هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وسط استنفار أمني لافت، انتشرت مدرعات للجيش العراقي في عدد من شوارع العاصمة بغداد، منذ ساعات مساء الأحد، في الوقت الذي تتواصل فيه الإدانات الدولية لمحاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، لاسيما من الولايات المتحدة وإيران.
وأعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن إدانته الشديدة للهجوم الذي استهدف الكاظمي، مشيرا إلى أنه "شعر بارتياح لعدم إصابة رئيس الوزراء".
وأشار بايدن إلى أنه أصدر أوامر لفريقه للأمن القومي بتقديم المساعدة اللازمة لقوات الأمن العراقية للتحقيق في هذا الهجوم وتحديد المسؤولين.
من جهته، تشاور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، هاتفيا مع الكاظمي، ليكرر له شخصيا هذه الإدانة وعرض الدعم الأمريكي للتحقيق.
وأورد بيان للخارجية الأمريكية أن بلينكن "أكد أن هذا الهجوم هو أيضا هجوم على سيادة واستقرار الدولة العراقية".
وانتشرت مدرعات للجيش العراقي، في عدد من شوارع العاصمة بغداد، منذ ساعات مساء الأحد.
وأشارت وسائل إعلام عراقية، إلى أن الانتشار يأتي تحسبا لوقوع "أي طارئ" عقب محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بواسطة طائرات مسيرة مفخخة.
اقرأ أيضا: انتشار مدرعات بشوارع بغداد بعد محاولة اغتيال الكاظمي (صور)
وكان الكاظمي تحدث عن محاولة اغتياله، وأنها نفذت عبر ثلاث طائرات مسيرة محملة بمتفجرات؛ تم إسقاط اثنتين منها، وسقطت الثالثة على مقر إقامة الكاظمي في المنطقة الخضراء، ما تسبب في إصابة عدد من حراسه، وفق الجيش العراقي.
وقالت مصادر أمنية، إن "قوات الفرقة المدرعة التاسعة بالجيش العراقي، انتشرت في منطقة الكرادة وأحياء قريبة في محيط المنطقة الخضراء وسط بغداد".
ولفتت إلى أن "القوات انتشرت بكامل قوتها وأسلحتها من ضمنها الدبابات والعربات العسكرية من نوع هامر، وذلك تحسبا لوقوع أي طارئ في الساعات المقبلة بعد محاولة اغتيال الكاظمي".
قائد فيلق القدس زار بغداد الأحد والتقى الكاظمي
ووصل قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، الإثنين، إلى العاصمة العراقية بغداد، حسب وسائل إعلام محلية.
وقالت وسائل إعلام عراقية بينها قنوات "دجلة" و"الشرقية" و"الرافدين" الفضائية، إن "قائد فيلق القدس الإيراني وصل إلى بغداد، وعقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين عراقيين لتهدئة الأوضاع بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي".
ولم يصدر أي تأكيد أو نفي من السلطات العراقية حول زيارة قاآني.
مجهولون يضرمون النار في خيام المعتصمين
وأضرم مجهولون النار في عدد من خيام المعتصمين وسط العاصمة العراقية بغداد، بحسب إعلام محلي.
ونقلت "السومرية نيوز" عن مصدر أمني لم تسمه، أن النيران اندلعت مساء أمس الأحد، في عدد من خيام المعتصمين قرب بوابة جسر المعلق.
ولم يذكر المصدر مزيدا من التفاصيل عن الجهة التي تقف خلف حرق خيام المتظاهرين، الذين ينظمون منذ أيام اعتصامات رفضا لنتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
الكاظمي يتوعد
وتوعد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، عقب اجتماع أمني الأحد، من يقفون وراء محاولة اغتياله، وقال إنهم معروفون جيدا، وسيجري كشفهم.
اقرأ أيضا: الكاظمي يتوعد من حاولوا اغتياله.. وانتشار أمني ببغداد (شاهد)
وأضاف في بيان نشره مكتبه: "سنلاحق الذين ارتكبوا جريمة الأمس، نعرفهم جيدا، وسنكشفهم".
وتابع، دون أن يذكر أسماء محددة، بأن "هناك من يحاول أن يعبث بأمن العراق ويريدها دولة عصابات، ونحن نريد بناء دولة".
وأردف رئيس حكومة العراق: "حاربنا الفساد ولن نتوقف عن ملاحقة الفاسدين، ولن نسمح بأي توسط لهؤلاء، ولن يفلتوا من العدالة".
وتابع الكاظمي بأن "هناك من يريد أن يختطف العراق، لكننا لن نسمح بذلك، فالعراق أكبر من أي محاولات لتقزيمه، وكذلك لن يكون عرضة لمغامرات طائشة؛ لأنه يمتلك شعباً واعياً وإرثاً حضارياً عميقاً".
وقال: "أمرنا بفتح التحقيق الفوري في الأحداث التي حصلت مع المحتجين أمام المنطقة الخضراء يوم الجمعة، وسنضع أي متجاوز خلف القضبان ونقدمه للعدالة؛ لأننا لا نفرق بين العراقيين".
ما التداعيات على العراق؟
وقال أستاذ السياسة في جامعة "جيهان" في أربيل، الدكتور مهند الجنابي، لـ"عربي21" إن "تهديدات المليشيات الولائية (موالية لإيران) منذ أسبوع كانت تشير نحو التصعيد، لكن لم يكن متوقعا أن يصلوا إلى هذه الجرأة في استهداف رمز الدولة".
وأضاف الجنابي: "إنهم يصرون على عدم الاعتراف بالوضع الجديد والانسجام معه (الخسارة في الانتخابات)، فهذه المليشيات منذ أسبوع تهدد الكاظمي وتكيل له الاتهامات، لكننا الآن لسنا أمام استهداف لشخص رئيس الوزراء فحسب، بل لرمزية رئيس الوزراء".
ورأى الخبير العراقي أن "ما جرى هو حالة عدوان على الدولة ومن واجبات القوات المسلحة حماية العراق، لأنه إذا مرّت الحادثة دون رادع فأعتقد أنهم يخططون لفرض الأمر الواقع باحتلال المنطقة الخضراء والسيطرة عليها، ولا سيما أن جمهورهم يحيط بها حاليا".
وأوضح الجنابي أن "محاولة اقتحام المنطقة الخضراء التي حصلت قبل يومين وما أعقب ذلك من استهداف لرئيس الوزراء كله يشير إلى نوايا هذه الجماعات بالإصرار على تهديد أمن الدولة أو تغيير النهج الحكومي الذي أضر بمصالحها".
اقرأ أيضا: هكذا قرأ محللون محاولة اغتيال الكاظمي وتداعياتها على العراق
ووصف الجنابي ما يجري بأنه "حرب وجود تخوضها هذه الفصائل المسلحة وغطاؤها السياسي المتمثل في تحالف الفتح وبعض الأحزاب السياسية القريبة، فهم يعلمون جيدا أن أولى أولويات الحكومة المقبلة هي حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء وجودهم لتتفرغ الحكومة للاستحقاقات الوطنية".
وتوقع الجنابي أنه "إذا صدر قرار سياسي من الحكومة العراقية لمواجهة هذه الجماعات، فإنها ستحصل على دعم دولي وشعبي، لكن أرى أن المواجهة حتى مع هذا الاستهداف قد تبقى مؤجلة في الوقت الحالي لحين قيام هؤلاء بخطوة تصعيدية قادمة".
أصابع خارجية
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي العراقي أثير الشرع، أن "صراع المحاور الخارجية داخل العراق بات واضحا، وأن الاستغراب الوحيد -الذي يجري الآن التحقيق فيه من الجانب العراقي- هو سبب عدم تفعيل السفارة الأمريكية لمنظومة (سيرام) عندما كانت طائرات مسيّرة تستهدف منزل رئيس الوزراء، فهذا أمر يثير الريبة والشك".
وأضاف الشرع في حديث لـ"عربي21": "الكل أيقن الآن أن هناك أصابع خارجية غايتها إثارة البلبلة والفتنة داخل العراق، في ظل اعتراضات كبيرة على نتائج الانتخابات من قوى سياسية، إضافة إلى قيام أطراف غير معروفة بحرق خيام المعتصمين قرب الخضراء واستهداف بعض المتظاهرين".
وتابع: "يبدو أن نبوءة زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي قد تحققت، عندما قال قبل يومين إن هناك جهات تريد استهداف المنطقة الخضراء وإلقاء التهم على الفصائل المسلحة والحشد الشعبي، وهذا السيناريو الغاية منه بث الفرقة والفتنة داخل العراق".
واستبعد الشرع أن "تذهب الأوضاع في العراق نحو التصعيد، فالجميع ندد بهذه الحادثة والتحقيقات جارية بسلاسة وشفافية، والاستفهام الأكبر هو عدم تفعيل منظومة سيرام الموجودة فوق السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء".
وحول تداعيات الحادث، قال الشرع إنه "من الممكن أن يؤدي ذلك إلى التعجيل في تشكيل حكومة جديدة والعودة إلى التوافقية مجددا ونبذ الخلافات الداخلية، وقد يؤدي كذلك إلى الإسراع في اتخاذ قرارات نحو استقرار الوضع الداخلي، لأنه لا يمكن لأي جهة أن تسمح بتكرار ما حصل".
وأردف: "من المحتمل أن تدفع هذه الحادثة إلى أن تعقد القوى السياسية اجتماعات طارئة خلال الـ24 ساعة المقبلة لتدارك الأمر وتحديد من هي الجهات التي تريد بث الفتنة والفرقة، وأعتقد أن هذا صراع محاور خارجي واستعراض للقوة داخل وخارج العراق".