
بآثار تغيير الخط الأردني حيال سوريا"، معتبرا أن اتفاق المياه الذي وقع بين الاحتلال
والأردن، هو "بقعة ضوء من منظور إسرائيل، ما يمنح أملا لمواصلة التعاون في مواضيع
البنى التحتية بين الجانبين".
وخلصت الدراسة، إلى أنه "يوجد
مجال للقلق في إسرائيل مما يجري في الأردن، ولكن ليس لدرجة الفزع، والظواهر التي تجري
في الأردن مقلقة، وللاضطراب الهامشي في استقرار المملكة قد تكون له آثار على الميزان
اليومي للعلاقات بين الطرفين، وعلى ذاك الذي في المدى الأبعد".
وشددت على أهمية "استمرار
الحوار الثنائي على أعلى المستويات في إسرائيل والأردن، والذي استؤنف بعد قيام الحكومة
برئاسة نفتالي بينيت، كي يكون ممكنا البحث بانفتاح في المسائل الحساسة".
واقترحت الدراسة، إقامة
"محفل سياسي أمني ثلاثي يضم كلا من مصر والأردن وإسرائيل، يكون ممكنا البحث فيه
بالآثار الاقليمية للمواضيع التي تكون فيها مصلحة مباشرة للأطراف الثلاثة، في حين أن التطورات
الإقليمية تبرر وتتيح مبادرات كهذه ومشابهة لها".