هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال موقع مركز أتلانتك كاونسل إن إسرائيل صعدت
من هجماتها على إيران في الأسابيع الأخيرة، بحسب التقارير الإخبارية، على عكس
الاستراتيجية الحكومية السابقة، التي ركزت على تخريب البرنامج النووي للبلاد
واغتيال علمائها النوويين.
وقال المركز في تقرير ترجمته
"عربي21"، يبدو الآن أن الهجمات توسعت لاستهداف العلماء والضباط الآخرين
المسؤولين عن برامج الصواريخ والطائرات المسيرة، وكذلك أعضاء فيلق القدس التابع
للحرس الثوري.
ووفقا لوعده بتنفيذ "الموت بألف جرح
طفيف"، وافق رئيس الوزراء نفتالي بينيت على ما يبدو على هذه الهجمات من بينها
اغتيال الضابط البارز في فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، العقيد حسن سيد
خدائي في 22 أيار/ مايو.
تضاف هذه الحادثة إلى عمليات الاغتيال والتخريب
الأخيرة المنسوبة إلى إسرائيل، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية، والهجوم على
مستودع سري للطائرات المسيرة في 14 شباط/ فبراير، والوفاة المشبوهة لمهندس في موقع
عسكري كبير لتطوير الصواريخ في 24 أيار/ مايو، ووفاة اثنين من مطوري تخصيب
اليورانيوم والطائرات المسيرة في 4 حزيران/ يونيو.
في 7 حزيران/ يونيو، ألمح بينيت بشدة إلى
مسؤولية إسرائيل، قائلا للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست: "لقد ولت
الأيام التي تقوم فيها إيران بإيذاء إسرائيل بشكل متكرر، وتنشر الرعب عبر أرجاء
منطقتنا، وتخرج دون أن تصاب بأذى... نحن نعمل في كل مكان، وفي جميع الأوقات،
وسنواصل القيام بذلك"- إشارة إلى عقيدة الأخطبوط التي صاغها بينيت.
وقال المركز: يبدو أن الهدف من الضغط الإسرائيلي
هو إقناع إدارة جو بايدن بضرورة إبقاء الحرس الثوري الإيراني على قائمة وزارة
الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. وجود الحرس على القائمة السوداء، الذي حظي
بالكثير من الثناء في إسرائيل، جعل من الصعب جدا على إيران قبول العودة إلى
الامتثال للاتفاق النووي لعام 2015، والذي يتوافق جيدا مع الموقف الإسرائيلي
الرسمي المعارض للاتفاق، على الرغم من أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين السابقين
يعتبرون الانسحاب الأمريكي خطأ.
بالنسبة لشخص عادي، يبدو أن إسرائيل تنجح في
خلق حالة من الفوضى والارتباك في صفوف النظام الإيراني. كما أقامت الدولة ردعها ضد
إيران بطريقة تعزز أيضا الصورة الأمنية لرئيس الوزراء داخليا في وقت تتعرض فيه
حكومته الائتلافية لخطر الانهيار.
لكن حقيقة البرنامج النووي الإيراني، التي تم
الكشف عنها في 6 حزيران / يونيو خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة
الذرية في فيينا، تكشف عمق التقدم الإيراني في هذا المجال على الرغم من جهود
إسرائيل لإفشال ذلك، في حين تواصل إيران تخصيب عشرات الكيلوغرامات من اليورانيوم
إلى درجة نقاء 60%، وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة من نوع IR6 في منشأة تحت الأرض في فوردو، وإنتاج معدن اليورانيوم.
وكان من الممكن حظر كل هذه الأنشطة بموجب خطة
العمل الشاملة المشتركة التي تعارضها إسرائيل بشدة وضغطت عليها بنجاح عندما كان
دونالد ترامب في منصبه.
في مواجهة هذه التطورات، تستمر إسرائيل في
اتخاذ موقف مشكوك فيه بالمطالبة "بالتخصيب الصفري" مع الاعتماد على
"الخطة ب" غير الواقعية. رغم أن استمرار العقوبات الاقتصادية والعمليات
السرية المختلفة والتهديد بقصف المنشآت النووية الإيرانية لم يوقف البرنامج النووي
الإيراني ولم يغير سلوكه، ومن المشكوك فيه أن ينجح في المستقبل.
ولم يعد مفهوم عصر ترامب "للضغط
الأقصى" يعمل في عالم يفتقر إلى النفط ومستعد لتجاوز العقوبات. وتوضح هذه
الحقيقة عائدات إيران من صادرات النفط في ظل نظام العقوبات الحالي. وليست إيران
فقط بارعة بالفعل في تجاوز العقوبات، ولكن الحرب الأوكرانية وسعت "تحالف
الخاضعين للعقوبات"، بما في ذلك روسيا والصين، المستعدتان لتحدي التهديدات
الأمريكية.
كما أن إدارة بايدن غير راغبة في الضغط بقوة
أكبر، بالنظر إلى ارتفاع أسعار البنزين. كما يخشى جيران إيران العرب عبر الخليج
الفارسي من دفع إيران إلى الزاوية ويبدو أنهم ليسوا حريصين على فرض العقوبات على
إيران، وهو الموقف الذي أدى إلى قيام إدارة ترامب بانتقاد صريح لدولة الإمارات
لأنها تغض الطرف عن عمليات خرق العقوبات.
ورأى المركز أنه "بينما تستمر إسرائيل في
التمتع بنجاحات تكتيكية مثيرة للإعجاب، من الناحية الاستراتيجية، فإنها لم
تحقق هدفها في منع إيران من امتلاك برنامج نووي متقدم".
لا تزال إسرائيل تحتفظ بعقلية عمرها عقد من
الزمن دون أن تفهم أن العالم قد تغير وأن برنامج إيران النووي على وجه التحديد قد
تطور. الواقع أن قاعدة السياسة الإسرائيلية لا تزال قائمة على فكرة أن بالإمكان
حرمان إيران من قدراتها النووية، رغم أن برنامج إيران النووي لم يكن كما كان قبل
عقد من الزمان.
ونجحت إيران في تجاوز الحواجز التكنولوجية
الكبيرة، لا سيما في مجال التخصيب وإنتاج أجهزة الطرد المركزي. المعرفة في إيران
واسعة وموجودة في أذهان عدد لا يحصى من العلماء النوويين، أكثر بكثير مما يمكن
القضاء عليه، بحسب المركز.
والأسوأ من ذلك، حتى لو اختفت المنشآت النووية
بأعجوبة غدا، ستكون إيران قادرة على إعادة بنائها في غضون بضعة أشهر بسبب المعرفة
التكنولوجية الموجودة في البلاد. علاوة على ذلك، وفقا لمسح أجراه مجلس شيكاغو،
يحظى البرنامج النووي بالدعم في إيران، وبالتالي، حتى لو تغير زعيم الدولة أو
النظام غدا، فمن غير المرجح أن يتم التخلي عن البرنامج.
وبالنظر إلى هذه الحقائق، لا تحقق إسرائيل سوى
انتصار باهظ الثمن على إيران. في أحسن الأحوال، فإن الهجمات الإسرائيلية تعطل
البرنامج. في أسوأ الأحوال، هم يحفزون إيران على التحرك بشكل أسرع. تحتاج إسرائيل
إلى إعادة حساب وتبني استراتيجية تتوافق مع الوضع الحالي للبرنامج النووي الإيراني
وستسمح لإسرائيل بمزيد من التأثير على الرأي العام الدولي.