هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع تزايد المخاطر الإسرائيلية من اندلاع
مواجهة قتالية متعددة الجبهات، شهدت السنوات الأخيرة، خاصة منذ اندلاع الحرب
السورية، شن إسرائيل لحملة ضد تسلح الدول والقوى المعادية، بما في ذلك إيران
وسوريا وحزب الله.
وكجزء من هذه الحملة هاجمت مئات المرات، من
خلال سلاح الجو بشكل أساسي، قوافل أسلحة في سوريا مخصصة لحزب الله، وتم تنفيذ
الهجمات مع إظهار قدرات عملياتية واستخباراتية بغرض تأخير عملية التسلح، لا سيما في
الساحة الشمالية.
لكن عددًا من الأحداث في الأسابيع الأخيرة
ألقت بظلال من الشك على فاعلية هذه الحملة، وقد يؤدي استمرارها إلى خطر جدي من
التدهور في الساحة الشمالية، مما قد يتطلب من إسرائيل إعادة التفكير في مستقبل تلك
الحملة.
ومع توفر جملة اعترافات من كبار أعضاء
المؤسسة العسكرية، بأنه رغم الجهود الإسرائيلية، نجحت إيران ببناء قدرات
استراتيجية في سوريا، بما في ذلك وضع صواريخ دقيقة على أراضيها، تم نقلها عبر
الطريق البري من إيران عبر العراق ثم إلى سوريا.
الضابط الإسرائيلي داني سيترينوفيتز، كتب
مقالا في موقع زمن إسرائيل، ترجمته "عربي21" قال فيه إن "ما يزيد
من القلق الإسرائيلي أن ردود سوريا وإيران ومليشياتها على الهجمات الإسرائيلية في
الأجواء السورية قد تتغير، وبالتالي فقد تزيد من حدة المخاطر الماثلة".
وتابع: "لأنها ستعمل
على مفاقمة التعقيد العملي لاستراتيجية المعركة بين الحروب، وتضع أمامها جملة من
التحديات بشكل كبير، أهمها أن إيران وحزب الله يحاولان وينجحان بإيجاد طرق إبداعية
للالتفاف على السلوك الإسرائيلي".
وأضاف سيترينوفيتز، الذي خدم 25 عامًا في
مناصب قيادية متنوعة داخل الجيش، في وحدات التجميع والبحث، وملحقا عسكريا في
السفارة الإسرائيلية بواشنطن، أن "سنوات الحرب الأخيرة، وما شهدته من هجمات
إسرائيلية في عمق سوريا، لم يتضاءل نتيجة لها التزام بشار الأسد المستمر بحزب
الله، بل إنه اشتد أكثر، ومع ذلك، فإن العديد من دول الخليج مستعدة لتبييض الأسد،
وإعادته إلى المجتمع الدولي، مما قد يعزز شرعيته، ويتحدى نشاط إسرائيل في سوريا
مستقبلا".
تحد آخر تراه إسرائيل يتمثل في أن إلحاق
الأذى بأعضاء حزب الله في سوريا كجزء من هجماتها، قد يعتبره الحزب انتهاكًا لقواعد
اللعبة، وبالتالي سيؤدي إلى رد منه على الجيش الإسرائيلي، بالتزامن مع تهديد
إسرائيل لباقي ميليشيات إيران في العراق أو الحوثيين في اليمن، بأن هجماتها
المستقبلية قد تؤدي لضمهم لتلك الحملة، رغم وجود شكوك إسرائيلية متزايدة حول
القدرة الإسرائيلية على طرد إيران من سوريا من خلال الضربات الجوية وحدها.
وفي الوقت ذاته، تخشى إسرائيل أن يؤدي تآكل
ردعها أمام تلك القوى لسلسلة من الأحداث في الأسابيع الأخيرة، تمثلت بجملة من
الردود على هجماتها في سوريا وإيران، مثل تزايد النشاط الإيراني ضد العناصر
الكردية في العراق، بزعم تعاونها مع إسرائيل، وتعزيز غير مسبوق لقواتها على الحدود
الأذربيجانية، واستمرارا لذلك فإن هذا التغيير الحاصل في السلوك الإيراني قد يؤدي
لتغيير في سياسة ردودها على الهجمات الإسرائيلية، مباشرة، أو عبر وكلائها في
المنطقة.
وترصد الأوساط الإسرائيلية ما تقول إنها
تهديدات قد تشكل تغييراً في عدم رغبة المليشيات الإيرانية في الاستمرار بتحمل هذه
الهجمات الإسرائيلية، بحيث أنها قد تعيد رسم ميزان الردع مع إسرائيل والولايات
المتحدة من خلال التهديد المستمر بالهجوم على القواعد الأمريكية في سوريا، أو ضد
إسرائيل، رداً على أي نشاط عسكري ضدها، وهذا التغيير يزداد حدة، رغم الافتراض
الإسرائيلي بأن "ما كان سابقا لن يكون في المستقبل"، ولذلك قد يستمر
الضغط الإسرائيلي على إيران.
الخلاصة أنه رغم أن استراتيجية
"المعركة بين الحروب" حققت ما تعتبرها إسرائيل إنجازات عسكرية، لكنها لم
تكن مصحوبة بأي تحرك سياسي يهدف لاستغلالها بغرض حرمان إيران وحلفائها من التزود
بمزيد من المعدات العسكرية، وبالتالي فإن استمرار هذه الحملة العسكرية بخصائصها
الحالية، قد يؤخر تلك الجهود، لكنه لن يمنعها نهائيا، والأسوأ من ذلك أنه قد يعقد
من جهود إسرائيل على الحدود الشمالية، وربما يتسبب في أزمة غير مسبوقة مع موسكو.