هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
واجه قرار السلطات المصرية تشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية ومحاكم الأسرة واقتصارها على القضاة فقط وعدم مشاركة ممثلين عن الأزهر الشريف ومحامين متخصصين، ومنظمات المجتمع المدني، انتقادات واسعة.
وقرر وزير العدل المصري، الأحد الماضي، تشكيل اللجنة برئاسة المستشار عبد الرحمن محمد حنفي، رئيس محكمة استئناف طنطا و10 قضاة آخرين لإعداد القانون خلال 4 شهور، والاكتفاء بتلقي المقترحات على البريد الإلكتروني فقط.
كما يحق لرئيس اللجنة تشكيل مجموعة استشارية من المختصين لإحالة موضوع محدد إليها، وأخذ مشورتها فيما يعرض عليها من مسائل الأحوال الشخصية، ومن بينها المسائل الطبية والاجتماعية، والمالية، والدينية، وغير ذلك.
وبرر وزير العدل تشكيل لجنة وضع مشروع قانون الأحوال الشخصية من القضاة فقط "نظرا لحيادية القاضي كونه لن ينحاز لطرف على حساب الآخر"، على حد تعبيره، ما أثار انتقادات حادة لتشكيل اللجنة الذي اعتبره البعض "أعرج".
اقرأ أيضا: حديث أستاذ بالأزهر عن طهارة الخنزير والكلب يثير جدلا (فيديو)
وزعم في تصريحات متلفزة، أن كل المقترحات سواء من المجلس القومي للمرأة أو الأزهر أو من الأفراد ستوضع أمام اللجنة وسوف تبحث هذه المقترحات وفقاً للدستور، مشيرا إلى أن الأزهر الشريف من ضمن تلك الجهات التي سيستطلع رأيها بشأن القانون، وكل ما نص عليه الدستور من جهات يؤخذ رأيها في أي مشروع قانون.
وقانون الأحوال الشخصية، يختص بقضايا ما قبل وبعد الزواج والطلاق والأسرة والطفل والحقوق والواجبات للمرأة والرجل سواء قبل أو أثناء أو بعد الزواج سواء في حالة الخطوبة أو الزواج أو الطلاق أو الموت، ويبدو أن هناك إجماعا على ضرورة التعديل.
قانون على هوى النظام
وانتقد القاضي محمد سليمان، تشكيل لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية من القضاة فقط، واعتبره قرارا يحمل الكثير من الدلالات، قائلا: "دلالة هذا القرار هو الرغبة في إعداد مشروع قانون يحقق إرادة النظام كاملة مع تغييب الأزهر الذي من المتوقع أن يعترض على بعض نصوص ذلك المشروع".
وأوضح لـ"عربي21": "سيكون دور الأزهر وغيره مقتصرا على المقترحات أو الاستشارات أي أنه غير ملزم للجنة، ومن الواضح أنه تم اختيار شخصيات بعينها لتحقيق رغبة النظام دون أن تواجه أي اعتراضات لو تم تمثيل الأزهر".
وأضاف سليمان وهو رئيس محكمة سوهاج سابقا (جنوب مصر): "لعل موضوع الطلاق الشفوي الذي أثار الخلاف بين شيخ الأزهر والسيسي خير مثال على ذلك"، مشيرا إلى أن "إشراك النظام لفئات أخرى كالمحامين مثلا لن يكونوا خارج دائرة اختياره، وفي نهاية المطاف فإن إرادة النظام في تفصيل قانون وفق هواه سوف تتحقق".
تجاهل قوانين سابقة
ورغم وجود أكثر من قانون في البرلمان مقدم من قبل الحكومة والأزهر الشريف ونواب بالبرلمان إلا أن مجلس النواب لم يحسم تعديلات القانون الذي يعود إلى عشرينات القرن الماضي وطرأت عليه عدة تعديلات ولكنها بحسب كثيرين لم تحسم المشاكل المصاحبة للقانون طوال تلك العقود.
وتنص المادة السابعة من الدستور المصري على أن "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة، ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم. وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه".
اقرأ أيضا: ماذا وراء دعوة السيسي لتعديل قانون الأحوال الشخصية؟
ويعتبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أن إعداد القانون من اختصاص علماء الأزهر، وقال في مقال له، في تشرين أول/ أكتوبر عام 2019، إن الأزهر قام بإعداد مشروع القانون انطلاقا من واجبه الشرعي، لافتا إلى أنه حين يكون الوضع متعلقا بقوانين مصدرها القرآن والسنة والشريعة الإسلامية التي هي المصدر الوحيد الذي يمكن أن تنطلق منه أحكام الأحوال الشخصية لا يصح أبدا ولا يقبل أن يترك الحديث فيها لمن هب ودبّ.
قانون إفساد الأسرة
واعتبر الأمين العام لرابطة علماء أهل السنة جمال عبد الستار، أن "أي محاولة لاستبعاد الأزهر المنوط به وضع أو تعديل قانون الأحوال الشخصية، هي محاولة لإفساد أحوال الأسرة وليس إصلاحها؛ لأن الأزهر هو المنوط به وضع القانون الذي يستند للشرع الذي مصدره القرآن والسنة والشريعة السمحاء".
وانتقد في حديثه لـ"عربي21" محاولة النظام تسييس مشروع القانون "لإرضاء الغرب والمنظمات النسوية، وتحويل الأنظار عن انتهاكات النظام بحق المجتمع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا"، مشيرا إلى أن "حقوق المرأة والرجل والطفل في مصر مهدرة من جميع جوانبها، ولا توجد هناك أي عدالة أو مساواة حتى نثق في مزاعم النظام".
وحذر عبد الستار من البعد عن المنهج الإسلامي في وضع مشروع القانون الذي ينظم حياة الأسرة المسلمة، قائلا: "القرآن نظم شؤون الأسرة في جميع مراحلها، وجاءت السنة مكملة لهذا التنظيم، وتكمن الأزمة في قضاة محاكم الأسرة المصرية وكثرة الخلافات والنزاعات الأسرية بسبب الأوضاع المأساوية للبلاد، وأي قانون جديد يبتعد عن القرآن والسنة لن ينجح في تحسين أحوال الأسرة المصرية بل يزيدها سوءا".
رفض مجتمعي
ورفضت المحامية مها أبو بكر، المتخصصة في شؤون الأسرة، استثناء فئات مجتمعية من المشاركة في إعداد مشروع القانون مثل المحامين، وقالت في تصريحات متلفزة، إن "اللجنة بتشكيلها الحالي ستُخرج قانونا أعرج لعدم وجود محامين بينها".
بدورها، اعتبرت اقتصار اللجنة على القضاة فقط غير كاف، وقالت رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة نهاد أبو القمصان: "هي لجنة صياغة قانون وليست صناعة، والقضاة لديهم خبرة عظيمة في تطبيق القانون، ولكن يحتاجون للجنة أخرى تساعدهم في صناعة القانون".