هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قطعت مصر شوطا طويلا في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في عام 2021، واحتلت المرتبة الثالثة عالميا بعد الصين وإيران، في مؤشر على استمرار السلطات المصرية في تصعيد انتهاكاتها في مجال حقوق الإنسان، بحسب منظمة العفو الدولية.
وذكرت المنظمة الدولية، في بيان، أنها سجلت 579 إعداماً في 18 بلداً في عام 2021، بزيادة قدرها 20 في المئة عن 483 عملية إعدام مسجلة في عام 2020. ونُفّذت معظم عمليات الإعدام المعروفة في الصين، وإيران، ومصر، والسعودية، وسوريا، على التوالي.
وأوضحت المنظمة في تقريرها، أن 24 امرأة كن من بين 579 شخصاً أعدموا في عام 2021 أو (4%) من حالات الإعدام، في البلدان التالية: إيران (14)، والسعودية (1)، ومصر (8)، والولايات المتحدة الأمريكية (1).
في نهاية عام 2021، ألغى أكثر من ثلثي بلدان العالم عقوبة الإعدام في القانون أو في الواقع الفعلي، وألغى 108 بلدان، عقوبة الإعدام في القانون بالنسبة لجميع الجرائم وألغى 144 بلداً عقوبة الإعدام في القانون أو في الواقع الفعلي، و55 بلداً لا يزال يحتفظ بعقوبة الإعدام من بينهم مصر.
تتناقض مزاعم السلطات المصرية الخاصة بإطلاق استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان التي أطلقها رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، في أيلول/ سبتمبر 2021 تحت مسمى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان مع تقارير منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية أخرى، ما يؤكد، وفق حقوقيين، أن مصر تسير نحو الأسوأ.
اقرأ أيضا: ارتفاع الإعدامات بالعالم.. تضاعفت بالسعودية وإيران تتصدر
مؤشر خطير
وحكمت المحاكم المصرية على ما لا يقل عن 356 شخصًا بالإعدام في عام 2021، بزيادة قدرها 34 في المئة، وهو أعلى عدد من أحكام الإعدام تمكنت منظمة العفو الدولية من تسجيله في جميع أنحاء العالم في عام 2021.
اعتبر المستشار محمد سليمان، رئيس محكمة سوهاج الأسبق، تصدر مصر قائمة 18 دولة حول العالم في أحكام الإعدام "مؤشرا خطيرا بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد منذ الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013".
وأكد في تصريح خاص لـ"عربي21": "أن سجل مصر الحقوقي أصبح من أسوأ السجلات الحقوقية عالميا منذ مذبحة رابعة العدوية في آب/ أغسطس 2013 وما سبقها وما تلاها من مذابح وإعدامات واختفاءات قسرية وتصفيات جسدية ومحاكمات وأحكام مسيسية، وتدعمه الدول الغربية، وبالتالي لن يعبأ إلا بتكريس حكمه على جثث وحريات المصريين".
دلالة زيادة أحكام الإعدام
أرجعت الناشطة والحقوقية المعنية بشؤون المرأة، سلمى أشرف، انغماس النظام المصري في انتهاكات حقوق الإنسان إلى "غياب المحاسبة وسكوت المجتمع الدولي على تلك الانتهاكات المرعبة للحفاظ على المصالح الاقتصادية والسياسية مع النظام، وبالتالي زاد من وتيرة الحبس وأحكام الإعدام، على الرغم من أن جريمة الإعدام مرفوضة تماما في كثير من دول العالم وخاصة تلك التي لديها مصالح مباشرة مع مصر".
وأضافت لـ"عربي21": "كانت مصر بالفعل قد وصلت لأعلى المستويات في تنفيذ أحكام الإعدام في أعوام سابقة، ولما لم يواجه النظام الحاكم أي ضغوط دولية استمر على هذا النهج، وغابت العدالة عن الجميع، وباتت البلاد تدار بعقلية أمنية".
واستهجنت سلمى مسؤولة الملف المصري بمنظمة هيومن رايتس مونيتور، ما أسمته "تواطؤ المحاكم المصرية والقضاة الذين يمثلون العدالة مع النظام، وقلب الحقائق وتصوير المحاكمات السياسية على أنها جرائم جنائية يعاقب عليها القانون بالإعدام، ونظرا لاتساع تعريف حكم الإعدام وغزارة القوانين التي تتيح العمل به، فقد سهل هذا الأمر الاستمرار في هذا النهج لسنوات طوال حكم السيسي".
اقرأ أيضا: كيف يساعد الغرب طغاة الشرق الأوسط في سحق المخالفين لهم؟
غياب العدالة
قال مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطار، إن "مصر الثالثة عالميًا بتنفيذ أحكام الإعدام في 2021 والأولى من حيث إصدار أحكام الإعدامات في العالم على الرغم من اتجاه غالبية دول العالم للحد من تلك العقوبة واستبدالها بأخرى، خاصة في الدول التي يتم فيها استغلال العقوبة ضد خصوم سياسيين".
وفي حديثه لـ"عربي21" اعتبر أن "احتلال مصر المركز الثالث بعد الصين وإيران هو بالتأكيد نتيجة طبيعية لغياب أدنى معايير المحاكمات العادلة والتوسع في منهجية إهدار كرامة الإنسان والاستهانة بحياته خلال السنوات الماضية".
وأشار إلى أن "مصر توسعت في إصدار العديد من القوانين مؤخرا تتضمن عقوبات بالإعدام وإحالة الآلاف إلى محاكم استثنائية بالإضافة إلى المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة العليا طوارئ وهو ما سمح للسلطات المصرية بالتوسع في إحالة الآلاف من المصريين".
وفي مؤشر على خطورة الوضع، وفق العطار، فقد صدرت أحكام بالإعدام في حق أطفال صغار لم يتجاوزوا الـ 18 عاما، المتابع الجيد لملف حقوق الإنسان يحيد نفسه أمام ارتفاع وتيرة إصدار أحكام الإعدام بدون إجراءات محاكمة طبيعية على الرغم من أن كل القوانين والدساتير والأعراف تطالب الدول والقضاة بالتوقف عن إصدار مثل هذة الأحكام واستبدالها بأحكام أخرى غير سالبة للحياة.