وأخيرا أعلن حسام زكي مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية أن القمة العربية المرتقب أن تستضيفها الجزائر لا يمكن أن تتم قبل شهر رمضان المقبل، بعد أن كان مقررا لها أن تنعقد نهاية آذار (مارس) المقبل، كما أعلن عن ذلك الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في وقت سابق هذا العام.
حسام زكي مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية أوضح في ختام زيارته للجزائر هذا الأسبوع، أن "تاريخ عقد القمة يخضع للمشاورات التي تجري بين الجزائر والأمين العام للجامعة العربية للوقوف على أفضل تاريخ يناسب جميع الأطراف لضمان مشاركة أكبر قدر ممكن من القادة العرب، لا سيما في ظل الظروف الصحية التي فرضتها جائحة كورونا التي لا تزال تستدعي إجراءات احترازية".
وأشار إلى أنه "سيتم الإعلان عن موعد القمة خلال اجتماع وزراء خارجية الدول العربية، المقرر عقده في مقر الأمانة العامة بالقاهرة يوم التاسع من آذار (مارس) المقبل".
وكان أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية قد استقبل الإثنين الماضي رمطان لعمامرة وزير الشؤون الخارجية الجزائرية وشؤون الجالية الوطنية بالخارج، في مقر الأمانة العامة بالقاهرة وبحث معه الحالة في المنطقة العربية عموماً مع التركيز على الأوضاع في مناطق الأزمات والتحديات فيها.
وأوضح مصدر مسؤول في الجامعة العربية أن الأمين العام تناول كذلك مع الوزير لعمامرة عملية الإعداد للقمة العربية التي ستستضيفها الجزائر العام الحالي بما يؤمن لها فرص نجاح حقيقية.
وكلف السفير حسام زكي برئاسة وفد من الأمانة العامة للجامعة العربية إلى الجزائر التقى خلالها ممثلي اللجنة الوطنية الجزائرية المكلفة بالإشراف على التحضيرات اللوجيستية لعقد القمة، وكذلك الوقوف على الاستعدادات التي اتخذتها السلطات الجزائرية وذلك من أجل ضمان نجاح القمة المقبلة وتيسير مشاركة وفود جميع الدول الأعضاء على أعلى المستويات.
وبينما لم تتحدث السلطات الرسمية في الجزائر عن طبيعة
الأسباب التي حالت دون انعقاد القمة في موعدها المعلوم نهاية آذار (مارس) المقبل، تعددت الآراء والتأويلات في الجزائر والمنطقة لهذا
التأجيل.
فقد اعتبر الكاتب والإعلامي الجزائري سعد بوعقبة، تأجيل القمة العربية فشلا لجهود السلطة في الجزائر، ودعا إلى إلغائها بالكامل.
وقال بوعقبة في مقاله اليومي بموقع "مدار تيفي" الجزائري: "مشروع السّلطة في عقد القمة العربية في الجزائر والاستثمار فيها، انتهى هو الآخر إلى طريق مسدود، ولعل إلغاءها يُعَدُ فعلا عملا وطنيا قامت به السّلطة، يُمكن أن يُحسَبَ لها!".
ورأى بوعقبة أنه "بقي للسّلطة مشروع الدّخول لمجلس الأمن عن أفريقيا، كعضو غير دائم لمدة سنة أو سنتين"، مرجحا أن "لا يتم ذلك لصالح الجزائر، ووضع البلاد على ما هي عليه من هوان سياسي، ودبلوماسي جهوي وقاري، وعالمي!؟ رغم أنّ هذا المنصب في مجلس الأمن (مؤقت)، لا يُقدم ولا يُؤخر، ولا معنى له، إلاّ أنّه أسوأ من عقد قمة الجامعة العربية في الجزائر!؟".
وأضاف: "مع ذلك، تتذكرون الرّئيس تبون أنّه بنى سياسته الخارجية في سنة 2022 على هذين الهدفين، القمة العربية والعضوية في مجلس الأمن!"، على حد تعبيره.
وفي الرباط كشفت صحيفة "الأيام24"، النقاب عن أن سبب تأجيل القمة العربية هو رفض دول الخليج العربي، إدراج ملف الصحراء المغربية في جدول أعمال القمة.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم: "أوردت مصادر متطابقة، أن الجزائر حاولت إدراج ملف الصحراء في جدول أعمال القمة، حيث سبق لوزير الخارجية لعمامرة أن قال في تصريح صحفي، إن القمة العربية المقبلة ستكون (قمة التضامن العربي ودعم القضية الفلسطينية والشعب الصحراوي)".
وأشارت الصحيفة إلى وجود تقارير تتحدث عن عدم حماسة الجزائر لاستقبال القمة، إذا لم تضمن مكانا يؤهلها لإحداث تحول نوعي في مسار جامعة الدول العربية، وهو أمر يبدو بعيدا في ظل المعطيات الراهنة.
وفي تونس اعتبر الأمين العام المساعد السابق لجامعة الدول العربية عبد اللطيف عبيد، أن "جامعة الدول العربية هي صورة عن الوضع العربي الإقليمي العربي، وهو وضع ممزق ومشتت.. حيث يعاني العرب من التشتت وعدم التوافق، وتخترقهم مشاكل كبيرة بعضها داخلي وأخرى قوى إقليمية على رأسها إسرائيل".
وقال عبيد في تصريحات خاصة لـ
"عربي21": "هناك فرق بين جامعة الدول العربية والأمانة العامة التي لا تنفذ إلا ما يتم الاتفاق عليه.. الأمانة العامة لا حول لها ولا قوة.. والأمر ليس بيدها وإنما بما يتفق عليه العرب".
وحول ما يدور عن أن سبب تأجيل القمة هو عدم قدرة الدولة المضيفة على فرض أجندة القمة، قال عبيد: "الدولة المضيفة للقمة لا أعتقد أن لها السلطة والقدرة على فرض آرائها، كما أن الدول الأخرى ليست لها القدرة لفرض رأيها على الجزائر.. ويجب أن نعود للأهداف التي قامت عليها الجامعة، وهي: التعاون والتضامن والوحدة.. وهذه أهداف ضعيفة واقعيا".
وحول ما يشاع من أن الجزائر ترغب في مناقشة ملفي الصحراء الغربية وإعادة النظام السوري إلى الجامعة، قال عبيد: "ليس لي رأي في الموضوع، ولا أحل محل الأشقاء الجزائريين.. أنا عربي عروبي أؤمن بالوحدة وأدعو إليها ولا أريد أن أبدي رأيا لحساب دولة ضد دولة أخرى، واجبنا أن نقترب من التفاهم.. ليس لي رأي محدد.. وحتى لو كنت أمينا عاما مساعدا مباشرا فإنه ليس من حقي أن أعطي رأيا في هذا السؤال".
وأضاف: "المعضلة هي معضلة الجامعة العربية والنظام الإقليمي".
وردا على سؤال وجهته له "عربي21" عما إذا كان يعتقد أن الخلاف بين المغرب والجزائر أصبح الآن يعطل مؤسسات الجامعة العربية مثلما عطل مؤسسات الاتحاد المغاربي، قال عبيد: "المغاربيون جميعا كلهم متفقون على أن اتحاد المغرب العربي ضرورة، وعلى أن الخلافات تعطل، لكن كيف نحلها.. أنا لا أريد أن أكون سببا في تفاقم الخلاف، أنا أدعو دائما إلى التوافق، ولا أريد أن أحمل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك، هذا أسلوب لا ينفع.. لأن كل طرف متمترس وراء موقفه.. ندعو لهم بالهداية وندعوهم للحوار، وندعو النخب الثقافية لإقامة الحوار وتمتين الجسور بينها لما فيها خير الأمن القومي العربي والتنمية"، على حد تعبيره.
وتعتبر القمة العربية المرتقبة في الجزائر هذا العام هي الرابعة التي تحتضنها الجزائر بعد أعوام 1973 و1988 و2005.
وتأتي هذه القمة في ظروف إقليمية متوترة، إذ لا تزال ليبيا تبحث عن الاستقرار، كما لا تزال عضوية سوريا معلقة في الجامعة، كما أنها تأتي في ظل تصاعد علاقات متوترة بين الجزائر والمغرب، بعد أن تم قطع العلاقات الديبلوماسية تماما بين البلدين.