هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا حول محاولة مستثمرين وجمعيات من إسرائيلية الاستيلاء على أراض فلسطينية في تلة أبو طور و غابة السلام بمدينة القدس عبر إنشاء مشروع استيطاني تحت ذريعة التطوير السياحي.
وقالت مراسلة "نيويورك تايمز" في الأراضي المحتلة، إيزابيل كيرشنر، في تقريرها إن المشروع سيقام في أحد التلال الخلابة في القدس، وهي المكان المفضل للزوار الذين يأتون لالتقاط صور بانورامية للقباب وأبراج الكنائس في المدينة القديمة عبر واد مشجر بالأسفل.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن تلة "أبو طور" التي يعتقد الكثيرون أنها الموقع الذي تآمر فيه يهوذا لخيانة يسوع، وفقا للتقاليد المسيحية، ستشهد تحسينات لجذب السياح في المستقبل غير البعيد، حيث سيتمكن الزوار من الانزلاق من هذا المكان عبر تلفريك إلى الوادي الأخضر المعروف باسم غابة السلام.
ويعمل الاحتلال على إنشاء تلفريك وجسر للمشاة ومراكز للزوار، إلى جانب مزرعة تم بناؤها بالفعل، لكن التلال والوادي تحتها يمتدان على طول خط التماس شديد الحساسية بين شرقي القدس ذات الغالبية الفلسطينية والجانب الغربي الذي يغلب عليه الطابع اليهودي من هذه المدينة المحتلة.
ولفتت الصحيفة إلى أن التلال هي جزء من المشهد التاريخي حول أسوار المدينة القديمة المعروفة باسم الحوض المقدس، وهي منطقة مليئة بالآثار والأضرحة لديانات التوحيد الثلاث.
كما أشارت إلى أن النقاد يقولون إن المشاريع المخطط لها ستحول ما تبقى من المناظر الطبيعية المفتوحة حول المدينة القديمة إلى نوع من ديزني لاند وتشوه الأفق الأيقوني للمدينة.
بينما يرى المعارضون للمشروع أن الخطط جزء من استراتيجية سياسية أكبر لمحو الخط الفاصل بين شرق القدس وغربها، وتعزيز مطالبة إسرائيل بالسيادة على القدس بأكملها، حيث يقولون إن الهدف هو التأكيد على التاريخ والثقافة اليهودية للمناطق ذات الحساسية الدينية والسياسية، والتقليل من شأن شخصيتها الإسلامية أو المسيحية أو الفلسطينية.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن تورط منظمة خاصة للمستوطنين اليهود لم يؤد إلا إلى تأجيج تلك المخاوف.
وقال يوري إرليش من منظمة إميك شافيه، وهي جماعة إسرائيليّة تعارض استغلال التراث الثقافي كأداة سياسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: "لا أحد يقول إنه لا يوجد الكثير من التاريخ اليهودي هنا.. لكن ذلك يعتمد على القصة التي تريد سردها".
اقرأ أيضا: تقرير حقوقي: الاعتداءات على المسجد الأقصى جريمة حرب
ويصر الاحتلال على أن الخطط، التي كان بعضها قيد العمل منذ سنوات، ستعيد الحياة إلى المناطق المهملة منذ فترة طويلة والتي كان من الصعب الوصول إليها، والتي سيطر عليها تجار المخدرات وأصبحت عرضة للتخريب والحرق العمد، وفقا للصحيفة.
لكنها استطردت بالقول إنهم قد يخلون بالتوازن الدقيق في القدس، المتقلب دوما، حيث شهد الشهر الماضي تصاعدا في التوتر، خاصة حول المدينة القديمة.
وأوضحت نيويورك تايمز أنه تم الموافقة على معظم المشاريع في اللجان الحكومية دون الكثير من التدقيق العام، لذلك كان هناك القليل من النقاش حول التأثير المحتمل.
وتشمل الخطط جسرا معلقا للمشاة عبر مساحة خضراء محفوظة أسفل أسوار المدينة القديمة المعروفة باسم وادي هنوم، أو وادي الربابة بالعربية، موقع القرابين والمدافن القديم، بالإضافة إلى التلفريك.
وتقع المزرعة بالفعل في أرضية الوادي، حيث من المقرر أن ينقل التلفريك المثير للجدل المستوطنين عبر الوادي نحو المدينة القديمة والحائط الغربي.
واستولت إسرائيل على شرقي القدس من الأردن في حرب عام 1967 ثم ضمتها إليها، رغم أن معظم الدول لا تزال تعتبرها أرضا محتلة.
وتتشارك منظمة المستوطنين اليهود الخاصة ومؤسسة مدينة داوود أو إلعاد مع وكالات حكومية محلية للمساعدة في تطوير الاستيطان هناك تحت مسمى الجذب السياحي، كما تكرس إلعاد نفسها لتطوير ما يعتقد العديد من الخبراء أنه مدينة داود التوراتية المزعومة.
وكان مشروعها الرئيسي يدير موقع مدينة داوود الأثري في سلوان، وهو حي فلسطيني في القدس، كما بدأت إلعاد، منذ أكثر من ثلاثة عقود، في الحصول على عقارات حول الموقع، الذي بدأت أعمال التنقيب فيه منذ أكثر من قرن، وقامت بنقل العائلات اليهودية إلى المنازل هناك.
ومن المخطط أن يبدأ سلك التزحلق الذي يبلغ طوله نصف ميل من نقطة على التلال حيث استحوذت إلعاد على مبنى قديم متهدم منذ سنوات، وتقوم الآن بإنشاء مركز للزوار، فيما ستنتهي الرحلة بالقرب من موقع تخييم ونشاط تديره إلعاد في غابة السلام الشاسعة.
وقد أطلق بعض النقاد على المشاريع اسم "الاستيطان السياحي"، بناء على مشاركة إلعاد وما يبدو أنه استراتيجيتها المتطورة، مما يعزز مطالبات إسرائيل بـ"الحوض المقدس" من خلال جلب الآلاف من السياح الإسرائيليين والأجانب إلى المنطقة.
وقال أفيف تاتارسكي، من عير عميم، وهي جماعة مناهضة للاستيطان تعمل من أجل حل عادل للإسرائيليين والفلسطينيين في القدس: "هذه ليست طريقة إلعاد المعتادة للتركيز على الجوانب التاريخية والدينية والأيديولوجية والأثرية".
وأضاف أن المجموعة تغير مسارها، مستخدمة الترفيه كفكرة جذابة للجماهير لتغيير طابع هذه المناطق.
وقد يستغرق استكمال سلك التزحلق والتلفريك سنوات، بسبب مشاكل قانونية أو بيروقراطية أو تمويلية، مع ميزانيات تصل إلى ملايين الدولارات.
اقرأ أيضا: دعوات استيطانية لاقتحام الأقصى بذكرى إنشاء دولة الاحتلال
ويؤكد الفلسطينيون على ملكية بعض الأراضي التي يتم تنظيفها وتجميلها الآن في وادي هنوم، الذي أُعلن كجزء من متنزه أسوار القدس الوطني في عام 1974، بينما تنفي سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية، التي اشتركت مع إيلاد في إعادة تشكيل الوادي، إثبات ملكية الأرض.
وقال شادي سومرين، وهو فلسطيني يعيش على إحدى التلال فوق وادي هنوم، إن لديه وثائق تعود إلى مئات السنين تثبت ملكية عائلته لبعض الأراضي التي يقوم الإسرائيليون الآن ببناء المدرجات وممرات المشاة والجدران عليها.
وصرخ سومرين في مواجهة الإسرائيليين الذين قاموا بتنظيف الأرض مؤخرا: "أنتم لصوص!"
كما حث سائق الجرار الفلسطيني الذي يعمل لديهم على العودة إلى بيته.
وقال أحمد عوض سومرين، 47 عاما، ومتحدث باسم العائلات التي تطالب بالأرض في وادي هنوم، إنه وأقاربه كانوا يقطفون أشجار الزيتون العائلية هناك منذ أن كان في الخامسة من عمره.
كما أصر على أن كل ما يتم إنشاؤه هناك مزور، وقال: "هذه ليست ثقافتنا".
وتستأنف العائلات أمام المحكمة لوقف التغييرات في الأرض التي كانت دائما مفتوحة للزوار.
ووصف محامي العائلات الفلسطينية، مهند جبارة، الاستيلاء على الأرض التي يطالب بها موكلوه بأنها قائمة على "الوهم".