صحافة دولية

NYT: هذه هي الصداقة الروسية الصينية التي كان يخشاها نيكسون

بوتين وشي سعيا لتقديم جبهة مشتركة عندما أصدرا بيانا مشتركا استثنائيا قبيل دورة ألعاب بكين- جيتي
بوتين وشي سعيا لتقديم جبهة مشتركة عندما أصدرا بيانا مشتركا استثنائيا قبيل دورة ألعاب بكين- جيتي

سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على العلاقات المتنامية بين الصين وروسيا وأثر ذلك على العالم الغربي وزعامة الولايات المتحدة.

 

ونشرت الصحيفة مقالا للصحفية فرح ستوكمان قالت فيه إن ماو تسي تونغ وصل إلى موسكو في عام 1949 متوقعا أن يتم تكريمه لنقل الصين، أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، إلى الشيوعية. بدلا من ذلك، فقد أهانه جوزيف ستالين بجعله ينتظر لقاءه.

على الرغم من أن ستالين وماو وقعا في النهاية معاهدة صداقة، فإن ماو انزعج من معاملته كشخص لا قيمة له من بلد متخلف.

بحلول الستينيات، كان ماو ينازع السوفييت علانية على قيادة العالم الشيوعي، حتى إن قتالا نشب بين الاتحاد السوفييتي والصين في عام 1969، على الأراضي المتنازع عليها على طول حدودهما الطويلة.

أدى ذلك إلى فرصة لزيارة ريتشارد نيكسون للصين في 21 شباط/ فبراير 1972، وهي مبادرة دبلوماسية كان الهدف منها إبعاد الصين عن الفلك السوفييتي.

على المدى القصير، حققت زيارة نيكسون التي استمرت ثمانية أيام نجاحا لا لبس فيه. وافق القادة الصينيون على المساعدة في التجسس على الاتحاد السوفييتي. وفاز نيكسون بإعادة انتخابه. وتم تمهيد المسرح لاندماج الصين في نهاية المطاف في الاقتصاد العالمي.

ولكن مع احتفالنا بالذكرى الخمسين لتلك الزيارة، فإن بعض المسؤولين الأمريكيين ومحللي السياسة الخارجية يشككون في حكمة الشراكة مع بكين. حتى إن نيكسون، على ما يبدو، نظر إلى الاستراتيجية بمشاعر مختلطة، وربما بعض الأسف.

كانت روسيا تشكل تهديدا عسكريا، لكنها لم تكن أبدا منافسا اقتصاديا. ومع ذلك، فقد أصبحت الصين القوة الأولى خلال قرن وقادرة على تحدي الهيمنة الأمريكية على الصعيدين الاقتصادي والعسكري.

شعر بعض صانعي السياسة الأمريكيين أن الصين ستنهض في نهاية المطاف، بمساعدة الولايات المتحدة أو بدونها. إذا نظرت إلى هذا الرأي، فإن الترحيب بالصين كشريك ودود، بدلا من قوة معادية، أمر منطقي. اليوم، تمتلك الصين حصة أكبر بكثير في النظام الدولي والاقتصاد الأمريكي مما كان يتخيل نيكسون أنه ممكن.

ومع ذلك، فإنه على مر السنين، بالغ صانعو السياسة الأمريكيون في تسويق فوائد إشراك الصين وقللوا من أهمية المخاطر. الخطوات التي اتخذتها الصين نحو اقتصاد السوق الحرة لم تحولها إلى ديمقراطية، كما جادل الكثيرون. وعلى الرغم من أن الكثير من رجال الأعمال الأمريكيين حققوا ثراء من نجاح الصين، وكان المستهلكون الأمريكيون قادرين على شراء الكثير من الأشياء الرخيصة، فقد عانى العديد من العمال الأمريكيين عندما انتقلت المصانع إلى الصين.

على مدى السنوات العشرين الماضية، كانت واشنطن منشغلة للغاية بالحرب على الإرهاب بحيث لم تفكر في كيفية منع نفسها من أن تصبح شديدة الاعتماد على دولة شيوعية يمكن أن تكون على خلاف معنا بشكل مبدئي.

لا يخفي الرئيس الصيني شي جين بينغ وجهة نظره بأن الولايات المتحدة قوة عظمى تتلاشى وتصر على منع صعود الصين إلى مكانها الصحيح في العالم. وفرض دونالد ترامب رسوما جمركية على البضائع الصينية، لينهي حقبة من الانخراط حداها الأمل. لكن انعزالية ترامب أفادت الصين، التي ملأت فراغ التراجع العالمي لأمريكا. والرئيس بايدن، الذي حشد أوروبا وأستراليا واليابان للحديث عن محاربة الاستبداد وجعل الديمقراطية تزدهر في جميع أنحاء العالم، يمثل مشكلة شائكة للرئيس الصيني.

إذا ظلت الولايات المتحدة وأوروبا متحدتين، فإنهما تشكلان كتلة اقتصادية لا تزال ضعف حجم الاقتصاد الصيني تقريبا. ولكن من خلال تأطير الصراع على أنه معركة بين "العالم الحر" والديكتاتورية، تخاطر إدارة بايدن بدفع روسيا والصين إلى بعضهما البعض في ما يسميه البعض "المحور الجديد للاستبداد".

هذه المرة، موسكو هي الأخ الأصغر الذي يسعى للحصول على دعم من بكين. يمكن أن يكون من بين التطورات الجيوسياسية الأكثر أهمية منذ عقود.

أخبرني آدريان غيغز، المؤلف المشارك لكتاب "Xi Jinping: The Most Powerful Man in the World"، أن "ما يفعله الغرب الآن هو عكس ما فعله نيكسون في ذلك الوقت. روسيا والصين ليستا شريكين طبيعيين. إنهما شريكين بسبب العدو المشترك - الولايات المتحدة وأوروبا الغربية".

من السابق لأوانه معرفة المدى الذي ستلتزم به الصين لروسيا في مواجهتها مع الغرب بشأن أوكرانيا. ولطالما جادل قادة الصين من أجل عالم خالٍ من التحالفات العسكرية الرسمية. لقد كانوا حذرين بشأن التورط في صراعات عسكرية لدول أخرى.

لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس شي سعيا جاهدين لتقديم جبهة مشتركة مؤخرا عندما أصدرا بيانا مشتركا استثنائيا قبل ساعات من افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين. وتعهد البيان بأن يكون تعاونهما "أفضل" من التعاون بين البلدين خلال الحرب الباردة. لن يتم حظر أي مجال من مجالات التعاون، ومن المفترض أن يشمل ذلك منح روسيا للصين أسلحتها الأكثر تقدما.

بدأ البلدان يقتربان من بعضهما البعض في عام 2014، بعد أن أدى الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم إلى فرض عقوبات من الغرب. ونجت روسيا من التداعيات ببعض الدعم من الصين، التي عززت التجارة وقامت بشراء النفط والغاز الروسي.

هذا الشهر، بدا أن الصداقة قد فتحت آفاقا جديدة. ويمثل هذا البيان المرة الأولى التي تدعم فيها الصين مطلب روسيا بإنهاء توسع الناتو. ومن خلال التوقيع على النص، أيدت روسيا أيضا مطالبة الصين بتايوان، وقال الجانبان إنهما "قلقان بشدة" بشأن قرار الولايات المتحدة تشكيل تحالف عسكري مع بريطانيا وأستراليا والتعاون "في مجال الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية".

قد لا يكون الرئيس بوتين والرئيس شي حليفين طبيعيين، لكن لديهما الكثير من الأشياء المشتركة. كلاهما يرى الولايات المتحدة كقوة مهيمنة فوضوية. أصيب كلا الرجلين بصدمة شديدة بسبب انهيار الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي اعتبراه قصة تحذيرية لما لا يجب فعله. لقد أكدا كلاهما بشدة على المعارضة واستغنيا عن حدود الفترة الرئاسية أو تحايلا عليها، ما مهد الطريق لإمكانية حكم لمدى الحياة.

وكلاهما يتوقان إلى استعادة دوري بلديهما كقوتين عظميين، ويسعيان جاهدين لاستعادة الأراضي التي يريان أنهما فقداها للغرب: أوكرانيا في حالة روسيا، وتايوان في حالة الصين.

الشيء الأكثر لفتا للانتباه في بيانهما كان التصريحات الجارفة. فيبدو كأنه بيان سياسي يدعو الولايات المتحدة إلى الاعتراف بأنها لم تعد زعيمة العالم.

بعد شهرين من رئاسة بايدن لـ"قمة الديمقراطية"، هاجم بوتين وشي "محاولات دول معينة لفرض معاييرها الخاصة للديمقراطية على دول أخرى، لاحتكار الحق في تقييم مستوى الامتثال للديمقراطية. ورسم خطوط فاصلة على أساس الأيديولوجية ". وأكدا أن العالم قد تغير. يجب احترام روسيا والصين باعتبارهما "قوتين عالميتين" يمكنهما أن تمليا ما يحدث في ساحاتهما الخلفية. يمكن قراءة البيان على أنه محاولة لإبعاد حلفاء أمريكا، أو لجعل الأمريكيين يفقدون إرادة القتال.

الحقيقة هي أن العالم قد تغير. لا تبدو الديمقراطية الأمريكية لامعة كما كانت في السابق. سئم الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم من إملاء الغربيين لهم بما يجب عليهم فعله.

ومع ذلك، فإن العالم لا يتطلع إلى أن تسيطر دولة هي الأكثر رقابة في العالم. ليس من المبالغة أن نقول إن مصير العالم يعتمد على قدرتنا على الحصول على الرد الصحيح على "محور الاستبداد" هذا. يتعين على الأمريكيين الدفاع عن قيمنا وحلفائنا دون أن ينتهي بهم الأمر في حرب كارثية. وبغض النظر عن مدى توتر العلاقات، فإننا يجب أن نتذكر أن أكبر التهديدات التي نواجهها اليوم - تغير المناخ والوباء وانتشار الأسلحة النووية - تهدد روسيا والصين أيضا.

التعليقات (0)