هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن ظاهرة العنف في ملاعب كرة القدم، وبشكل خاص في المكسيك.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المكسيك التي تستعد لاستضافة كأس العالم 2026 شهدت في السادس من آذار/ مارس ليلة من العنف في المباراة التي جمعت بين كويريتارو وأطلس. وسواء كان العنف في الملاعب أو في الأماكن العامة، أصبحت هذه الظاهرة أكثر شدة وانتشارًا. وحسب تقديرات الحكومة، أسفرت ليلة العنف في تلك المباراة عن 22 جريحًا اثنان منهم في حالة حرجة.
وحسب المحلل فيرناندو سيغورا، عالم الاجتماع المتخصص في كرة القدم في أمريكا اللاتينية، فإن تلك الحادثة ليست الأولى من نوعها مشيرا إلى ثلاث أو أربع وقائع مشابهة يعود آخرها إلى سنة 2018 حيث كاد شخص أن يفقد حياته، لكنه يؤكد أنها لم تكن أبدا بهذا القدر من العنف.
ونقلت الصحيفة عن سيغورا أن جذور العنف في كرة القدم المكسيكية تعود إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما تبنى المشجعون الأسلوب الأرجنتيني لدعم فريقهم. وليس هذا السبب الوحيد، إذ هناك أيضًا ثقافة المواجهة أو ما يعرف بثقافة التأييد الرجولية في كرة القدم في أمريكا اللاتينية، وهي تشبه إلى حد ما ثقافة المشاغبين حيث يتعين عليك إظهار رجولتك وجسدك.
وذكرت الصحيفة أن بعض المشاهد تظهر مشجعين ينهالون ضربا على مشجعين آخرين كانوا عراة. وتعليقا على ذلك، قال سيغورا إن هذا النوع من العنف حاضر بقوة في مجتمع أمريكا اللاتينية ولا يمكن إنكاره في الحياة اليومية في المكسيك، حيث تطغى ثقافة التعبير عن الرجولة.
وأضاف عالم الاجتماع أن مجموعات الألتراس بشكل خاص تعتبر جمهورا ذكوريا وتكون أكثر ميلا لإظهار مدى تفوقها على الخصوم ويكون ذلك من خلال العنف وإظهار العضلات. نشأت هذه الثقافة في الأرجنتين وانتشرت من هناك، ورسختها الأغاني التي غالبا ما تستحضر فكرة القتل وذبح الخصم وأحيانا يقوم المشجعون بتجسيد ذلك.
وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا شهدت بدورها الكثير من العنف في الملاعب، خاصة عند نهاية فترة الإغلاق. وحسب سيغورا، كما هو الحال في جميع دول العالم، لم تنظم خلال الوباء مباريات كرة القدم، واستؤنفت في نهاية سنة 2020 وفي أوائل سنة 2021. وقد شهدت البلاد عدة حلقات عنف، لكنها ليست بنفس خطورة العنف المسجل في المكسيك، وكل ذلك كان متوقعا لكن السلطات تجاهلت جميع المؤشرات.
وأوردت الصحيفة أن المكسيك تعرف بكونها بلدا عنيفا للغاية حيث يطغى جو عام من العنف، والملاعب ليست بمعزل عن باقي المجتمع على حد تعبير سيغورا. وهناك عنف متصاعد باستمرار في بعض المناطق مثل الوسط على غرار كويريتارو، حيث ينتشر العنف المرتبط بتجار المخدرات الذي بلغ مستوى مخيفا. ولا أحد يعرف ما إذا كان هناك رابط مباشر، لكن لا يمكنك عزل العنف في الملعب عن بقية المجتمع.
وفيما يتعلق بمدى تأثير ظاهرة العنف في الملاعب على سمعة المكسيك، التي من المقرر أن تستضيف مباريات كأس العالم 2026، أوضح الخبير أن الدولة قادرة على تشديد الإجراءات الأمنية. وأضاف أن الملاعب المدرجة في كأس العالم هي ملاعب مونتيري ومكسيكو سيتي وغوادالاخارا، وهي آمنة تماما وخاضعة للمراقبة. واستدرك سيغورا قائلا: "حتى هنا نسأل أنفسنا: كيف سنستضيف مباريات كأس العالم؟ والإجابة هي أن الجمهور الذي يحضر كأس العالم ليس هو نفسه جمهور البطولات المحلية".
وذكر سيغورا أنه سيكون هناك نوع من التنفيس الإعلامي وستتخذ إجراءات قاسية ضد مؤيدي الألتراس، ومع أنهم ليسوا المسؤولين الوحيدين عن العنف فإن إبعادهم يظل أسهل من وضع سياسة وقائية صارمة، وهو أمر مشابه لما يحدث في فرنسا حيث يتحمل الألتراس المسؤولية عن أعمال العنف والشغب في الملاعب.