ذكرى الثورة تطل على الليبيين وسط أزمة حادة وانقسامات

يحيي الليبيين الخميس الذكرى الحادية عشرة لثورة الـ17 من شباط/ فبراير، والتي أطاحت بنظام الزعيم الراحل معمر القذافي، وسط أزمة حادة وانقسامات بين الأطراف السياسية المختلفة، خصوصا عقب قرار البرلمان القاضي بتشكيل حكومة جديدة، في خطوة قال عنها خبراء إنها مخالفة لخارطة الطريق التي أقرتها الأمم المتحدة.

احتفالات ودعوات للحفاظ على الهدوء

وأحيت عدة مدن الذكرى ليل الأربعاء/ الخميس بإيقاد "شعلة الثورة"، ففي مدينة مصراتة (غربا) دارت استعراضات وعروض مدنية وعسكرية تبعها إيقاد شعلة 17 فبراير من ميدان المدينة إيذانا ببدء الاحتفالات بالذكرى الحادية عشرة للثورة.

ويستعد أهالي مصراتة لاستقبال الذكرى بتزيين الشوارع والسيارات وإقامة المواكب الاحتفالية وسط المدينة ابتهاجا بالمناسبة في حين احتفلت مدينة تاجوراء بالمناسبة، وسط استعدادت في مدن أخرى لإقامة احتفالات بالذكرى الحادية عشرة للثورة.

اقرأ أيضا: جدل بين الدولة وبرلمان ليبيا.. و5+5 العسكرية تدعو للانتخابات

بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قالت في بيان لها، إنها تنتهز انطلاق الاحتفالات بذكرى ثورة فبراير لتجديد الدعوة للحفاظ على الاستقرار والهدوء في البلاد.

وقالت إنها "تكرر التزامها الراسخ بمواصلة جهودها لدعم جميع الليبيين في الانخراط في عملية سياسية شاملة وتوافقية تؤدي إلى انتخابات وطنية حرة ونزيهة في أقرب وقت ممكن".

في حين هنأت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز، الشعب الليبي بذكرى ثورة 17 فبراير، ودعتهم لـ"استلهام القيم الوطنية الأصيلة لتعزيز أواصر الإخاء والتوافق والمصالحة الشاملة، والانتقال بليبيا إلى مستقبل آمن ومستقر يلبي طموح كل الليبيين".

— UNSMIL (@UNSMILibya) February 16, 2022

 
وتاليا أبرز أزمات ليبيا بذكرى الثورة:

حكومة جديدة 

ودخلت ليبيا منعطفا جديدا، ينذر بتصاعد الأزمة الراهنة على الأصعدة كافة، في أعقاب اختيار مجلس النواب الليبي، فتحي باشاغا رئيسا جديدا للحكومة، وتأكيد رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة أنه لن يسلم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة.

وصوت مجلس النواب الليبي، برئاسة عقيلة صالح، في العاشر من شباط/ فبراير الجاري على منح الثقة لباشاغا رئيسا للحكومة، لافتا إلى تلقيه رسالة تزكية من المجلس الأعلى للدولة بهذا الخصوص، لكن الأخير قال إنه لم يبحث الموضوع بعد، وإنه بصدد عقد اجتماع ليحدد موقفه من تعيين باشاغا، والموافقة على تمرير التعديل الدستوري الذي أقره البرلمان.

اقرأ أيضا: الدبيبة يجهز للانتخابات ومشاورات لباشاغا.. حرب باردة بليبيا

وفور تعيينه من البرلمان، صرح فتحي باشاغا بأنه "يثق باحترام حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة للمبادئ الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة"، إلا أن الأخير يتمسك باستمرار حكومته تنفيذا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي الذي حدد مدة عمل السلطة التنفيذية الانتقالية بـ18 شهرا، تمتد حتى حزيران/ يونيو 2022، وفق البعثة الأممية في ليبيا.

وفي تعبير عن الأزمة قال الدبيبة في تصريحات متلفزة: "ما زلت أمارس عملي وفقا للمدد الزمنية المنصوص عليها في خارطة الطريق المعتمدة من قبل ملتقى الحوار"، مشددا على أن حكومته "مستمرة في عملها"، ولن يسمح بـ"مرحلة انتقالية جديدة"، ولن يسمح "للطبقة السياسية المهيمنة طوال السنوات الماضية بالاستمرار لسنوات أخرى".

موقف الدبيبة، يتوافق مع الرغبة الأممية حين صرح ستيفان دوجاريك، الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بأن موقف المنظمة الدولية لم يتغير إزاء اعتبار الدبيبة الرئيس الحالي للحكومة الليبية، وأنها تجري مشاورات متواصلة مع الليبيين حول هذا الأمر.

تعثر الانتخابات

وتعذر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية كانت مزمعة في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021، جراء خلافات بين المؤسسات الرسمية الليبية حول قانون الانتخاب، ودور القضاء في العملية الانتخابية.

وفي حين تبذل الأمم المتحدة مساعي مع الأطراف الليبية لإنقاذ العملية الانتخابية وتحديد موعد جديد لإجرائها، تتواصل الأطراف الفاعلة في العملية السياسية لإيجاد مخرج يرضي مختلف الأطراف والمحافظة على الالتزام بالانتخابات حين تتوفر الظروف الملائمة لإجرائها.

اقرأ أيضا: لهذه الأسباب يتعذر إجراء انتخابات الرئاسة الليبية في موعدها

ورغم انعقاد لجان خاصة لبحث الخلافات بين مجلس النواب والدولة الليبيين، يتواصل الخلاف بين الطرفين على القوانين التي تنظم العملية الانتخابية، إذ إن الأخير يتهم المجلس بإقرار قوانين معيبة، دون الاتفاق أو التشاور معه وفق ما ينص عليه الاتفاق السياسي الذي حدد العلاقة بين الطرفين، ما أدى في النهاية إلى تعطل العملية الانتخابية.

انقسام المؤسسات

ورغم انتخاب حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبد الحميد دبيبة في شباط/ فبراير الماضي، والآمال التي عقدت عليها لتوحيد المؤسسات بين الشرق والغرب، إلا أن الانقسام ما زال قائما، لا سيما داخل المؤسسة العسكرية والأمنية.

ويستفرد اللواء المتقاعد خليفة حفتر بالسيطرة على مناطق واسعة في شرق وجنوب البلاد، بمعزل عن الحكومة المركزية في طرابلس، دون أن تفلح كل الجهود التي بذلت على مدار أشهر مضت في توحيد الجيش الليبي تحت إدارة واحدة.

وتسبب الهجوم الذي شنه حفتر في الرابع من نيسان/ أبريل 2019 على العاصمة طرابلس، في تباعد فرص توحيد الجيش، إذ إن هذا الهجوم الذي انتهى بالفشل أدى إلى مقتل وجرح عشرات آلاف الليبيين، فضلا عن فقدان مئات آخرين، ناهيك عن الكلفة المادية وتعثر إنتاج النفط لأشهر طويلة، ما تسبب في خسائر فادحة في الاقتصاد الليبي.

عودة نظام القذافي

ينذر ظهور سيف الإسلام القذافي، وإعلان رغبته في العودة إلى الحياة السياسية، وترشحه للانتخابات الرئاسية، بتأزيم المشهد الليبي، والدفع به نحو حرب جديدة أكثر دمارا.

ويطرح سيف الإسلام القذافي نفسه كخيار ثالث، لتوحيد البلاد، التي مزقتها الحرب الأهلية وانهار اقتصادها، رغم امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا.

وعودة الرجل قد تُحدث شرخا في صفوف قوات حفتر، والتي يعتقد أن عمودها الفقري يرتكز على كتائب القذافي المنحلة، خاصة أن أنصار القذافي يتبوأون مناصب حساسة في صفوف قوات حفتر، وأبرزهم اللواء المبروك سحبان، قائد القوات البرية، والرائد عمر امراجع، قائد كتيبة طارق بن زياد، واللواء عبد السلام الحاسي، قائد القوات الخاصة.

ولا يُستبعد أن تؤدي عودة القذافي إلى المعترك السياسي، إلى تشكل تحالفات جديدة وغير متجانسة بين أعداء الأمس، ما سيفتح باب المجهول أمام استقرار الأوضاع في ليبيا.