هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يمكن القول إن جلسة مجلس الأمن حول الملف الليبي بالأمس كانت عاصفة، وأن التوتر ساد الاجتماع بسبب تشدد الدول الكبرى في مواقفها والتي لم تخلُ من كيل الاتهامات، الأمر الذي قاد إلى تبني قرار بتمديد أجل البعثة الأممية الخاصة بليبيا إلى ثلاثة أشهر فحسب.
القرار تضمن فقرات عديدة يمكن القول إن أغلبها شكلي ولا يخدم القضية الليبية، ذلك أنها لم تتعد دعوة الأطراف الليبية إلى تحمل مسؤوليتها في الدفع باتجاه الانتخابات ومنع الانزلاق إلى صراع أو عرقلة للمسار السياسي، والتلويح بالعقوبات التي لم تجدِ في السابق في لجم سلوك العديد من الساسة المتورطين في الصراع والمتسببين في عرقلة التوافق.
التلويح بورقة الجنائية الدولية جديد ويشير إلى رغبة أمريكية بريطانية في الضغط على الطرف الذي تورط في جرائم خطيرة خاصة إبان العدوان على العاصمة العام 2019م، وهو ملف تفاعل في دوائر دولية مؤخرا منها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ويمكن أن يكون استئناف جلسات النظر في القضايا المرفوعة ضد خليفة حفتر في الولايات المتحدة من قبل بعض أهالي ضحايا عملياته العسكرية ورقة ضغط في ظل التدافع في مجلس الأمن والذي عنوانه الأكبر إصرار الولايات المتحدة على إخراج روسيا من مواقعها الحيوية في وسط وجنوب البلاد والتي منحها إياها حفتر.
الفشل في التمديد لفترة أطول للبعثة وتعثر جهود الأمين العام للأمم المتحدة في تعيين مبعوث خاص يعني أن الدور الأممي في تنشيط العملية السياسية ودفع المسار السياسي إلى الأمام قد يرتبك، ذلك أن استمرار الخلاف الدولي في مجلس الأمن سيضعف من قوة ونفوذ مستشارة الأمين العام لليبيا، ستيفاني ويليامز، والتي سينتهي تكليفها قريبا، وربما لن يكون للتمديد لها أثر قوي في ظل الخلاف الدولي.
خطورة النزاع الدولي أنه يأتي في منعطف حاد أحد مظاهره استعداد الأطراف المتنازعة للتصعيد والدخول في مواجهة مسلحة لفرض إرادتها، وبيان نائب رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان يأتي في هذا السياق، وليس ببعيد عنه تصريحات باشاغا والناطق باسم حكومته والتي ركزت بشكل محموم خلال الأسبوعين الماضيين على اتهام حكومة ادبيبة بالتورط في الإرهاب ودعم مجموعات إرهابية بما في ذلك المجموعات التي تنتسب إلى تنظيم الدولة.
الخلاف الغربي الروسي حول الملف الليبي يعود إلى العام 2011م، غير أن التوتر الذي ساد في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن يعكس الأثر الظاهر للحرب الروسية الأوكرانية، ومن الواضح أن واشطن تريد استغلال الوضع الحرج لروسيا على الأرض وعلى الساحة الدولية لتحقيق هدفها الرئيسي وهو إخراج روسيا من ليبيا، وربما كان هذا أحد أهم أسباب عدم دعم الولايات المتحدة لقرار البرلمان الخاص بالتغيير الحكومي برغم تناغم الحكومة المكلفة من قبل البرلمان مع غاية واشنطن الجمع بين الشرق والغرب للدفع باتجاه الانتخابات، خاصة بعد التقارير التي تحدثت عن قبول حفتر بإرسال قوات لدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا.
كلمات أعضاء مجلس الأمن أظهرت تنوعا لا يفيد القضية الليبية، بل يعكس ارتباك الموقف الدولي تجاه سبل احتواء النزاع الدائر هناك، فقد بدت فرنسا أقرب إلى روسيا والصين حيال الموقف من البعثة والمبعوث الخاص ومن دور وسلطة ستيفاني ويليامز، أيضا ظهر موقف الدول الأفريقية في المجلس موحدا إلا أنه مثالي ولا يمس النزاع ومحركاته بشكل مباشر، فحتى الإصرار على تعيين مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا من القارة الأفريقية لن يكون ذي أثر فعال في ظل الصراع المحلي والتجاذب الدولي بمظاهره الراهنة والتي يبدو أنها في تصعيد وليس العكس.
الخلاف الدولي في مجلس الأمن سيلقي بظلاله على اجتماعات القاهرة المتعثرة والتي قد تزداد تعثرا، ولأن شهر يونيو المقبل يعني الكثير في ظل النزاع الحكومي بين ادبيبة وباشاغا ومن يدعمها على الجبهتين في الشرق والغرب، خاصة للبرلمان وأنصاره الذين يرون أن شرعية حكومة ادبيبة انتهت محليا بسحب الثقة وتكليف حكومة باشاغا، ودوليا بانتهاء أجل اتفاق جنيف الذي أوجدها، فمن المتوقع أن يزاداد الوضع في الداخل تعقيدا.
خطورة النزاع الدولي أنه يأتي في منعطف حاد أحد مظاهره استعداد الأطراف المتنازعة للتصعيد والدخول في مواجهة مسلحة لفرض إرادتها، وبيان نائب رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان يأتي في هذا السياق، وليس ببعيد عنه تصريحات باشاغا والناطق باسم حكومته والتي ركزت بشكل محموم خلال الأسبوعين الماضيين على اتهام حكومة ادبيبة بالتورط في الإرهاب ودعم مجموعات إرهابية بما في ذلك المجموعات التي تنتسب إلى تنظيم الدولة.