ملفات وتقارير

هل يعيد نظام السيسي التلويح بورقة الإرهاب في سيناء؟

حمّل مراقبون وخبراء ومعارضون نظام السيسي مسؤولية الحادثة
حمّل مراقبون وخبراء ومعارضون نظام السيسي مسؤولية الحادثة

أثار إعلان الجيش المصري، السبت، عن مقتل 11 جنديا بينهم ضابط وإصابة 5 آخرين، إثر "إحباط هجوم إرهابي"، استهدف نقطة رفع مياه غرب سيناء؛ مخاوف البعض من أن يكون هناك تلاعب من النظام بملف الإرهاب لتخويف المصريين وتهدئة حالة الغضب الشعبية المتصاعدة بفعل الأزمات المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.

وفي تعليقه على الهجوم، قال رئيس النظام عبدالفتاح السيسي عبر "تويتر"، إن "العمليات الإرهابية الغادرة لن تنال من عزيمة وإصرار أبناء هذا الوطن وقواته المسلحة في استكمال اقتلاع جذور الإرهاب"، في إشارة إلى عودة العمليات العسكرية ضد العناصر الإجرامية والتكفيرية في شمال سيناء.

وفي أول رد فعل أمريكي، أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس، السبت، الهجوم، واصفا إياه بالشنيع، ومؤكدا أن "واشنطن لا تزال الشريك القوي لمصر في مواجهة الإرهاب بالمنطقة".

ومنذ انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي منتصف 2013، قاد السيسي عمليات عسكرية موسعة في شبه جزيرة سيناء، لمطاردة ما يسميها العناصر الإجرامية والتكفيرية، لكنه في المقابل قام بعمليات تهجير واسعة بشمال سيناء، قبل إقامة مناطق عازلة بحدود رفح.

ولم تفلح تلك العمليات في وقف عمليات الاعتداء على جنود الجيش والشرطة التي قتل فيها المئات من المجندين، ليعلن السيسي عن إطلاق العملية الشاملة سيناء 2018 في 9 شباط/ فبراير، دون الإعلان عما حققته من نتائج.

وامتلأت مواقع التواصل في مصر بحالة من الحزن والغضب من النظام، حيث تخوف نشطاء من احتمالات ما قد تشهده البلاد من انتشار لموجات من الإرهاب والعمليات المسلحة، في ظل محاولة النظام السيطرة على الأمور، خاصة مع تراجع شعبية السيسي بفعل الأزمات الاقتصادية.

وأكد البعض على ضرورة تقديم النظام توضيحا رسميا حول أسباب سقوط هذا العدد من المجندين بين قتلى وجرحى، كما دعوا لفتح تحقيق عن أسباب عودة العمليات العسكرية في سيناء واستهداف قوات الجيش، مطالبين النظام بتقديم كشف حساب عن العمليات العسكرية في سيناء منذ العام 2014.

وطالب الحقوقي هيثم أبو خليل بفتح تحقيق عما حدث في كمين "العرام" بالطاسة في سيناء، متسائلا: "كيف وصل المجرمون لمنطقة الكمين بهذه السهولة، والتي تقع على بعد عشرات الكيلو مترات من الإسماعيلية؟ وأين المدرعات وأبراج المراقبة والتسليح الرادع والجهوزية؟

وتابع: "كيف تصدت القوات للهجوم والنتيجة إبادة السرية التي تحمي محطة رفع مياه قيد الإنشاء، وعدم وجود ضحايا من المهاجمين؟ وماذا أنجزت العملية الشاملة العسكرية التي بدأت في 9 شباط/ فبراير 2018، وكان مقدر لها 3 أشهر، وامتدت لأكثر من 4 سنوات".

ووسط اتهامات للنظام بارتكاب تلك الجريمة لأهداف سياسية واقتصادية ومحلية ودولية، قال نشطاء: "فتش عن المستفيد من تلك الجريمة"، مؤكدين أن النظام قد يفعل أي شيء وبينها إراقة دم الجنود الأبرياء؛ لتصدير عدو جديد للمصريين، وللحفاظ على كرسي الحكم.

على الجانب الآخر، حمّل أنصار النظام جماعة الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي أسباب الجريمة، حيث قال ضابط الجيش السابق اللواء سمير فرج، في تصريحات إعلامية، إن هذه العملية جاءت ردا على تسريبات مسلسل "الاختيار 3"، الذي عرض برمضان الماضي عن فترة ما قبل الانقلاب.

بعض أنصار السيسي استغل الهجوم لحشد الدعم للنظام، وبينهم البرلماني والصحفي مصطفى بكري، الذي كتب عبر "تويتر": "هذا حادث يؤكد مجددا على أهمية حشد كل الطاقات ودعم القيادة السياسية في دحر ما تبقى من عناصر الإرهاب وتجفيف منابعها".

 

اقرأ أيضا: مصر تعلن مقتل ضابط و10 جنود بهجوم شرق قناة السويس

"ورقة فقدت بريقها"

وفي إجابته عن التساؤل: هل عاود نظام السيسي اللعب مجددا بورقة الإرهاب في سيناء؟ قال السياسي المصري الدكتور عمرو عادل: "كل المشاهد القادمة من مصر تشير إلى أنها -سواء كان النظام السياسي أو المجتمع- تعاني من أزمات خانقة وخلل تجاوز القدرة على إعادة ضبطه".

رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري المعارض، أضاف لـ"عربي21": "في ظل هذه الأوضاع شديدة السوء يكون العنف أحد وسائل الصراع، وربما أعلاها احتمالا".

وتابع: "النظام السياسي يخرج من فشل لفشل، وله سوابق صناعة أحداث عنف معلن ضد الجماهير للخروج من المأزق أو صناعة أزمة منتجة بحدث مسلح من أحد أعوانه غير المعلنين تفيده ولو مرحليا بإعادة تصوير وتكوين للعدو، سواء كان وهميا أو حقيقيا، ما يعطيه مبررات القمع وخنق المجتمع أكثر".

ويرى عادل أن "الحقيقة هذه المرة تبدو احتمال أنه متورط عال نسبيا؛ لأن سيناء هادئة منذ فترة، كما أن العملية ليست موجهة إلى وحدة عسكرية، ولكن لمحطة رفع مياه".

ويعتقد أنه "لا يمكن إغفال احتمال أن تكون إحدى الجهات المسلحة المعادية للنظام تشكلت أو أعادت بناء نفسها لمقاومة النظام العسكري، ولكن تغيير أهداف الهجمات يحتاج لتفسير حول طبيعة هذه الجهة لو كانت فعلا العملية ليست من تدبير النظام نفسه، وهذا أحد الاحتمالات القوية".

السياسي المصري لفت إلى أنه "من الخبرات في الحركات المسلحة يبدو أنها لا تنتهي بالعنف المضاد فقط، فمع كمية العنف الهائلة ضدها وضد السكان بسيناء لم تنجح في اقتلاعها؛ فهي تحتاج إلى حلول أكثر عمقا لا توجد في مصر".

وفي نهاية حديثه، يعتقد عادل أن "استخدام فزاعة الإرهاب -بصرف النظر عن طبيعة منفذ العملية سواء كان النظام أو إحدى الجهات المسلحة- لم يعد يحمل البريق ذاته منذ عدة سنوات بالنسبة للإقليم والمجتمع الدولي".

"بحر من الأكاذيب"

وفي حديثه لـ"عربي21"، قال مدير "‏المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية"‏، الدكتور ممدوح المنير، إنه "لا يمكن أن تأخذ أي رواية للنظام على محمل الجد، وحتى لو كانت صادقة، فهي تطفو فوق بحر من الأكاذيب والتضليل التي لا يمكن معها قبول أي رواية للنظام دون شك".

وقال الباحث المصري: "في حوادث إرهابية سابقة، اكتشفنا أن الجنود كانوا مقتولين منذ فترة في عمليات قتالية في ليبيا، وتم جلبهم إلى سيناء وتصوير الأمر على أنه حادث إرهابي".

وأضاف: "في مرة أخرى، اكتشفنا أن القتلى معارضون لحكم السيسي، وتم تصفيتهم وتصوير الأمر على أنه جريمة إرهابية".

"وفي ثالثة، كان توقيت التفجيرات متزامنا مع أحداث يريد النظام إخفاءها أو صرف الانتباه عنها، وطبعا كانت هناك عمليات إرهابية حقيقية".

واستدرك المنير: "لكن وسط التلاعب بالمعلومات الذي يمارسه النظام لا يمكن الوثوق بأي رواية له".

وأكد أن "النظام هو المستفيد من أي حادث كهذا، فهو يتغذى على ديمومة فزاعة الإرهاب، وبالتالي يحاول الإبقاء على الدعم الغربي له، فضلا عن دعم الكتل الشعبية الخائفة مثل الأقباط أو مؤيديه داخل الجيش والشرطة".

ولفت إلى أنه "إذا افترضنا أن رواية السلطة صحيحة، فهي إدانة له بكل المقاييس، فإن النظام الذي صور نفسه كبطل أسطوري في مسلسل "الاختيار3"، هُزم شر هزيمة على يد حفنة من الإرهابيين".

وختم الباحث المصري حديثه بالقول إن "النظام في مصر، للأسف، يبني بقاءه على دماء المصريين وآلامهم".

"مسؤولية السيسي"

وحمّل مراقبون وخبراء ومعارضون نظام السيسي مسؤولية تلك الجريمة.

وعبر صفحته بـ"تويتر"، قال المحامي الدولي الدكتور محمود رفعت: "لأكثر من 10 سنوات يتم حرق أهل سيناء وتهجيرهم ويتم إغلاقها أمام الإعلام، فتم قصف المدنيين برا وبحرا وجوا، وكانت الرواية الرسمية أن هذا الجرم مكافحة الإرهاب".

وأضاف: "اليوم الإرهابيون يعرون كذب النظام، ويؤكدون أنه لم يكن يحاربهم بل يحارب المدنيين ويهجرهم من قراهم ويحرقها لأجل إسرائيل".


رئيس تحرير صحيفة "المصريون" المحلية جمال سلطان، اتهم السيسي بشكل مباشر بالتسبب في الأزمة، حيث قال: "كان مديرا للمخابرات العسكرية، فتكاثر الإرهاب في سيناء، ثم وزيرا للدفاع فتفاقم الإرهاب في سيناء، ثم رئيسا للجمهورية فتوحش الإرهاب في سيناء".

وعبر صفحته بـ"تويتر"، أضاف: "15 عاما قائدا ووزيرا ورئيسا، وعده الأول تفريغ البلد من الإرهاب، لكن الذي حدث أنه فرغ البلد من المعارضين والناصحين والمخلصين، وأبقى الإرهاب".

 
رئيس حزب الفضيلة محمود فتحي تحدث عن احتمالين، "الأول: إهمال قادة الجيش الذين لا همّ لهم سوى البزنس واستعباد الجنود في اقتصاد العسكر لزيادة المكاسب"، مضيفا "والثاني: حادثة مدبرة من السيسي، ليتهم فيه المعارضة، ويكون حجة لإعدامات قريبة".

 

التعليقات (6)
آدم لهذا الزمان
الإثنين، 09-05-2022 12:28 م
فى مصر «المحروسة» لا يطفوا الارهاب على السطح إلا حين يضيق الخناق على الصهيونى. ذلك هو ديدن الشاويش وأسلافه منذ انقلاب يوليو 1952 حتى صار «الارهاب المحتمل» ماركة مصرية مسجلة بكل جدارة. وفى كل مرة يبتلع الشعب البائس الطعم فلا يعلوا له صوتا على صوت المعركة مع الارهاب. شعوب حقا كتب الله عليها البؤس بما قدمت يداها، إن الله عدل. رحم الله الشهداء الذين قضوا بلا ذنب أو جريرة والذين هم من «المحتمل» أن يقضوا فى القريب العاجل، وإن غدا لناظره قريب! اللهم إنا نسألك بعزتك وجلاك أن تحمى جنود جيشنا المستعبدين واحفظهم لشعب مصر حتى يحين الخلاص، آمين.
عابر سبيل
الأحد، 08-05-2022 06:41 م
الرؤساء العرب الأشد كرها بالنسبة لي هما إثنان: عبد الفتاح السيسي وقيس سعيّد.
مصري
الأحد، 08-05-2022 06:15 م
يجب ان لا نخدع انفسنا و لا بد من مواجهة الحقيقة و هي ان الغرب و زعيمته امريكا هم الراعي الأساسي لاي ديكتاتور لان كما راينا في انقلاب مصدق بعد الإفراج عن الوثائق و الحلقة التي اذاعها معتز مطر في ايران ان الرئيس المنتخب لا يفرط في ثروة بلاده و لكن المنقلب كان يقبل بأقل من 16? من ثمن البترول لان سارق الوطن يبيعه ارخص او مجانا حتى يتركوه مغتصبا للحكم
ابو حلموس
الأحد، 08-05-2022 06:11 م
المفتعل وليس ابدا المحتمل. لا شك عندى ولا للحظة انه مفتعل ولم يكن يوما غير ذلك
عبدالله المصري
الأحد، 08-05-2022 06:07 م
كمصري عشت هذه الاحداث من اول لا صوت يعلو فوق صوت المعركة بعد حرب 1967 يعني كله يخرس لا حرية و لا ديمقراطية و بعد حرب 1973 و اتفاقية السلام 1979يعنى حان وقت الحرية و الديمقراطية و انتخابات حره حقيقية و كان المعروف أن الإسلاميين سيفوزون في اي انتخابات فقامت الحرب عليهم بكافة الوسائل من اول الخطف القسري الى فيضان من المسلسلات و الافلام بدأ بمسلسل العائلة و فيلم الارهاب و الكباب و وصفهم بالارهاب حكم قانون الطوارئ و تعذيب و قتل في السجون فهذه حيلة قديمه تدل على افلاس السيس و الأزمات مثل الدين الذي يخنقه و ازمة القمح و الغلاء فرجع لما يرعب الغرب و خاصة امريكا و بالفعل اجابته امريكا كما يريد