هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع بداية العام الجديد، واتضاح حجم أجندتها السياسية والعسكرية والأمنية المزدحمة، تزداد التقديرات الإسرائيلية التي ترى أن دولة الاحتلال يبدو أنها لم تقرر بعد ما إذا كانت "محمية" أمريكية في الشرق الأوسط، أو "قوة إقليمية" لها أنماط سلوك أساسية ومرئية خاصة بها.
ويعود ذلك إلى انخراط دولة الاحتلال خلال الآونة الأخيرة في تحركات كثيرة للمساهمة في تحسين وضعها في المنطقة والعالم، بجانب مواجهة التهديدات التي تتشكل من حولها، وطرق تعاملها معها.
صحيح أن دولة الاحتلال تشهد تقدما مستمرا في قدراتها العسكرية، وتناميا في تطورها الاقتصادي، وزيادة في مكانتها الإقليمية والدولية، لكنها في الوقت ذاته تشهد حالة داخلية من الاضطراب السياسي القانوني، مما أثر سلبا على تعاملها مع القضايا الخارجية، وبات أداؤها ضحلا وفقيرا في معظم القضايا، وقد يُعزى ذلك إلى فشل الاحتلال الفعلي في تحقيق التسوية مع العرب والفلسطينيين، بجانب إخفاقه في فرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية.
رافي لاوبيرت الكاتب الإسرائيلي في موقع "نيوز ون" العبري، استعرض في مقال ترجمته "عربي21" ما قال إنه: "أهم التحديات الماثلة أمام إسرائيل في العام الجديد تتمثل في كيفية تشكيل علاقاتها التجارية والسياسية مع الدول المجاورة في الحوض الشرقي للبحر المتوسط وأوروبا الشرقية، والتفاهمات مع روسيا ودول القوقاز بمعزل عن الولايات المتحدة، في ظل استمرار وجود علاقة حميمة سياسية واستراتيجية معها، تم تشديدها بشكل كبير في حقبة ترامب، وأسفرت عن إنجازات سياسية مهمة لإسرائيل".
وأضاف أن "إسرائيل استفادت بفضل علاقاتها مع واشنطن بتطوير قدراتها التكنولوجية المدنية والعسكرية، واكتسبت الكثير من الزخم، ولا تزال إسرائيل لا تستخدم قوتها العسكرية والاقتصادية لكسر الجمود القائم مع جيرانها، تمهيدا لإعادة تموضعها في موقف إقليمي جيوسياسي جديد لمواجهة المنظمات المسلحة التي تعمل حولها بنشاط، وتهدد سلام الإسرائيليين، وتشكل بانتظام جزءا من تهديد استراتيجيتها في الشرق الأوسط".
لا يخفي الإسرائيليون، وهم يعلقون كثيرا من آمالهم وتطلعاتهم على العلاقة مع واشنطن، خشيتهم من أن يتحولوا إلى ولاية تابعة لها، خاصة وأننا أمام تطورات جيو-إستراتيجية هامة ناشئة عن عدة عوامل رئيسية، أولها الانسحاب الأمريكي الاستراتيجي من المنطقة، والتركيز على مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأقصى لمواجهة الاتجاهات التوسعية للصين، وثانيها تدخل الصين في المنطقة، مع السعي للاعتراف بمكانتها كقوة عالمية وأهدافها الإمبريالية، وثالثها التهديد الرئيسي الذي يمثله تضارب المصالح المتزايد مع الولايات المتحدة، مما سيلزم "إسرائيل" باتخاذ موقف حاد في النزاع بين القوى العظمى، بحسب الكاتب.
وفي الوقت ذاته، "تشترك الولايات المتحدة وإسرائيل حاليا في مواجهة ضد التهديد النووي الإيراني، والتوجهات التركية للانتشار، والمقاومة الفلسطينية، وهما تريان عن كثب أن المنطقة بأكملها تتوزع في مناطق نفوذها أمام إيران وتركيا، وهما قوتان إقليميتان، تحوزان على قوة نسبية، ومستعدتان لتحمل المخاطر، ولعل هذا ما يقلق إسرائيل، التي تبدو مطالبة بالتحرك الحقيقي لدفع الولايات المتحدة لتقصير مدة الصراع العسكري في المنطقة، ومنع الدمار الإقليمي الواسع بسبب انتشار الأعمال العدائية".
اقرأ أيضا: دبلوماسي إسرائيلي يحذر من نشوب حرب باردة: خطر علينا
ومن الإشكاليات القائمة في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية هي الملف النووي الإيراني، فبينما يراه الإسرائيليون تهديدا وجوديا، فإن الأمريكان يرونه خطرا حادا، من شأنه التسريع بسباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، لكنه على كل الأحوال ليس تهديدا وجوديا، مما قد يجعل مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية مضيعة للوقت، طالما أن طهران محكومة بنظام يضع حيازته للسلاح النووي نصب عينيه، وفي الوقت ذاته يظهر أن إسرائيل تقف بمفردها بالفعل في الوقت الحالي بمواجهة إيران.
رغم هذا الاختلاف الأمريكي الإسرائيلي في النظرة للملف الإيراني، لكن الأخيرة لديها ضوء أخضر أمريكي، كما يبدو، للتصدي لطهران بشكل مكثف، ودون تردد، من خلال الصواريخ والطائرات بدون طيار، ضمن استراتيجية "المعركة بين الحروب"، دون الذهاب لسيناريو الحرب المفتوحة، رغم التقدير العسكري لدى كبار ضباط الجيش الإسرائيلي أن هذه الهجمات الانتقائية والمحدودة التي تنفذها إسرائيل لا تعيق سلوك إيران، ولا تضر في الواقع بعمليات انتشارها، لأنها تستطيع تعويض خسائرها.