في الوقت الذي تتواصل فيه الضربات
الإسرائيلية
ضد القواعد الإيرانية، وقوافل أسلحة حزب الله في الأراضي السورية، صدر مؤخرا اتهام
إسرائيلي جديد يتعلق بإخفاء النظام السوري لأسلحة كيماوية، رغم تصريحات الأمم
المتحدة بشأن التخلص من 95٪ من
الأسلحة الكيماوية السورية، لكن المزاعم
الإسرائيلية تتحدث عن أن الأسد استمر في إنتاجها، ما يشكل -في نظرها- تجاوزا للخطوط
الحمر.
وعلى الرغم من أن التقارير الصحفية الإسرائيلية
تتحدث بين حين وآخر عن منشآت الأسلحة الكيماوية التابعة لنظام الأسد في
سوريا، إلا
أن مواصلة نشر هذه التقارير لا يأتي من فراغ، خاصة بعد أن هاجمت إسرائيل منشأة
كيماوية في سوريا عام 2018، لكن الرسالة الجديدة مفادها أن الجيش الإسرائيلي لا
يبدي ارتياحه لمدى التزام سوريا بالخط الأحمر الذي وضعه لمنع تطويرها للأسلحة غير
التقليدية، على الأقل وفق المزاعم الإسرائيلية الصادرة مؤخرا.
رون بن يشاي، الخبير العسكري ذكر في مقال بصحيفة
يديعوت أحرونوت، ترجمته "عربي21" أنه "في 2014 قدم مدير القوة
الدولية لنزع الأسلحة الكيماوية في سوريا تقريراً سرياً لمجلس الأمن يفيد بإخلاء
1300 طن من الأسلحة الكيماوية الموجودة لدى الجيش السوري، وتدمير ما لا يقل عن 95٪
من الأسلحة الكيماوية التي قتلت آلاف المدنيين السوريين في المناطق خارج سيطرة
النظام، الذي استخدم بشكل رئيسي غاز الأعصاب القاتل السارين عامي 2012-2013".
وأضاف أن "المعلومات الأمنية المتوفرة لدى
إسرائيل تفيد بأنه منذ يونيو 2014، لم يعد هناك أي أسلحة كيميائية متبقية في
سوريا، وأن الأسد لم يعد لديه القدرة على تهديد إسرائيل بأسلحة كيميائية، لذلك
قررت الحكومة وقف توزيع الأقنعة على الإسرائيليين، بل خفضت إنتاجها وتوقفت بشكل
شبه كامل عن التدريب في الجيش الإسرائيلي على التعامل مع الأسلحة الكيماوية، لكن
الحقائق على الأرض لا تبرر التفاؤل".
وتزعم المحافل الاستخبارية الإسرائيلية أنه بعد
3 أشهر من إبلاغ مجلس الأمن بأن عملية تفكيك الأسلحة الكيماوية في سوريا قد
اكتملت، أصبح من الواضح أن نظام الأسد لديه احتياطيات كبيرة أخرى من الأسلحة
الكيماوية، وهو ما لم يعلن عنه، وقد أثارت هذه الوقائع قلق تل أبيب، وبعدها اتضح
أن الأسد توقف عن استخدام غاز الأعصاب السارين ضد مواطنيه، لكنه استمر في استخدام
غاز الكلور بتراكيز عالية، وهو ما لم يتسبب بسقوط الكثير من القتلى، لكنه تسبب
بإصاباتهم بأمراض خطيرة.
مع أن الهجمات الكيماوية التي نفذها النظام
السوري عامي 2016 و2017، دفعت الجيش الإسرائيلي للاستعداد لتقويض قدراته على خوض
الحرب الكيماوية، وإدراجها ضمن استراتيجية "المعركة بين الحروب"، مع
التأكيد على أن هذه المواد الكيماوية لا تنتجها المعامل السورية فقط، بل تستورد
العديد من موادها من بعض الدول، ومنها دول أوروبية مثل بلجيكا وألمانيا وهولندا
وسويسرا، وهذه المواد لا تقتصر على تطوير وصناعة الصواريخ والأسلحة الجوية، بل
تنتج أيضاً أسلحة كيماوية وبيولوجية.
وقد جاء مهاجمة سلاح الجو الإسرائيلي في نيسان
2018 لمعهد تصنيع أسلحة كيماوية في مدينة حماة وسط سوريا للتأكيد على أن إسرائيل
تبذل كل ما بوسعها لضمان عدم امتلاك سوريا لأسلحة كيماوية، وفي يونيو 2021 تمت
مهاجمة ثلاث منشآت كيماوية في دمشق وحمص، وفي مارس 2020 تمت مهاجمة فيلا قرب حمص
يتم فيها تصنيع مواد كيماوية، وهناك أهداف سورية تم مهاجمتها تشمل خزانات كبيرة من
غازات الأعصاب والكلور.
يتزامن نشر التقارير عن الهجمات الإسرائيلية ضد
معامل إنتاج الغازات السامة مع بدء المحادثات النووية في فيينا، للتأكيد على أن
إسرائيل لا تزال مصممة على عدم السماح بمهاجمتها بأسلحة الدمار الشامل، كيماوية
وبيولوجية، مع أنها هي ذاتها تحوز كميات كبيرة من الأسلحة المحرمة دوليا،
واستخدمتها في أحيان كثيرة ضد الفلسطينيين واللبنانيين في حروب عديدة.